لا يزال النظام السوري يواجه تخبطاً في آليات تنفيذ اجراءات الحجر ومنع التجول جراء وباء كورونا، وعلى مدى الأيام الماضية بدت انعكاسات ذلك في مدن سورية عدة.
وكانت مظاهرة اللاذقية التي خرجت مؤخراً اعتراضاً على قرار المحافظة بنقل سوق الخضار، إشارة هامة عن الأزمة التي يواجهها النظام في أحد معاقله، اذ تعاني مناطق موالية للنظام عموماً اوضاعاً معيشية صعبة، منذ سنوات، وما أجل ظهور أصوات الجياع في مناطق موالية له لحد الآن، هو أن الصوت كان للرصاص.
وتبدو أهمية مظاهرة اللاذقية بأن المحتجين هم من الطائفة العلوية، الموالية عموماً للنظام، وقد رددوا عبارات مؤيدة للرئيس السوري لإثبات ولائهم ولمنع الأجهزة الأمنية من التصدي لهم، وبسبب حساسية الوضع في اللاذقية فقد حاول إعلام النظام امتصاص الغضب الشعبي، بتغطية متلفزة للاحتجاجات بدون أن يطلق عليها عبارة «مظاهرات». ويبدو أن النظام، حسب مراقبين استطلعت «القدس العربي» آراءهم، سيعود لإشغال الرأي العام وإخماد صوت الجياع من طائفته، بتصعيد التوتر في إدلب ومواصلة هجماته بأقرب وقت ممكن. وقد واصل النظام السوري تنفيذ قراره المتعلق بحظر التجول داخل مناطقه في المدن السورية، وذلك بعد اعترافه بتفشي وباء كورونا، وتسجيل إصابات ووفيات، رغم تجاهله تنفيذ أي إجراءات سابقة، بزعم أن مناطقه خالية من هذا الوباء.
وأتبع النظام السوري قرار حظر التجول الأخير، بقرارين آخرين، أحدهما نص على حظر التجول حتى في أيام العطلة (الجمعة والسبت)، والآخر نص على حظر السفر والتنقل بين المدن السورية.
وقالت مصادر محلية وسكان محليون في حلب لـ»القدس العربي»، إن «ميليشيات النظام السوري وعلى رأسها ما كان يعرف سابقاً باسم (الدفاع الوطني) وبحماية من ميليشيات (آل بري)، مارست طقوساً مهينة على المدنيين خلال انتظارهم على طوابير الخبز، حيث قام هؤلاء بضرب وإهانة العديد من الأشخاص بالطابور، حيث يتم التحكم في أولوية المنتظرين في الطوابير وفق رغبة الميليشيات وقيمة الرشى المدفوعة».
يقول (محمد.ن) وهو أحد المدنيين الذين تعرضوا للإذلال على طابور للخبز في حلب لـ «القدس العربي»: «ما يجري في المدينة وما تسميه ميليشيات النظام السوري (تدابير أمنية)، حيث يقول المواطن انه وعلى العلن يقوم هؤلاء «أعضاء الميليشيات» بإزاحة أي شخص من (الدور) ليتم إعطاؤه لغيره، رغم أنني جئت قبل الشخص الذي حصل على الخبز بساعات».
ويروي محمد ما جرى معه قبل أيام قائلاً: «كنت أحاول الحصول على ربطتي خبز من سيارة المعتمد التي جاءت إلى الحي الذي أقطن فيه في حلب، وبينما تبقى أمامي شخصان فقط، قام أحد مسلحي الميليشيات بإبعادنا نحن الثلاثة ليحصل على الخبز ويعطيه لشخص كان في آخر (الدور)، وذلك لقاء مبلغ مالي قدمه ذلك الشخص للشبيح».
وأضاف: «في اليوم التالي حاولت معرفة قيمة التعرفة المخصصة كـ(رشوة) للحصول على الخبز، فتبين أنها (دولار واحد) او ما يعادل 1200 ليرة سورية، وهو مبلغ كبير بالنسبة لنا، حيث وقفت وانتظرت في الدور بدون دفع أي نقود، وتكررت الحادثة مراراً، حيث حول الشبيحة طوابير الخبز إلى مصدر رزق يحصلون من خلفه ما يعادل 100 ألف ليرة سورية يومياً من كل سيارة خبز».
ومن حلب إلى حماة، شهدت المدينة عمليات سرقة واسعة طالت عشرات المحلات في أسواقها الرئيسية دون معرفة الجناة، في وقت تلاحق فيه ميليشيات الأسد أي شخص يخرق حظر التجول. حيث تحدثت مصادر إعلام موالية، عن سرقة 20 محلاً في المدينة موزعة بين سوقي (الطويل والدباغة)، وتركزت بشكل خاص على محلات تبيع الألبسة والأدوات المنزلية، حيث استغل اللصوص تنفيذ الأهالي وأصحاب المحلات لقرارات حظر التجول وخلو الشوارع من المارة في تنفيذ سرقاتهم، بدون أن تنجح القوى الأمنية من حماية المحلات التجارية خلال حظر التجوال أو القبض على الفاعلين لحد الآن. وكان مقطع مصور قد أظهر ضبط أحد المواطنين في العاصمة دمشق خارج منزله خلال ساعات حظر التجول، ويظهر مسؤول الدورية وفقما عرضه الشريط بالقول: (روح مع الشباب عالفرع وهنن بزبطولك أمورك)، وهو ما أثار انتقادات واسعة .
نقلا عن: القدس العربي