أفادت بعض مراكز الأبحاث والدراسات أنّ نظام الأسد صادر أملاك الأهالي ونقل ملكيتها لعناصر الميليشيات المدعومة من قبل إيرانيين من خلال سنّ بعض القوانين التي تمكّنه من ذلك، لوقوفهم إلى جانبه في وجه الثورة ومطالب الناس مما يشكّل تجاوزاً للقوانين والأعراف الدولية التي تحمي حقوق الملكية، حسب وصفهم.
وبالفعل بدأ النظام توقيع عقود مع شركات تطوير عقاري محلية وإيرانية وروسية تسعى إلى إحداث تغيير ديمغرافي في بنية السكان مدعومة بميزات تفضيلية و قانونية، كقانون التطوير العقاري رقم 10 للعام 2018، ومرسوم تنظيم مدخل دمشق الشمالي للعام 2021، الذي فتح الباب على مصراعيه أمام مصادرة أملاك المهجرين من خلال تحديد مدة ثلاثين يوماً فقط، لإبراز وثائق الملكية، مع العلم أنه ووفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين، يقدر عدد السوريين الذين نزحوا داخلياً أو لجأوا خارج البلاد أكثر من 12 مليون سوري، وهؤلاء لن يتمكنوا من تقديم وثائق ملكيتهم للعقارات ما يعني مصادرة أملاكهم في نهاية الأمر.
القانون رقم 10 مدخل لسلب الحقوق العقارية
نص القانون على تحويل المناطق إلى مناطق تنظيمية خلال أسبوع من صدور المرسوم، وعلى المالكين تقديم إثبات الملكية خلال 30 يوماً، وإلا لن يتم تعويضهم وستعود ملكية العقار إلى البلدة أو المدينة الواقع فيها العقار ولم ينص القانون على حق الطعن في القرار.
وفي حال تعذر على المالك تقديم الإثباتات بنفسه فقد نص القانون على أنه يمكن لبعض أقربائه أو وكيله القانوني التقدم عوضاً عنه، على أن يثبت الأقارب أنّ المالكين لا يمكنهم تقديم الادعاء بأنفسهم بالإضافة إلى ذلك على الوكلاء المعترف بهم قانوناً أن يكونوا معينين من قبل مالكي العقار، إلى جانب الحصول على التصاريح الأمنية.
بعد أن يثبت المالكون حقوقهم بالوثائق فهم أمام إحدى ثلاث خيارات، إما أن يتم تسجيل المقسم باسمهم أو يتم بيع حصصهم ضمن مزاد علني، أو يتم إنشاء شركة مساهمة وعلى المشتركين في مقسم في المنطقة التنظيمية الاتفاق على خيار واحد، وهو أمر متعذر إذا كان بعض المالكين للعقارات هم من المهجرين أو النازحين إلى مناطق خارج سيطرة النظام.
القابون وحرستا نموذج لمصادرة الأملاك على القانون رقم 10
أصدر رأس النظام السوري المرسوم رقم /237/ بتاريخ 14/9/2021 المتضمن إحداث منطقة تنظيم مدخل دمشق الشمالي، تشمل 200 هكتار (2 مليون متر مربع) من منطقتي القابون وحرستا في محافظة دمشق، وتقوم على هدم أكثر من 70 بالمائة من مساحة حي القابون والباقي من مساحة منطقة حرستا، وذلك لإقامة مشروع يضم عدة أبراج سكنية وتجارية وخدمية.
فيما تجاهل نص المرسوم الإشارة إلى أنّ التنظيم سيكون تحت مفعول القانون رقم 10 لعام 2018 صراحة، نظراً للضجة والنقد التي أحدثها هذا القانون بعد صدوره عام 2018 على الرغم من أنّ الإجراءات المنفذة هي من القانون نفسه.
رأي قانوني
يقول الخبير في القضايا العقارية القاضي “ناصر الحسن” إن مرسوم إحداث منطقة تنظيم عقاري في القابون وحرستا، سيكون له آثار ومخاطر على النازحين واللاجئين من أهالي المنطقتين، حيث سيتعذر حضورهم إلى الدوائر واللجان المعنية بمتابعة تثبيت ملكياتهم العقارية بسبب الظروف الأمنية ومخاطر الاعتقالات في دمشق، إلى جانب فقدان وضياع الكثير من المستندات القانونية ( حكم المحكمة – وكالة كاتب العدل-..الخ).
أضاف الحسن أنّه سيتم حرمان النازحين واللاجئين من سكان الحي من الحصول على سكن بديل، لأن القانون رقم 10 ينص على أنّ تأمين السكن يشمل المقيمين قبل صدور المرسوم فقط، بالإضافة إلى شبكات الفساد والاحتيال وغياب الرقابة على مؤسسات الدولة مما يزيد من فرص خسارة المالكين لحقوقهم العقارية، على حدّ تعبيره.
لفت الحسن إلى أنّ آثار هذا المرسوم ستشمل حقوق جميع المالكين والشاغلين، حيث سيفقدون جزءاً لصالح المرافق العامة كما سيفقد أصحاب العقارات والمحلات والمباني التجارية والصناعية حقوقهم ومحالهم التي ستتحول إلى أسهم وسيكون توزيع المقاسم تحدياً كبيراً أمام المالكين وأصحاب الحقوق، فقد تكون أسهمهم لا تشكل مقسماً وليس لديهم المقدرة لتأسيس شركة وبالتالي سيضطرون ويجبرون على بيع أسهمهم بالمزاد العلني، لصالح الشركات العقارية من حلفاء النظام التي أعطيت كل المساعدات والامتيازات للتأسيس والعمل خاصة الشركات الإيرانية..
أردف الحسن أنّ تطبيق هذا المرسوم سيؤدي من حيث النتيجة وبشكل حتمي إلى تغيير ديمغرافي في الحي وسيقتلع سكانه الأصليين من جذورهم رغماً عنهم بحجة تنظيم حيهم.
ماذا يجب على المالكين أن يفعلوا؟
يقول القاضي أنه من الضروري على من كان مسجلاً ملكية في السجل العقاري أن يتأكد من وجود هذه الملكية باسمه في السجل العقاري، وعدم نقلها بالتزوير إلى شخص آخر أما من كان مالكاً بموجب المستندات القانونية الأخرى (حكم محكمة أو كاتب بالعدل أو غيرها) عليه أن يبرز هذه الوثائق وأن يثبت ملكيته من خلال أقاربه حتى الدرجة الرابعة، فهذا الأمر لا يحتاج إلى وكالة وإنما يحتاج الى بيان يثبت تلك الدرجة من القرابة.
أمّا إذا لم يكن لدى صاحب السجل أقارب حتى الدرجة الرابعة عليه أن يوكل شخصا آخرا ليقوم بهذه الاجراء ات ومتابعتها، ومن المهم الحفاظ على أي وثيقة أو إشعار تتعلق بالعقار من ضرائب وفواتير الماء والكهرباء وضرائب المالية وغيرها.
أخيراً.. قرار قضائي مفيد لأصحاب الحقوق العقارية
أصدرت الهيئة العامة في محكمة النقض قراراً بتاريخ 9/3/2022 عدّلت بموجبه الاجتهاد القضائي المستقر، والذي كان يحمي الشاري حسن النية لعقار وبذلك فإنّ أي عملية بيع لعقار تمت بشكل غير قانوني وانتقلت ملكية العقار إلى شاري حسن النية، فإن المالك الأساسي له الحق أن يواجه ويقاضي ذلك الشاري ومن ارتكب تلك العملية مدنياً وجزائياً.
يختتم الخبير القانوني نصائحه لمالكي العقارات بالقول إنّ قرار محكمة النقض الأخير فتح الباب لهم لاستعادة حقوقهم المسلوبة منهم، وأوجب على من يشتري عقاراً أن يتحرى وبشكل دقيق عن مدى قانونية البائع لملكية العقار حتى لا يتعرض للمساءلة المدنية والجزائية.
محمد مهنا / تقرير للصحافة القانونية
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع
المصادر: مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين – Human Rights Watch