أكد العميد الدكتور إبراهيم فواز الجباوي مدير الهيئة السورية للإعلام أنه لا يمكننا فصل السياسة عما يجري على الأرض من تطورات عسكرية، فالتحركات والتصريحات السياسية مؤخرا جميعها تدور حول حلب التي تتعرض إلى مذبحة لم يعرف التاريخ مثلها فبعد جلسة مجلس الأمن الأخيرة ارتفعت حدة التصريحات الغربية تجاه روسيا ونظام الأسد، لكن ما يريده الشعب السوري من هذه الدول الأفعال لا الأقوال، فهذه الدول قالت لبشار الأسد في عام 2011 “ارحل”، لكنه ما زال موجودا إلى الآن ويزيد في مستوى الجريمة يوما بعد يوم
مشيراً خلال لقاء أجريناه معه من عمان أننا لا نريد تصريحات ولا أقوال نريد أفعالا، الدول الغربية وعلى وجه التحديد أصدقاء الشعب السوري يعرفون كيف ينقذون الشعب السوري، وذلك من خلال تسليح الثوار والضغط الحقيقي على روسيا لكي تكف عدوانها عن الشعب السوري، والعمل على تقديم بشار الأسد وزمرته إلى المحاكم الدولية.
وقال: أمس كان جنيف وفيينا ومجلس الأمن ، واليوم لوزان ، وغدا سنعود مجددا إلى جنيف، الموقف الدولي يجعلنا ندور في حلقة مفرغة لا نهاية لها، يجب اتخاذ قرار صادق وجدي يتوازى مع مصالح الشعب السوري وحقوقه فإدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما ثابتة منذ ست سنوات، وهذا بالطبع لن يجعلها تتغير في آخر أيامه في البيت الأبيض، السيد أوباما أصر منذ البداية على أن الحل في سورية سياسي، مع أنه يشاهد في كل يوم مجازر بحق الشعب الأعزل والذي طالب بالحماية الدولية مرات عديدة في مظاهراته..
واستطرد الجباوي يقول: الدور الأمريكي الضعيف في الشرق الأوسط جعل روسيا ومن قبلها إيران تتمادي في سورية والعراق ولبنان، حتى أن روسيا قامت باحتلال سورية علانية وتحت مرأى ومسمع العالم أجمع، وهذا ما جعل عشرات كبار الساسة في الولايات المتحدة ينتقدون سياسة أوباما في التعاطي مع أمور الشرق الأوسط ببرود شديد، على عكس أسلافه الذين سعوا طوال فترة حكمهم على تحجيم أي قوة لروسيا.
لن تتغير السياسة الحالية للولايات المتحدة الأمريكية في ظل هذه الإدارة، وقد يشهد العام القادم تغيرا جذريا في السياسة الخارجية الأمريكية، مع صعود أحد المرشحين إلى سدة البيت الأبيض.
وفيما يتعلق بالخطوة الأمريكية بتعليق المناقشات مع روسيا يقول الجباوي:
الخطوة الأمريكية بتعليق المشاورات السياسية مع روسيا جاءت منطقية متمنياً أن تكون بداية لأفعال مستقبلية قد تتخذها الولايات المتحدة كرفع الحظر عن تسليح الثوار بمضادات للطيران أو أن يتمثل أوباما بسلفه بيل كلينتون الذي أقدم على اعتماد عملية (ثعلب الصحراء) ضد نظام صدام حسين في العراق آنذاك والتي استهدفت مواقع استراتيجية عراقية ..
الشعب السوري لا يريد من السيد أوباما إلا اعتماد أي عملية يمكنها لجم الطيران الروسي والأسدي، كرفع الحظر عن تزويد الثوار بمضادات للطائرات، وكذلك منع هذين النظامين ومعهما ايران من استهداف السوريين بالصواريخ البالستية المدمرة، حيث من شأن تلك العملية إن حصلت أن تحجّم الدب الروسي في وكره، والضبع الإيراني في جحره، ورحيل ذيل الكلب المعتوه بشار الأسد، ومعه كافة الميليشيات والمرتزقة، التي استقدمها لتساعده على قتل الشعب السوري.
وتابع بالقول : كنت أتوقع هذا الإجراء منذ زمن وخصوصا عند كل مؤتمر صحفي كنت أتابعه لوزيري خارجية الولايات المتحدة جون كيري والروسي سيرغي لافروف، الكذب والمراوغة من قبل الطرف الروسي كانت فاضحة. واشنطن منذ البداية سعت لإيجاد مخرج سياسي لما يحدث في سوريا، لكن روسيا وعند الوصول لأي صيغة كانت تتراجع وتصعد في مطالبها التي تتنافى مع جوهر الحل السياسي، فهي تصنف كل الشعب السوري الثائر في خانة “الإرهابيين” وكل الأدلة تقول بأن روسيا لا تستهدف في قصفها إلا المدنيين والثوار، وليس كما ادعت بأنها جاءت لتحارب الإرهاب المتمثل بتنظيم الدولة الذي صنعه عميلها فيقصر المهاجرين.
وعن نظرته للتدخل الروسي وبعد عام من المجازر والإبادة التي تشكل عنواناً للإرهاب الروسي يقول :
الشعب السوري يعرف منذ بداية الثورة من يقف خلف نظام الأسد ويدعمه سياسيا وعسكريا وماديا، فروسيا لم تتدخل في سورية منذ عام فحسب، بل هي تتحكم في كل ما يجري وتوجه أوامرها الإجرامية لنظام الأسد منذ ست سنوات.. عندما قام الشعب السوري بثورته لم يكترث لا لروسيا ولا للقائم بأعمالها في دمشق بشار الأسد، على العكس تماما فكلما زاد حجم الإجرام والقتل الموجه للمدنيين زاد الشعب إصرارا على التخلص من هؤلاء القتلة الذين ستخلد أسماؤهم في تاريخ البشرية على أنهم قصفوا الملاجئ والمستشفيات والمدارس والمساجد، علاوة على أنهم منعوا الخبز والماء والدواء عن الأطفال والشيوخ.
وأضاف الجباوي أن الشعب السوري لا يفرق بين نظام الأسد ونظام الخامنئي ونظام بوتين، فجميعهم عند السوريين حلف الشر الإرهابي، وهم قتلة مجرمون، لكن الشعب السوري يعتب أشد العتب على من قالوا منذ سنوات أنهم أصدقاء الشعب السوري، لأنهم لم يحركوا ساكنا تجاه ما جرى ويجري للشعب السوري على يد الأنظمة التي ذكرتها، رغم قساوة المشهد في حلب وريف دمشق وإدلب وحمص، فلا وعود بالتسليح صدقت ولا محادثات سياسية أثمرت كما خططوا.
وفي رده على سؤالنا عما نشهده اليوم من الخذلان العربي والصمت الدولي المريب أجاب العميد إبراهيم:
بكل تأكيد الصمت الدولي والعربي هو من جعل القاتل يمعن في جرائمه ويتمادى بممارسة الإرهاب المنظم ضد الشعب السوري، يجب أن يعرف الجميع أمرا في غاية الأهمية وهو: لو أن رسالة أممية وصلت لبشار الأسد بأن مصيره سيكون في المحاكم الدولية إن سلم من القتل، لما أقدم على كل هذه المجازر، فهو كما عهدناه جبان ومعتوه، لكن مع كل مجزرة ارتكبها النظام وحلفاؤه كان يعتبر الصمت الدولي بمثابة ضوءا أخضر ورخصة تخوله الاستمرار والإمعان والتمادي وارتكاب المزيد منها.
كل ما يجري على الأراضي السورية اليوم يعد مخالفا للقوانين الدولية وانتهاكا لمواثيق الأمم المتحدة، ففي كل يوم نشاهد ونسمع أن روسيا تستخدم أسلحة محرمة دوليا ويتم من خلالها استهداف مناطق المدنيين العزل، وباعتبار أن إيران تشاطر روسيا باحتلالها للوطن، فهذا الصمت عن الانتهاكات الصارخة والارتكابات الإجرامية، يعني أيضا السماح للميليشيات الإرهابية والمرتزقة التي استقدمتها ايران وبشار لقتل الشعب السوري باستمرار القتل واستمرار التواجد على الأرض السورية.
في هذا الصدد لا يمكننا لوم الدول العربية فهي لا حول لها ولا قوة، ولا تملك من أمرها شيئا حالياً، لكن اللوم يقع على الدول الأوروبية وأمريكا التي تركت الساحة السورية لروسيا لتصول وتجول فيها كما تشاء، فهي تقتل السوريين بشتى أنواع السلاح وتتفاخر بالنتائج التي حققتها تلك الأسلحة، كما أن الفراغ الذي تركته الدول الكبرى جعل روسيا تطرح نفسها كحمامة سلام وراعي للعملية السياسية متناقضة بذلك مع ممارساتها الإرهابية في سورية حيث تفند بنود أية مبادرة للحل وفقاً لأهدافها في الوطن بما يحقق للأسد بقائه في ظل انتداب روسي طويل الأمد عليه وعلى سيادته الوطنية .
وعن نظرته للتدخل التركي وحملة درع الفرات وتداعياتها قال الجباوي :
بشكل عام بدأنا نشاهد تقاسم الكعكة السورية .. ولكن قياساً بروسيا وإيران وحزب الله الإرهابي والميليشيات والمرتزقة الإرهابية التي وطئت الأرض السورية وأجواءها لنيل حصتها فلا لوم على أحد من مناصري المعارضة إن فعلوا ذات الشيء مع درء خطر وغدر تنظيم الدولة .. لذلك فإن الخطوة التركية جيدة، وستكون أفضل إذا عملت على جعل هذه المناطق آمنة يلوذ إليها المدنيون، لأن الشعب السوري منذ العام الأول للثورة طالب بحماية دولية ودعم للثوار والجيش السوري الحر وإنشاء مناطق آمنة للمهجرين فوق التراب السوري.
وننوه هنا إلى أن من يقوم بتحرير المناطق الحدودية مع تركياهم أبناء سوريا، عناصر الجيش الحر وليس سواهم، نعم قدمت لهم تركيا دعما عسكريا، وساهم هذا الأمر في إنقاذ المدنيين هناك من القتل الذي يمارسه تنظيم الدولة ضدهم، ومن أطماع الانفصال التي تخطط لها ميليشيا الـ”ب ي د والـ ب ك ك”.
لكن هذه الخطوة التركية قد أتت متأخرة ، فلو كانت قبل سنتين أو أكثر لأمنا عدم تقدم تنظيم الدولة هنا ودحر عصابات بشار الأسد وبالتالي حقنا دماء كثيرة سالت في تلك المنطقة.
وتعقيباً على تعاطف وحزن البعض على وفاة المجرم شيمعون بيريز مقارنة بإجرام الأسد ووقوف العالم كله إلى جانبه لفت قائلاً: بكل تأكيد بيريز لم يقتل عددا يذكر أمام ما قتله بشارالأسد، ولكن هذا لا يعني بأن بيريز ليس إرهابيا، فكل من يقتل ويهجر المدنيين يعد إرهابيا، كلهم سيدخلون التاريخ على أنهم قتلة فيفصل المجرمون.
مدرسة بشار الأسد ووالده من قبله وبيريز وشارون وبوتين واحدة، فهم يقتلون الأبرياء وأصحاب الحقوق. وعملوا ويعملون على تحقيق التغيير الديموغرافي في المناطق التي يحتلونها من خلال قتل وتهجير أصحابها الأصليين.
ولدى سؤال وجهناه للجباوي عن الخطوة الأمريكية بقطع الاتصال مع روسيا وتسلط الإرهاب الروسي على الشعب السورية قال :
أما عن رؤيته لواقع إعلام الثورة وتطوراته فيجيب قائلاً : أبطال الإعلام الثوري ترفع لهم القبعات احتراما واجلالا لبطولاتهم ولتضحياتهم التي لا تختلف عن بطولات حاملي البندقية، فلولا كاميرات جوالاتهم لمرت جرائم الأسد كما مرت مذبحة حماة ومذبحة المشارقة في حلب ومذبحة تدمر خلال حكم المقبور “الأسد الأب” دون أن يسمع عنها أحد، فهم استطاعوا أن يوصلوا للعالم ما يجري في سوريا وتمكنوا من أن يمارسوا عمل الإعلامي المحترف.
لكن البعض من الناشطين الإعلاميين تنقصهم الخبرة والسياسة الإعلامية ويجب تطوير قدراتهم وصقلها ومساعدتهم من خلال إخضاعهم لدورات احترافية لتوجيه البوصلة باتجاه الهدف الصحيح.
وعن الخطوات الجدية والجديدة التي يجب علينا أن نتخذها في ظل القتل والإجرام بحق الشعب السوري فيقول مدير الهيئة السورية للإعلام: علينا أولا توحيد الصف تحت كلمة واحدة وشعار واحد وراية واحدة، والاعتماد على ذاتنا وعدم الرضوخ لأي مطالب لا تحقق تطلعات ورغبات الشعب الثائر.. علينا أيضا اعتبار روسيا وايران كنظامين قاتلين للشعب السوري وهما عدوان حقيقيان، وكل من يصمت عن جرائمهما هو شريك حقيقي في ممارساتها.
لا تنازل ولا رضوخ ولا مساومة على دماء الأبرياء والذين ضحوا بأنفسهم رخيصة فداء الحرية والوطن، يجب على الثوار نبذ الخلافات جانبا ووضع نصب أعينهم هدف وحيد هو تحرير الوطن من الاحتلال متعدد الجنسيات، فلا يمكن لروسيا ولا إيران ولا نظام الأسد الصمود طويلا أمام إصرار الثوار وعزيمتهم، فالتاريخ علمنا أن إرادة الشعوب تتفوق دائماً على كل القوى، وهي المنتصرة أولاً وأخيراً.
وختم الجباوي حديثه بالقول : الجميع يعلم أن نظام الأسد تدعمه دول كبرى كروسيا وإيران، بكافة أنواع الدعم ( اللوجستي العسكري، والإغاثي، والمدني، والمالي، والاقتصادي، وحتى بالأفراد والميليشيات الطائفية الحاقدة الإرهابية ) إضافة لممارسة تلك الدول والتنظيمات إرهاب الدولة المنظم ضد السوريين الأحرار دون سواهم .. لذلك وكي تنتصر ثورة الشعب السوري، أو تحقق أهدافها السلمية التي انطلقت من خلالها، لابدَّ أن تفي الدول الصديقة بوعودها، كتسليحها للثوار بأسلحة تمكنهم من رد خطر الإبادة وسياسة التهجير والتدمير والتنكيل الممنهجة، ومساعدتهم على تخطي الظروف الراهنة وإعادة بناء سورية.
وشدد الجباوي في حديثه على أهمية عمل الهيئة السورية للإعلام منوهاً أنها هيئة إعلامية مستقلة تعنى بالشأن السوري بشقيه المدني والعسكري وتواكب الحدث أينما وجد وتعمل على إيصال الحقيقة وإظهارها للعالم وتعري أكاذيب النظام حلفائه وتفضح جرائمهم وإرهابهم بحق الشعب السوري
وأشار أن الهيئة لديها فريق عمل متكامل يتكون من مجموعة كبيرة من المراسلين والصحفيين والمهنيين لإنتاج مادة إعلامية هادفة تخدم ثورة الشعب السوري ضد البغاة والطغاة المعتدين ومن خلالهم نعمل على إنتاج المادة المرئية والمقروءة والمسموعة بموضوعية وبدقة عالية ونمتلك الوسائل الفنية التي تعزز من عملنا الإعلامي وتدفعه للأمام
نتعاون مع أغلب القنوات العربية والعالمية ونعمل على إنشاء شراكة مع أغلب المؤسسات الإعلامية.
صهيب مفوض الإبراهيم – المركز الصحفي السوري