مع عودة العام الدراسي وبدء التلاميذ والطلاب في المناطق المحررة الدوام الرسمي في مدارسهم, بدأت تلوح في الأفق بعض الآمال التي تشوبها أيضا بعض الهموم والمشاكل, تتعلق الآمال برغبة التلاميذ الحقيقية بالتعلُم الجاد في مدارس مدنهم وبلداتهم المحررة, والتي باتت فيها المناهج خالية من إيديولوجية الفكر الشمولي, والتمجيد المنقطع النظير”للشخص الأوحد” الذي يمثل الأب الروحي للحرفيين والعمال والكادحين والمعلمين, بل وحتى الطلاب والتلاميذ, خالية من المنطلقات النظرية في فكر “البعث” والأحزاب الاستبدادية التي تدور في كنف البعث وسواها من “الجبهات القومية الوطنية”, حيت كانت تدرس ولعقود عديدة بما يعرف مادة “التربية القومية الاشتراكية”.
آمال تتعلق برغبة الأهالي والمعلمين والتلاميذ ببدء مرحلة تعليمية جديدة تؤسس لمرحلة أكثر عمقا وتطورا للتعليم في سورية المستقبل, بعيداً عن هيمنة البعث والنظام على جميع المؤسسات التربوية والتعليمية وخصوصاً في شق المنظمات البعثية “كمنظمة شبيبة الثورة”, ومنظمة طلائع البعث”.
ولكن, لو نظرنا لموضوع التعليم بزاوية أخرى, سنجد فعلاً أن هذه الرؤية المستقبلية التفاؤلية, تشوبها بعض الهموم والمشاكل والمخاوف التي يجب أن نفرد لها بعض الأسطر القليلة في سبيل التذكير بها من أجل العمل على تلافيها.
يحدثنا “أمجد قرقناوي” وهو مدرس لمادة التربية العربية من ريف إدلب الجنوبي:” قطاع التعليم في سورية, هو من أكثر القطاعات التي تأثرت بظروف الحرب, وذلك نتيجة لاستهداف المدارس من قبل الطائرات الحربية, ومع دخولنا بالشهر الأول من هذا العام الدراسي, لاحظنا إقبالا جيد من قبل التلاميذ والطلاب, ولكنه إقبال مصحوب بالحذر والخوف من قبل الأهالي تحديداً, وبالحديث عن واقع العملية التعليمية حاليا, هو واقع يعاني من العديد من المشاكل, أهمها كثرة تنقلات الطلاب بين الأرياف واختلاط أوراقهم مما يسبب إرهاقا واضحا لكل من الكادر الإداري والتدريسي, بالإضافة لإرهاق الطالب نفسه, فضلا عن رحيل العديد من المدرسين وهجرتهم إلى خارج البلاد, حيث خلَفوا فراغا كبيرا, أصبح من الصعب إيجاد الكفاءات البديلة كالكفاءات السابقة, إضافة إلى تعدد التجارب التربوية والتعليمية وتعدد مصادر دعمها, فمنها معاهد تابعة لجمعيات وأخرى لمنظمات ومنها لهيئات كوزارة التعليم الحرة, هذا يسبب تشتت لنا وللطالب في جمع التعليم في منهاج واحد بعيدا عن المنهاج السابق الذي كان يدرسه النظام في مدارسه”.
وفي كل دراسة أو استطلاع رأي عن أي أمر يهم السوريين, لابد لنا من أن نشمل جميع الآراء المتعلقة بالقضية الواحدة, لذلك توجهنا بسؤالنا هذا لأحد أهالي التلاميذ, وهو السيد “موفق خميس” أحد سكان قرى جبل الزاوية, حيث قال:” أفرح كثيراً, عندما أرى أطفالي الثلاثة يغادرون المنزل صباحا ليتوجهوا إلى المدرسة, ولكن كثيرا ما يقض الخوف مضاجعي من استهداف الطائرة الحربية للمدرسة التي تعلمهم, أنا من وجهة نظري, أنا أي منهاج يتم تدريسه في مناطقنا بعيدا عن المنهاج الذي يخص النظام سابقا وخصوصا في مادة التربية القومية هو منهاج نطمح إلى تطويره مستقبلا, ولكن أقولها وبصراحة نحن نعيش حالة من الفوضى جرّاء انقسام التلاميذ والطلاب بين مدارس النظام ومدارس “الثورة”, فعلينا البت في هذه المسألة بشكل نهائي, إلى جانب ضعف خبرة العيد من الكوادر التي تشرف على تعليم أبناءنا, حيث يتم تأهيل المعلم لأشهر فقط ويكون صغير السن وضعيف الخبرة لتدريس مادة كاللغة الإنكليزية مثلا!, فضلاً عن تعدي الكثير من الأشخاص الغير مجازين على سلك التعليم بصفة “معلمين”, لا أدري كيف سينشأ جيل متعلم في ظل هكذا نوع من الفوضى؟!”
ورغم كل ذلك, وإلى جانب كل تلك المخاوف والهواجس الكبيرة من الأهالي وبعض المعلمين من مستقبل التعليم في المناطق المحررة, يصر الطلاب والتلاميذ على الالتزام بالدوام المدرسي في هذا العام, و متعطشين إلى الاستمرار بملأ المقاعد الخشبية في مدارسهم الحرة.
المركز الصحفي السوري-فادي أبو الجود.