لم تمنع الظروف الصعبة التي يعيشها الأهل في وطننا سوريا من استمرار العمل في صنع الحلويات. فهي تقليد يتمسكون به ويؤكدون أنه يدخل البهجة والسرور على قلب الجميع كبيراً أو صغيراً في ظل الحرب. أبو حمدو من مدينة ادلب يشتهر بصنع الحلويات وخصوصاً ما يسمى الإسطنبولية التي تشتهر بها المدينة يقول” تعلمت صنع الحلويات من والدي المسن وهو اكتسبها بدوره من أجداده كانت وما تزال هواية ومهنة أحبّها وأقتات منها مع عائلتي”.
عندما تم تحرير مدينة إدلب العام الماضي أواخر آذار صعّد النظام من حدة قصفه للمدينة لخروج تلك المدينة عن سيطرته، فبراميله المدمرة وصواريخه الفراغية دمرت كثيراً من المباني السكنية والمحلات التجارية وأودت بحياة كثير من الأبرياء. أبو حمدو لم يكن أوفر حظاً.. فقد دُمّر مكان عمله . يقول أبو حمدو” ليس محزناً أن يصاب الانسان بمصيبة.. لكن من المحزن ألّا يستطيع الانسان تحمّل تلك المصيبة، فأنا صابر غير يائس أحمد الله على كل أمر” استطاع أبو حمدو بعون الله وهمة أبنائه إعادة الحياة لمكان عمله، ويدمدم بصوت منخفض “توكلنا عليك يا الله يا رزاق”
يكشف أبو حمدو أن” أسعار الحلويات قد ازداد في السنوات الأخيرة بسبب ارتفاع أسعار المواد الخام مضيفاً أن سعر كيلو الجوز وصل إلى نحو2500 ليرة سورية والفستق الحلبي تجاوز الـ 5000 ليرة سورية، ناهيك عن سعر السمن العربي والمستلزمات الأخرى.. لكن معظم المارة يسألون عن الأسعار ويفاجؤون بارتفاعها فيعزفون عن الشراء”
بعض الأسر السورية لا تملك المال لشراء الحلويات الجاهزة، فتعمد لصنعها في المنزل مستعينة بمعداتها التقليدية وخبرة الأمهات الطويلة، فالأهل في سوريا يحرصون على إدخال الحلويات وتحضيرها لإحضار البهجة إلى قلوب الأطفال، كما تستخدم كهدية مستحبّة بين الأسر والأهالي والجيران معبرة عن مشاعر جميلة تكمن في القلب.
محمد الهشوم (جار أبي حمدو) يفترش بضاعته من الملابس المستعملة بالقرب من محل أبي عبدو يشاركنا الحديث قائلا إن” معاناة السكان تزداد يوماً بعد يوم خاصة من الناحية الاقتصادية، حيث توقفت معظم الأعمال وازادت نسبة البطالة بشكل كبير جراء الحرب السورية، وطبعاً أبو حمدو ليستمر في العمل كان من الواجب عليه أن يجاري السوق ويتماشى مع الوضع فقد لجأ لصنع العوامة أو المشبك اللتين تلقّبان بحلويات الفقير كون أسعارها رخيصة قياساً بالحلويات العربية التقليدية والشرقية الغنية بالمكسرات, كما كشفت أم حمدو عن دورها بمساعدة زوجها من خلال تحضير بعض الحلويات كالهريسة والبسبوسة والقطايف فهي تقول ” تصميما على استمرار الحياة ومحبتي لأسرتي وزجي جعلاني أشارك زوجي في السراء والضراء فنحن السوريات كما يقال بنات أصل ومن نظهر وقت الشدة.
مهما كانت الظروف فأمثال أبي حمدو وغيره من السوريين لا يعرفون اليأس فحاجتهم للكسب الحلال واستمرار الحياة رغم قساوتها حاجة ماسة. فمهنة صنع الحلويات جعلت من أبي حمدو متفائلاً قائلاً…بأن هناك أيام حلوة وزكية كحلويات الإسطنبولية هذه التي بين يديه قادمة بإذن الله.
بيان الأحمد.
المركز_الصحفي_السوري