يمثل السوريون أحد أكبر المجتمعات النازحة في العالم نتيجة للأحداث التي شهدتها سوريا منذ عام 2011، حيث خلق النظام المخلوع واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العصر الحديث والقصف المستمر الذي اتبعه نظام الأسد من عام 2011 الى 8 كانون أول عام 2024 وقت خلعه من الحكم وإعلان انتصار الثورة السورية، أدى إلى تدمير البنية التحتية للبلاد، وأجبر ملايين السوريين على مغادرة وطنهم بحثاً عن الأمان في الدول المجاورة وفي مختلف أنحاء العالم.
وفقًا لاحصائيات المنظمات الدولية، يعيش حوالي 6.7 مليون سوري خارج بلادهم كلاجئين، في حين أن أكثر من 6 مليون آخرين هم نازحون داخل سوريا. الدول المجاورة لسوريا مثل تركيا، لبنان، الأردن، والعراق استقبلت أكبر عدد من اللاجئين السوريين، بينما شهدت أوروبا، خاصة ألمانيا وهولندا، تدفقاً كبيراً للاجئين السوريين، بعد أن فتحت هذه البلدان أبوابها لاستقبالهم.
نشرت السلطات التركية إحصائية للسوريين المتواجدين بشكل نظامي على أراضيهم وقد بلغ حوالي 3 مليون ما جعلها أكبر دولة مضيفة للسوريين. بينما في لبنان، يتجاوز عدد اللاجئين السوريين ربع إجمالي السكان، ما يشكل تحدياً كبيراً في ظل الموارد المحدودة في هذا البلد.
يعاني السوريين في بلدان اللجوء وضع اقتصادي سيء، لا سيما في الدول التي تعاني أصلاً من مشاكل اقتصادية مثل لبنان والأردن. قد يعاني العديد من اللاجئين من البطالة، بسبب قلة الفرص الوظيفية أو تقييد العمل في بعض البلدان. العديد منهم يعتمدون على المساعدات الإنسانية أو على وظائف غير رسمية مثل العمل في البناء أو الزراعة.
يعاني الأطفال السوريون في بعض البلدان من صعوبة في الالتحاق بالمدارس، سواء بسبب اللغة أو بسبب الوضع القانوني لهم في البلدان المضيفة. ومع ذلك، فإن العديد من البلدان مثل تركيا والأردن قد عملت على تحسين وصول الأطفال السوريين إلى التعليم، ولكن التحديات تبقى كبيرة خاصة في المجتمعات الفقيرة.
العديد من السوريين يعانون من صدمات نفسية بسبب الحرب والمعاناة التي مروا بها، بما في ذلك فقدان أفراد العائلة، ودمار المنازل، والعيش في مخيمات لاجئين. هذا الوضع يولد مشاعر من القلق، الاكتئاب، والعزلة، ما يؤثر على نوعية الحياة وقدرة الأفراد على الاندماج في المجتمعات المضيفة.
استقبلت الدول المضيفة مثل تركيا ولبنان والأردن أعداداً ضخمة من اللاجئين السوريين في وقت قصير، ما شكل ضغطاً كبيراً على البنية التحتية والخدمات العامة مثل الصحة والتعليم والمواصلات. في بعض الحالات، أدى هذا الضغط إلى توترات بين اللاجئين والسكان المحليين بسبب المنافسة على الوظائف والموارد المحدودة.
على الرغم من التحديات التي تواجهها الدول المضيفة، فقد أظهرت العديد من هذه البلدان التضامن مع اللاجئين السوريين. الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية قد قدمت الدعم اللازم في شكل مساعدات غذائية، صحية وتعليمية. كما أن هناك العديد من المبادرات المحلية والدولية التي تهدف إلى تمكين اللاجئين السوريين من خلال توفير فرص عمل أو تدريب مهني.
يواجه السوريون تحديات كبيرة في الاندماج في مجتمعاتهم الجديدة بسبب الحواجز اللغوية، الثقافية، والاجتماعية. في الدول الغربية مثل ألمانيا، تم إطلاق برامج تعليمية لتعليم اللغة الألمانية وتوفير تدريبات مهنية للاجئين السوريين. ومع ذلك، يستغرق هذا الاندماج وقتاً طويلاً، ويتطلب بذل جهود من كلا الطرفين: اللاجئون والمجتمع المضيف.
على الرغم من الصعوبات، نجح العديد من السوريين في الاندماج وإنشاء مشاريع ناجحة في الدول المضيفة. في تركيا، على سبيل المثال، أسس العديد من رجال الأعمال السوريين شركات ناجحة ساهمت في الاقتصاد المحلي، كما أن العديد من السوريين في أوروبا قد تمكنوا من إيجاد فرص عمل في مجالات مثل التكنولوجيا، التجارة، والصناعات اليدوية.