الولايات المتحدة الأمريكية تفتح من جديد ملف الأسلحة الكيماوية التي يمتلكها النظام، ليعود الجدل حول إمكانية استخدامها بهجمات ممنهجة من قبل النظام وداعميه ضد المدنيين من جديد، كما استخدمها في شهر نيسان الماضي ضد المدنيين الأبرياء في مدينة خان شيخون، وذكرت مصادر أمريكية رسمية أن وزارة الدفاع الأمريكية رصدت مؤخراً تحركات مشبوهة داخل مطار الشعيرات، الذي سبق وأن قصفته إدارة الرئيس الأمريكي الحالي “دونالد ترامب” في شهر نيسان الماضي نفسه من هذا العام، رداً على قيام النظام السوري باستهدافه المدنيين بغاز السارين القاتل في مدينة خان شيخون، والتي أوقعت عشرات الضحايا، وذكرت المصادر الأمريكية أن هذه التحركات تشير إلى نية النظام من جديد بإعادة شن هجمات كيماوية في سورية..
إذن ملف الأسلحة الكيماوية التي لم تسحب من النظام بالكامل على مايبدو، يعود ليوتر العلاقات من جديد بين كل من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في الغرب من جهة، وبين روسيا وإيران والنظام السوري من جهة آخرى، حيث أرسلت مبعوثة الولايات المتحدة الأمريكية رسالة حادة اللهجة إلى النظام وداعميه، مفادها أن النظام السوري سيدفع ثمناً باهظاً إذا ما أقدم على استخدام الأسلحة الكيماوية من جديد، بل وسعت “هيلي” نطاق التهديد بالقول:”إن التحذيرات الأمريكية ليست للنظام السوري فحسب، بل هي موجهة إلى روسيا وإيران أيضاً”.
في ضوء هذه التهديدات الأمريكية للنظام السوري وروسيا وإيران في حال استخدام الكيماوي، برز دور موسكو الذي اقتصر على رفض التهديدات الأمريكية كالعادة، واستنكار كلام المسؤولين الأمريكيين اتجاه نظام الأسد، لنعود ونقف من جديد أمام موجة تصعيد كلامية من الممكن لها أن تبقى محصورة ضمن مجال التحذيرات كما يراها البعض، ومن الممكن لها أن تكون بداية جديدة لمرحلة قادمة قد تنفذ فيها واشنطن وحلفائها هجمات ضد النظام ومصالح روسيا وإيران في سورية على نظاق أوسع من السابق.
فبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية التي سبق وأن نفذت هجمات ضد أهداف عسكرية تابعة للنظام على غرار الهجمات الصاروخية ضد مطار الشعيرات، وأرتال عسكرية مشتركة لقوات النظام السوري والمليشيات الطائفية المتحالفة معه في البادية السورية بالقرب من معبر التنف، يبدو أن لهجتها الحادة الجديدة هي قابلة للتنفيذ في أي وقت كان مستقبلاً، خصوصاً مع اقتصار الدور الروسي على الشجب والتنديد والاستنكار، دون رد رادع دفاعاً عن مصالح حليفها في دمشق.
فالخط الأحمر الذي وضعته الولايات المتحدة منذ عهد إدارة الرئيس السابق “باراك أوباما” حول استخدام الأسد للسلاح الكيماوي، مازال موجوداً بشكل أو بآخر، رغم محاولة النظام السوري تعدي هذا الخط مرتين عندما هاجم التجمعات السكنية بغاز السارين القاتل في كل من الغوطة الشرقية في عام 2013م، ومدينة خان شيخون في ريف إدلب الجنوبي في شهر نيسان من العام الحالي، وفي كل مرة يكون الرد خجولاً إما بدعوى نزع السلاح الكيماوي من يد النظام، أو بعمل عسكري محدود ضد مطار الشعيرات الذي أقلعت منه الطائرة التي نفذت الهجوم الأخير، ولكن بالمحصلة مازال التحذير قائما، ومازال الخط الأحمر موجود، ومازال ملف الكيماوي هو ورقة ضغط تستخدمها جميع الأطراف، وتلوح بها بما يلبي مصالحها على حساب فاتورة الدم الباهظة التي دفعها السوريون وحدهم.
هناك من يراهن على جدية التهديدات الأمريكية، ويعتبر أن الخط الأحمر ليس مجرد كلام وهمي يطلق في الهواء، لكن تصرفات النظام الرعناء التي تغطيها موسكو بمظلة سياسية ستجبر الولايات المتحدة الأمريكية يوماً ما على استخدام القوة العسكرية ضد النظام السوري، وهذا ما أكده الرئيس الفرنسي “ماكرون” على أن بلاده متفقة مع الولايات المتحدة الأمريكية حول القيام بعمل عسكري مشترك ضد النظام السوري، في حال شن هجمات كيماوية جديدة ضد المدنيين السوريين في مناطق أخرى، وأيدت بريطانيا أيضا موقف كل من البلدين.
وكما نعلم أن منظومة ما يعرف بالمجتمع الدولي، أو لنكن دقيقين المنظومة الأوروبية هي دائما تتبع المواقف الأمريكية المتغيرة مع الزمن، لذلك تشير هذه التهديدات الأخيرة التي خرجت من أفواه المسؤولين فجأة بناء على مشاهدات فعلية في غمرة ما يحدث في سورية من تشابك للخطوط العسكرية على الأرض، أن هناك شيء ما يرتسم بالأفق بناء على ملف الكيماوي، فهل تكون مجرد شماعة جديدة لبداية الانقضاض الأمريكي؟
أم أن النظام السوري وروسيا وإيران يخططون فعلاً لشن هجمات كيماوية جديدة لتحدي العالم من جديد؟!
المركز الصحفي السوري – حازم الحلبي.