دعايات النظام الحاكم في إيران تستدعي المشاهدة هذه الأيام، ونادرا ما تكون كل وسائل الإعلام في الحكومة خالية عناوينها أو نصوصها لتنقل عن مصادر تابعة لزمرالنظام العبارة التالية: «لايجب مقاطعة الإنتخابات». كتبت تلك الوسائل نقلا عن «علي خامنئي» «ليس مهما إلى من تصوت المهم مشاركتكم في التصويت».
ويعتبر هذا الأمر ظاهرة جديدة في دعايات النظام بحيث تتمايز مسرحية الانتخابات للعام الجاري عن السنوات الأخرى ويظهر مدى الحالة التدافعية والضعف التي يعيشها النظام وإصابته بالهلع من مقاطعة الانتخابات التي دعت إليها المقاومة الإيرانية، وعلى هذا الأساس نرى أن المسألة الأهم لدى الولي الفقيه ليس جلوس أحد من المرشحين الستة المؤيدين على المقعد الرئاسي للملالي بل هو كم من الناس سيذهبون إلى صناديق الاقتراع، وهل ستتم مقاطعة الانتخابات أم لا! وبما يعود الأمر إلى حقائق المشهد فإن من المسلم به سيتم مقاطعة المسرحية من قبل المواطنين ولا شك في الأمر بأن النظام يفشل حتما لأن المواطنين لديهم مشاعر الإشمئزاز والكراهية من هذا النظام برمته أكثر من أي وقت آخر وصرخوا مرارا إرادتهم لتغييره.
فيمايلي نتطرق إلى وجوه آخرى من مسرحية الانتخابات للنظام:
أولا: في الحقيقة رغم عدم وجود انتخابات حرة في إيران وتقوم الزمرة الحاكمة (علي خامنئي) في كل دورة انتخابية بعمل هندسة نتائج الانتخابات مسبقا وفي بعض الأحيان يتم ب
تلميعها بصيغة الاعتدال والإصلاح لخداع المواطنين والعالم إلا أن المواطنين لا يبالون كل مرة بالانتخابات ويتعاملون معها ببرودة بحيث لم يتجاوز الحد الأقصى لعدد الناخبين من 10ملايين. إلا أن النظام عن طريق أعمال الغش والتزوير الواسعة واختلاق الأصوات والكذب يعلن في كل مرة عدة أضعاف في محاولة للتستر على عدم شرعيته. وفي غيرها كان من المفروض قبول على الأقل مرة واحدة حضورالمراقبين الدوليين على صناديق الاقتراع.
ثانيا: يمكن أخذ مسرحية انتخابات النظام في هذا العام بمثابة استفتاء عام بحيث يظهر المواطنون بمقاطعتهم وعدم توجههم إلى صناديق الاقتراع ارادتهم القاضية بطرد النظام والمطالبة بنظام جديد وديمقراطي.
ثالثا: أعدت المسرحية مسبقا مثل ما كان عليها في الدورات السابقة بالعمل الهندسي من قبل زمرة خامنئي وتم تحديد الأرقام لجميع الناخبين حتى يتم بعد إعلانها وبعد إقامة المسرحية القول كذبا بأن المواطنين قد شاركوا فيها فلذلك يمتلك النظام الشرعية!
رابعا: هناك اتفاق مبدئي بين كلتا الزمرتين الرئيسيتين للنظام بشأن بقاء النظام وللحيلولة دون خروج الناس في انتفاضة شعبية ولديهم وحدة النظروالعمل للقمع الدامي للمواطنين بأي طريق ممكن.
إن ترديدة عبارة «أمن الانتخابات» على لسان مسؤولي النظام هذه الأيام، ليس إلا اصطفاف النظام مقابل المواطنين الذين يريدون تغييره. فلهذا قام النظام بوضع قواته المسلحة في حالة التأهب القصوى منذ أيام وتم إصدار أوامر للقمع الدامي لأية انتفاضة شعبية محتملة. وتعرف كلتا الزمرتين للنظام جيدا بوجود مشاعر السخط والإشمئزاز لدى المواطنين الإيرانيين حيال النظام برمته منذ سنوات وعند وقوع اية شرارة يغتنمها المواطنون عندئذ سيكون احتواؤها مستحيلا وسيتم إنهاء دور النظام.
خامسا: أي من المرشحين الرئيسيين الاثنين سيجلس على مقعد الرئاسة الجمهورية غير الشرعي فلن يطرأ أي تحسن في مصير المواطنين. لأن منصب الرئاسة في نظام ولاية الفقيه ليس إلا أداة بيد الولي الفقيه، وإضافة إلى ذلك سيكون موقف النظام بعد الانتخابات أضعف مما كان عليه سابقا وسيدخل اصطفاف المواطنين ضد النظام الدكتاتوري الحاكم صفحة جديدة بحيث سيبدد أحلام البقاء من أذهان النظام.
سادسا: أظهرت المناظرات التلفزيونية الثلاث بين المرشحين الستة المنتقين من قبل ولاية الفقيه جيدا سجل النظام المليء بالفساد الشامل والجرائم الواسعة التي كانت ومازالت جميع الأجنحة تساهم فيها. رغم أن كل ما طرحه هؤلاء في المناظرات كان غيضا من فيض وكما أكد اللاعبون الستة للمسرحية هناك العديد من الملفات تعمدوا في عدم فتحها.
لأن «علي خامنئي» قد حذر مرارا من فتحها ومنها ملف حقوق الإنسان ومجزرة السجناء السياسيين عام 1988 و…
سابعا: المرشحان الرئيسيان في المسرحية هما الملا الجلاد «ابراهيم رئيسي» والملا المحتال «حسن روحاني» والمرشحون الآخرون ليسوا إلا بيادق صورية وتجميلية وضعوا من منطلق الحملة الدعائية وسيتم محوهم
من الساحة واحدا تلو الآخر.
الكلام الأخير:
إذا كان أي مراقب دولي يريد الحصول على تقييم صحيح من موقف النظام والمواطنين والمقاومة الإيرانية جراء مسرحية الإنتخابات فمن الضروري أن ينظر من منظار واقعي يرى إيران يحكم فيها نظام دكتاتوري ديني مطلق قد حطم الرقم القياسي للإعدام في العالم ويرد على كل صوت معارض عن طريق الاعتقال وممارسة التعذيب والإعدام. كما في قبضته ثروات أبناء الشعب الإيراني العظيم وتثير شبكته العنكبوتية أجواء الخوف والموت على كل عائلة. ويتطلب كل هذا ألا يولي المواطنين أي اهتمام بمزاعم النظام قبل مهزلة الإنتخابات وبعدها لكونها لا تساوي شروى نقير .
ومن جانب آخر كتبت بعض وسائل الإعلام الإخبارية :« النظام الإيراني تهتز أركانه من انتفاضة المواطنين جراء الإنتخابات الرئاسية». ورغم التدابير الأمنية المشددة المفروضة من قبل نظام الملالي خلال مسرحية الإنتخابات «إلا أن المعارضة الإيرانية تخترق استحكامات الملالي» بحسب وسائل الإعلام الغربية.
غيرأن الأيام اللاحقة ستظهر من هو الفائز والخاسر في مسرحية الانتخابات؟.
عبدالرحمن مهابادي: كاتب ومحلل سياسي