غربان روسية تحلق في سماء كفرزيتا شمال حماة، تفرغ أوج غضبها على سكان الأرض هناك، فتنقض بمخالبها الحادة لتحصد عشرات الأرواح في كل مرة، هل ستتخيل كيف يكون الحال عندما تلقي طائرة روسية كل حمولتها فوق بقعة أو حي واحد ؟!!
بعد حفلة الصيد تلك سترى دماء، أشلاء، ركام ،دخان و نار، أطفال ونساء، ستسمع أصوات من دفنوا تحت الأنقاض، و آخرين يستنجدون و يبكون أجساد أطفالهم الممزقة، والكثير من المشاهد المؤلمة، العجز وحده يصف الحال، من وسط كل هذا ستجد شاب ثلاثيني، مع سيارته ” الفان ” سباقا لتقديم المساعدة، منشغل بإخلاء المنطقة عندما تتعرض للقصف، تراه يساعد في إسعاف الجرحى و نقل الشهداء بسيارته التي كرسها لخدمة وإنقاذ أبناء بلدته .
” عدنان الرجو ” ( 37عاماً )، من أبناء كفرزيتا أب لأربعة أطفال، لم يدرك عدنان و زوجته خالدية الهكا ( 35عاماً )، أنهما في التاسع و العشرين من تموز لعام 2019 على موعد مع الموت تقول ” شقيقة عدنان” .
تبدأ الحكاية بعدما أرسل عدنان و خالدية أطفالهم الأربعة، إلى بيت عمتهم في أطمة، صباح يوم الجمعة، خوفا على حياتهم، وظل الأثنان في كفرزيتا، حيث كان عدنان يعمل سائق ” فان ” يبدأ يومه بنقل الركاب على الخط الواصل بين كفرزيتا و أطمة، تروي لنا شقيقة عدنان بداية القصة قائلة : ” كان أخوي بكفرزيتا و كان ساكن بدار ابن عمي مع زوجته، و كان معه أولاده، بس قبل بثلاثة أيام، نهار الجمعة دز أولاده لهون على أطمة، و ظل هو و زوجته، بالليل كان عم يحكي معنا أنه بدو يجي الساعة سبعة ثمانة على أطمة ” .
بينما ينتظر الأبناء عودة الوالدين لإحتضانهما بعد فراق دام ثلاثة أيام، تكون الفاجعة، إذ يتحول موعد اللقاء إلى خيمة عزاء،
تعتبر كفرزيتا منطقة ساخنة، معارك و اشتباكات بين الجيش الحر و قوات روسيا والنظام، إن أجواء المدينة لا تكاد تخلو لثوانٍ من تحليق الطيران الحربي .
ما إن جلس عدنان و زوجته مع اثنين من أبناء عمومته، ينتظرون تحت أشجار الزيتون جميعا، سيارة تقلهم إلى أطمة، حتى ترصد طائرة روسية موقعهم، وتغير بصواريخها فوق رؤوسهم، لتتناثر أشلاء أجسادهم، ويسقط الأربعة شهداء، من بينهم عدنان وخالدية فارقوا الحياة، تاركين خلفهم ولدين وبنتين يترقبون موعد اللقاء الذي صار إلى يوم الآخرة .
تبكي شقيقة ” عدنان رجو ” فقد أخاها و زوجته و بصوت متعب تقول : ” تشقفوا تشقيف شو بدي أحكيلك يعني جرحنا كبير ” .
قد جاء في التقرير الحقوقي الدوري لمدينة كفرزيتا، إن المدينة خلال شهر تموز الفائت، ودعت أحد عشر شهيدا من أبنائها، جراء استهداف المدينة بشتى أنواع الأسلحة .
المركز الصحفي السوري _ رغد برغوث