لا شك أن فيروس “كورونا” المتجدد بات يسبب صداعاً للمسؤولين والحكومات حول العالم، فلا أحد يعرف مصدره وسبب تواجده ولا أحد متيقن من كيفية انتشاره المخيفة حول العالم، والأنكى أن لا أحد يملك علاجا له حتى الآن.
طبعاً هناك أمراض حول العالم كانت سببا في فتك المواطنين وفي الوفيات منذ مطلع العام الجاري أكثر بكثير مما تسبب به “كورونا” حتى الآن، ومنها حالات الانفلوانزا العادية، والتي تعد مشابهة في أعراضها لما يصيب حاملي فيروس “كورونا”، لكن خطورة الأخير تكمن في غموضه وسهولة انتقاله من المصابين الى الاصحاء، ولهذا أصبح “الهوس” والارتياب والوسوسة مسيطراً على الكثيرين في محاولة لمنع وصول الفيروس اليهم، ليشاركهم في ذلك بعض الحكومات والهيئات التي باتت تفكر في احتياطات عدة للوقاية من هذا الوباء.
حتى كتابة هذه السطور، بلغ عدد المصابين حول العالم 139 ألفا و157 حالة، وعدد الذي توفيوا من هذا الفيروس 5349، أي بمعدل أقل من 4% من مجموع المصابين، لكن في المقابل لم يذكر كثيرون، ولا تركز وسائل الاعلام او القنوات التليفزيونية على الذين تعافوا من هذا الفيروس، حيث بلغ العدد 70 ألفا و361 متعافياً بعد اصابته، أي بنسبة أكثر من 60%، وهو الذي يجب أن نركز عليه في صراع البشرية مع هذا الفيروس، حتى وان كان مفتعلاً أو من خلفية مجهولة.
في عالم الرياضة سيكون الخطر محدقاً بالجميع، كون كل الألعاب المختلفة تجمع بينها وجود جماهير مشجعة لفرقها، وهذا يعد أسهل الطرق لانتقال العدوى وانتشار الفيروس، بين أكبر عدد ممكن من الأفراد من أماكن مختلفة، ولهذا كان الحذر طاغياً، وقاد الى عمليات كبيرة من التأجيل والالغاء لمسابقات رياضية عدة، خصوصاً بعد اصابة عدد من المشهورين في هذا الألعاب، مثل كرة القدم، حيث أصيب مدرب أرسنال ميكيل أرتيتا ونجم تشلسي الصاعد كالوم هودسون أودوي ومدافع يوفنتوس دانييل روغاني، لكن جميعهم بخير وصحة وعافية، ومع ذلك قادت هذه الاصابات الى تجميد نشاط الدوريات الكبرى في أوروبا، مثلما فعل الفيفا واليويفا بتجميد مسابقاتهما، لكن دورة ألعاب ضخمة كأولمبياد طوكيو التي من المفترض ان تجرى الصيف المقبل، لم يتطرق الى الغائها أو تأجيلها، لانها ستعد كارثة مميتة لاقتصاد البلاد، حيث كلف الاستعداد لهذه الألعاب أكثر من 12.5 مليار دولار، وأي تأجيل بالاسابيع سيكون محسوب المخاطر وقريبا من الهاوية، ولكن أي تأجيل بالشهور أو الالغاء سيعني قمة الكوارث لبلد موبوء بالفيروس، وكانت مشاكله السابقة تتعلق بحرارة الطقس والخوف من الزلازل الكبيرة المدمرة.
في عالم كرة القدم الاوروبية، وبعد قرارات تأجيل الدوريات المحلية، بات من المحتمل، وهو أسوأ سيناريو ممكن، أن يتم شطب الموسم بأكمله، وهذا قد يقود الى كوارث اقتصادية على بعض الأندية، وعلى كوارث معنوية، على أخرى مثل ليفربول الذي بات على مشارف احراز لقب الدوري الانكليزي الأول منذ 30 عاماً. لكن الأندية بشكل عام في أوروبا صارعت من أجل منع خيار اللعب بدون جمهور، في حين صارعت الاتحادات لمنع الخيار الثاني وهو التأجيل، لانه سيكدس الموسم المزدحم أصلاً وسيمنع انهاء الموسم في اي وقت مناسب. لكن سبب رفض الاندية لخيار اللعب بدون جمهور، كونه سيخنقها مادياً، فكل الأندية تعتمد اساساً في مداخيلها على 3 وسائل، الأول المكافآت والجوائز النقدية من المسابقات التي يشارك فيها النادي، ومنها المداخيل التي تأتي من حقوق البث التلفزيوني، والثاني مداخيل الدعاية والتسويق والرعاية، والثالث والاهم هو المداخيل من الحضور الجماهيري لمبارياته، والتي تتعلق ببيع بطاقات الحضور وبيع منتوجات النادي، واذا وافقت هذه الأندية على خيار اللعب خلف أبواب موصدة، فان ثلث مداخيلها ستتلاشى. لكن الاتحاد الاوروبي لكرة القدم (يويفا) سسيجتمع بعد غد الثلاثاء لأخذ قرارات قد تكون حاسمة، وأبرزها تأجيل اقامة نهائيات “يورو 2020” لمدة عام، لتصبح “يورو 2021″، وبالتالي سيسمح لمنافسات الدوريات المحلية والمسابقتين الأوروبيتين المؤجلة بالسريان خلال أسابيع الصيف، وبغضون 6 أسابيع يمكن اكمال وانهاء الموسم.
سيبقى القول ان “صحة البشر أهم من كل شيء”، مثلما سيبقى العلم هو السلاح الناجع لمكافحة هذا الوباء وليس “الهوس” في التعامل مع الامر، عفى الله الجميع.
نقلا عن القدس العربي