بالنسبة لـ “أبو جعفر” البالغ من العمر 43 عامًا ، أصبح البقاء على قيد الحياة معركة يومية. وهو لاجئ سوري نزح بسبب الصراع، ويعيش الآن في شوارع بيروت مع أطفاله الخمسة. وبعد أن فقد كل شيء في الحرب عدة مرات، يتوق للعودة إلى سوريا، لكن يبدو أن الطريق إلى الوطن مستحيل. قصته هي قصة يأس في مواجهة مصاعب لا يمكن تصورها.
الهروب المفاجئ من المنزل
يقول أبو جعفر:”كان القصف من حولنا مكثفًا. تضرر منزلي بشدة. اضطررنا إلى إخلاء المكان فجأة، ولم نستطع أن نأخذ معنا أي شيء. بعد أن غادرنا، سُوي المبنى بالكامل بالأرض، وفقدت كل ما أملكه”. في غضون ساعات، تغيرت حياة أبو جعفر بشكل لا رجعة فيه. ومثل كثيرين غيره، اضطرت عائلته إلى الفرار دون سابق إنذار، تاركة وراءها ذكريات ومنزلاً وشعوراً بالأمان.
لسنوات، كان لبنان يوفر له ولأولاده ملاذًا من الحرب الوحشية في سوريا. ولكن الآن، حتى هذا الملاذ يبدو هشًّا. فقد تحولت الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث كان يبحث ذات يوم عن مأوى، إلى ساحة معركة جديدة. ولم يكن أمامه خيار سوى الفرار مرة أخرى، وهذه المرة إلى الشوارع.
وباعتباره أبًا وحيدًا، فإن أطفال أبي جعفر، الذين تتراوح أعمارهم بين عامين و15 عامًا، يعتمدون عليه في كل شيء. “أنا هنا منذ 15 يومًا”، يقول وهو يشير إلى الزاوية الصغيرة من الرصيف حيث كانت عائلته تنام. “ليست كل الملاجئ تقبل السوريين، وليس لدي ولأطفالي مكان نذهب إليه”.
يقترب الشتاء، والشوارع لا توفر سوى القليل من الحماية ضد البرد، يقول أبو جعفر: “لا أعرف كيف سنعيش. ليس لدي حتى المال لشراء الطعام.” إن اليأس واضح في صوته. فبدون القدرة على الحصول على المأوى أو الطعام أو الضروريات الأساسية، فإن أطفال أبو جعفر معرضون لخطر الجوع والمرض. ومع ذلك، فهو يظل صامدًا من أجلهم، رافضًا الاستسلام.
قبل الضربات الأخيرة التي دمرت حياته مرة أخرى، كان أبو جعفر يعمل لتوفير احتياجات أسرته، “لقد فقدت وظيفتي لأن الإضرابات دمرت المكان الذي كنت أعمل فيه”، كما يقول. مثل العديد من اللاجئين السوريين في لبنان، واجه صعوبة في العثور على عمل مستقر، وغالبًا ما كان يلجأ إلى العمل غير الرسمي لتغطية نفقاته. ولكن الآن، حتى هذا المصدر الضئيل للدخل اختفى، “أتمنى لو كان لدي ما يكفي من المال للعودة إلى سوريا”، كما يقول. “لكن لم يتبق لنا أي شيء هناك أيضًا”.
يتألم قلبه على وطنه، لكنه يدرك الواقع. فالقليل الذي بقي له في سوريا قد ذهب الآن، ولبنان، الذي كان يقدم له الأمل ذات يوم، أصبح مكانًا للشك الدائم.
لا يوجد مخرج
وتعكس قصة أبي جعفر قصص عدد لا يحصى من اللاجئين الذين تقطعت بهم السبل بين عالمين. فهم غير قادرين على العودة إلى سوريا بسبب الدمار الاقتصادي، لكنهم يواجهون أيضًا تحديات متزايدة في لبنان. ويعيش اللاجئون مثل أبي جعفر في حالة من الغموض، بين الماضي الذي فروا منه والمستقبل غير المؤكد.
“كان لبنان ملاذنا الآمن، فكيف حدث هذا؟ لقد دمروا كل شيء” وتتحدث كلماته عن الخيانة التي يشعر بها العديد من اللاجئين الذين، بعد سنوات من النجاة من حرب واحدة، يجدون أنفسهم الآن في أزمة أخرى – أزمة الفقر والنزوح والتمييز.
مع برودة الأيام، يتمسك أبو جعفر بالأمل. في الوقت الحالي، ينتظر هو وعائلته – على أمل الحصول على مأوى، وعلى أمل الحصول على وجبة طعام، والأهم من ذلك كله، على أمل مستقبل أفضل. ولكن بالنسبة للعديد من أمثاله، ينفد الوقت مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان واقتراب فصل الشتاء.
عن موقع منظمة Anera “أنيرا” 3 تشرين الثاني نوفمبر 2024.
My brother suggested I might like this website He was totally right This post actually made my day You cannt imagine just how much time I had spent for this information Thanks
Your blog is a testament to your dedication to your craft. Your commitment to excellence is evident in every aspect of your writing. Thank you for being such a positive influence in the online community.
Your blog is a beacon of light in the often murky waters of online content. Your thoughtful analysis and insightful commentary never fail to leave a lasting impression. Keep up the amazing work!