نبحث بين صفحات التاريخ عن حروب تشابه ما حصل في سوريا لنستلهم منها الحلول والأفاق المستقبلية، نقلب صفحات الكتب باحثين عن حل يمكن طرحه للخلاص من دكتاتور العصر ومساعدة السوريين للبدء من جديد، نتوهم ونتوقع أحيانا بأن الحل بيد الأمريكان أو الأتراك أو العرب الباحثين عن بقاء سلطانهم وإبعاد نسائم الحرية عن مواطنيهم، ونعتقد أحيانا بأن الحل بيد الغرب الأوربي الباحث عن سلام ورخاء لشعوبه.
ندرك تماما بأن الحلول لم تعد بأيدي السوريين على الضفتين وتحولوا لأدوات يستعملها الكبار ويلهو بها الصغار وفئران تجارب يستخدمهم الهوات من السياسيين والقادة، ودخلوا كأداة في البرامج الانتخابية للكثير من الساسة حول العالم، ووصل بهم الأمر ليكونوا قراء للبيانات والكلمات التي تكتبها لهم أجهزة المخابرات.
الحلول ومفاتيحها بغالبها تتركز في يد قيصر روسيا ودكتاتورها، التي ملكت سيادة سوريا، وملكت مقومات اقتصادها وثروة شعوبها وجميع قضايا السوريين لتحتفظ روسيا بجميع مفاتيح حلول أزماتنا رهينة لحين حلول لحظة التسوية مع الغرب، وتحديداً أميركا.
يعيب بعض الساسة من المعارضة رهن سوريا ومستقبلها للروس وينسى مشاركته هو ومن اعتبرهم المنتفضين على الأسد ممثلين لهم دورهم بهذا الرهن، يتناسون كم الخذلان وصراع المصالح التي خاضوها ليصلوا بسوريا لتكون رهينة لقوى لا تبغى سوى مصالحها ومصالح شعوبها، الجميع ساهم بهذه النتيجة المحزنة، يجب أن لا نلوم روسيا وبعض الأطراف المستفيدة من الوضع السوري، يجب أن نعيب أنفسنا، فالجميع لأننا لم نرفع الصوت أعلى في وجه روسيا ودول أخرى أٌقل سطوة من الروس في سوريا، لم نطالب بأن لا تكون مأساتنا هي موضوع الصراع الروسي الغربي.
يجب أن نعيب أنفسنا لأننا لم نبذل الجهد الكافي لتنظيم أصواتنا وقدراتنا في وجه من لديه مفاتيح حلول أزماتنا، فالأصوات المنظمة هي القادرة على اختراق انسدادات الواقع.
فالجميع يكتفي بالشكوى واللوم وتكرار الجملة التي اعتاد عليها الجميع ” ليس بيدنا حل لم يعد الأمر بيدنا ” سلمنا المسلم وتنازلنا عن الكثير مقابل القليل، تركنا ركائز الفساد وأدوات الطغيان على كلا الطرفين، نسينا بأن للقضاء على الفساد لابد من الإصرار على قطع رأسه، والسعي لتهيئة الظروف لاستقلال سلطة القضاء، وتقليل سلطة العسكر، والدفاع عن الإعلام المستقل الذي هو الضامن للحفاظ على المكتسبات التي حققتها ثورة الشعب، وهو صمام الأمان الذي يمنع ضعاف النفوس من التنازل عن الحقوق، في شمال سوريا الوضع أفضل قليلا من مناطق سيطرة النظام، فالمطلوب من الجميع اليوم في كل مكان التوقف عن انتظار الحلول من الأخرين، والبدء بمناصرة الإعلام الحر والقضاء النزيه والدفاع عنه، والعمل بصدق لتنظيم الأصوات والطاقات فهي الخطوة الأولى لإعادة مفاتيح الحل للسوريين.
مقال رأي/ أكرم الأحمد