محمد مستو، محمود عواد/ الأناضول
لم يسعد حلول الشتاء وهطول الأمطار سكان مخيم عابدين بريف حماة، كما هي العادة في كل العالم، فالشتاء بالنسبة لسكان هذا المخيم الواقع في بساتين الزيتون، يعني برداً ينخر في العظام دون أن توجد وسيلة لدرءه ، ويعني كذلك أن تغرق خيمهم بمياه الأمطار، وتتحول أرضها إلى مستنقع طين ووحول، لتصبح الحياة فيها أقرب للمستحيل.
يضم مخيم عابدين 50 خيمة، وكان عدد سكانه 240 شخصاً، حتى الخريف الماضي، حين مرت طائرات النظام من فوقه وألقت براميلها المتفجرة عليه، مزهقةً أرواح ربعهم، وتاركة البقية وبينهم أرامل ويتامى، يخوضون في المعاناة، ويرنون بشوق إلى دفء منازلهم في بلدتي اللطامنة والجبين، التي لا تبعد سوى كيلو مترات عن مخيمهم، ويمكن رؤيتها بالعين المجردة.
والتقت الأناضول أمس السبت، في المخيم بعض النسوة، وقد بدا التعب على وجههن جلياً، وهن يشتكين حالهن وتركهن من قبل العالم وحيدات، بلا معين ولا مغيث في هذا البرد القارس، حيث لم يعد لهن سوى أعواد الزيتون اللتي يجمعنهن لتدفئة أولادهن.
وقالت، أم أحمد، التي فقدت ابنتها الصغيرة، أثناء مجزرة الخريف: “جئنا إلى هنا ظنا منا أنها منطقة آمنة، فلحقتنا طائرات النظام إليه”، مضيفةً “كنا نأمل في أن نعود إلى ديارنا قبل الشتاء، لكن آمالنا ذهبت سدى”
وتحدثت أم إبراهيم ، عن مجزرة الخريف ومقتل أخيها فيه، وتركه يتامى، تولت هي تربيتهم، ثم غطت رأسها بمعطفها القديم وحاولت أن تشرح كم تشعر بالبرد.
أما الأطفال فيقاومون البرد باللعب، وبتجولون في ممرات المخيم بأحذيتهم البالية وألبستهم العتيقة، دون أن تعي مداركهم الصغيرة ما أوصلهم إلى هذا الحال، وما ينتظرهم من مصير مجهول.