أكثر من مليونين ونصف المليون طفل سوري خارج حدود التعليم بمختلف مستوياته الدراسية، وماتبقى منهم يعاني الويلات في سببل الحصول على حقه في التعليم، وبسبب ماتمر به البلاد، دفع البلاد العربية والأوربية لعدم الاعتراف بشهادات التحصيل العلمي لديها.
فهل هناك المزيد من المعاناة المكتوبة على كاهل الشعب السوري في أبسط حقوقه؟
هنا ليس ببعيد عن سلطات الأمر الواقع التي تحكم المناطق السورية.. مامصير التعليم؟
الكثير من أبناء هذا الجيل يقف على حافة الجهل بسبب تعدد واختلاف القائمين على العملية التعليمية وضعف الاهتمام بها، بعدم جعلها أولى أولويات سلطات الأمر الراقع.
ومن هنا.. في الشمال السوري، كيف كانت رحلة التعليم؟
محمد فتىً لم يتجاوز ال17 عاماً يحكي قصته المؤلمة برحلة التعليم التي عاشها خلال عشر سنوات الثورة.
كان عمره حين انطلقت الثورة سبعة أعوام، أي عمر تلميذ الصف الأول من المرحلة الابتدائية، كان قد بدأ بشغفٍ مستقبله التعليمي، لكن الفرحة لم تكتمل حين اضطر بسبب القصف أن بكمل الفصل الثاني من العام الدراسي في منزله، فخوف الأهل على ابنهم منعهم من إرساله إلى المدرسة.
ورغم أن منزل محمد لم يسلم أيضاً من القصف والتدمير إلا أنه استطاع أن يتجاوز الصف الأول بنجاح.
لكن اشتداد القصف دفع أهل محمد إلى إيقاف ابنهم عن التعليم بعدم إرساله إلى المدرسة لتدور السنين ويصبح عمر محمد 13 عاماً إلا أنه عملياً مازال في الصف الثاني.
ومع تكرار النزوح والتهجير فقد محمد أوراقه الثبوتية التي تؤهله للعودة إلى المدرسة، ففي لحظات الهروب من الموت لم يفكر الأهل إلا بسلامة أبنائهم.
وصل أهل محمد إلى الشمال السوري ليجدوا أنفسهم في خيمة ينتظرون سلة الإغاثة، يواجهون “كسائر أهل الخيام” رحلة البحث عن حياة تحقق أدنى حدود الكرامة والأمان.
أقلت الضغوط والمعاناة كاهل محمد ليجد نفسه وهو ابن 15 عاماً في إحدى ورشات العمل يكدّ ويشقى في سبيل تحصيل لقمة عيش كريمة لعائلته.
لم يكن حال الفتيات الإناث بأفضل من حال محمدٍ وأقرانه، فما يزيد من معاناة الفتيات أنهن إناث لا يملكن حق التعليم في مجتمعهن المنغلق الذي يحرم الفتاة من إكمال تعليمها في الأحوال الطبيعية المستقرة، فكيف في ظروف الحرب والتهجير!!
وما يزيد من معاناة الفتيات ليس فقط حرمانهن من حقهن بالتعليم، إنما بإجبارهن على الزواج المبكر.
الخوف من الأوضاع الأمنية والنزوح المتكرر وسوء الأوضاع المادية، وانتشار ظاهرة الخطف، والانفلات الأمني وصعوبة الاندماج بالمجتمع بين النازح والمضيف وفقدان الثقة بينهما، جميع ماذكر كانت أسبابا قوية حالت دون التحاق الأطفال بالمدرسة، فإن التحق عدد جيد بالمرحلة الابتدائية فلن يكون الحال كمثله بالمرحلة الإعدادية، والأكثر سوءًفي الثانوية.
أما من حالفه الحظ بتجاوز المرحلة الثانوية، يبدأ رحلة جديدة من الكفاح لإكمال تعليمه الجامعي من تأمين رسوم الجامعة إلى تكاليف المواصلات والكتب والوسائل اللازمة.
فهل بات حلم التعليم بعيداً إلى هذا الحد؟
وهل أصبح حق الفرد في البقاء في وطنه والتعلم به يشقيه؟
خديجة الدرويش
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع