بات واضحاً أن إقدام السعودية، ومعها تسع دول أخرى في إطار التحالف العشري، على التدخل العسكري في اليمن، من خلال عملية “عاصفة الحزم”، لم يكن إلا خطوة أولى لسعي الرياض لوقف ما سمّاه مصدر سعودي “وقف انهيار المنطقة العربية وتفكك عدد من الدول”.
يضيف المصدر أن “المملكة تستعدّ لأداء دور أكبر، بعد الانتهاء من الأزمة اليمنية، ويتمثل في إنهاء المأساة السورية، والأزمة السياسية الطاحنة في ليبيا”.
يأتي ذلك في وقتٍ أكدت فيه مصادر دبلوماسية مصرية، أن “أبو بكر القربي، وزير الخارجية السابق في نظام الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، الموجود حالياً في القاهرة، يجري عدداً من اللقاءات مع مسؤولين مصريين وعرب في محاولة لتثبيت وقف إطلاق النار في اليمن، والتوصّل لحلّ دائم، بما يحافظ على المصالح السعودية والمصرية هناك”.
وأوضحت المصادر أن “القربي، الذي يُعدّ مبعوثاً شخصياً من صالح، أكد لمسؤولين مصريين تبديد كافة المخاوف المصرية في ما يتعلق بحركة الملاحة في مضيق باب المندب، في حين يتبقى الحصول على تطمينات تُرضي الرياض، لتأمين حدودها ونفوذها في المنطقة، حتى تتمكن من التفرغ لباقي مشاكلها”.
وعلى صعيد الأزمة الليبية، أكد مصدر سعودي مقرّب من دوائر صنع القرار في المملكة، أن “السعودية باتت على قناعة بعدم جدوى الحل العسكري للمشكلة الليبية”، مشيراً إلى أن “الرياض ترفض المشاركة في توجيه ضربة عسكرية لأي طرف من أطراف النزاع هناك، كما أنها لن تقبل بتوجيه ضربة عسكرية هناك”.
ويأتي الموقف السعودي الجديد، بعد تقارب سعودي تركي قطري أخيراً، غداة وصول الملك سلمان بن عبد العزيز للحكم في أعقاب وفاة شقيقه الراحل الملك عبد الله، الذي كانت تتبنّى السعودية في عهده موقفاً داعماً لمعسكر طبرق، الذي يقوده اللواء خليفة حفتر.
من جهته، يشير مصدر سياسي مصري، رفض الكشف عن اسمه، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، إلى أن “القاهرة بدت أكثر ليونة في اتباع الحل السياسي في ليبيا، خصوصاً بعد تعثر قوات حفتر المدعومة من قوى إقليمية، وعجزها من حسم المعركة عسكرياً على الأرض”.
وتابع: “بالإضافة إلى أن ما جعل مصر أيضاً تفكر في إمكانية الحل السياسي في ليبيا، هو ميل الرياض أخيراً لهذا الحل”.
اقرأ أيضاً: ردود فعل دولية ترّحب بانتهاء “عاصفة الحزم”
من جانبه، أوضح المصدر السعودي أن “الرياض على قناعة بأنه في حال تدخلها واستخدام نفوذها لحل الأزمة الليبية، تُدرك أنه لا يمكن استيلاد الحلّ من دون العودة للأطراف صاحبة النفوذ هناك، وفي مقدمتها مصر وتونس والجزائر”.
أما على صعيد الأزمة في سورية، فأكد المصدر السعودي، في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، أن “هناك خلافاً واضحاً في الرأي بين القاهرة والرياض”.
وتابع: “في الوقت الذي تؤمن فيه المملكة بعدم جدوى الحل السياسي مع نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد، كما أنها لم تعد تقبل باستمراره هناك، يرى النظام المصري الحالي عكس ذلك”، مضيفاً: “لا مانع أن يكون هناك خلاف بين الحلفاء، ولكن لا بدّ من أن يكون هناك حد أدنى من التوافق، بما لا يعيق تحركات كل طرف”.
وأوضح المصدر أن “الخلاف بين الرياض والقاهرة في ما يتعلق بالملف السوري، لم يتم امتحانه بعد”، مؤكداً أن “السعودية قد تشارك في عمل عسكري إلى جانب تركيا في سورية”.
وتابع: “حتى الآن لا يوجد اتفاق على شكل التدخل العسكري هناك، إلا أنه من الممكن أن يكون هناك فرض منطقة حظر جوي، أو توجيه ضربة جوية ومدفعية على أهداف الأسد، إضافة لتزويد المعارضة المعتدلة بأسلحة نوعية تمكّنها من حسم المعركة على الأرض”. وأشار إلى أنه “في ما يتعلق بسورية، ترى المملكة أن مصر ليست صاحبة نفوذ أو مصلحة هناك، وأن أي حلّ للأزمة السورية لا بد أن يكون بوجود تركيا على عكس ليبيا”، مشدداً في الوقت ذاته على أن “السعودية عازمة على وقف المأساة السورية”.
وقال المصدر السعودي إنه “منذ بدء التنسيق السعودي التركي القطري بشأن سورية، وتشكيل غرفة عمليات مشتركة، بدأ مقاتلو المعارضة السورية المسلحة يحققون تقدماً على الأرض، وهو ما بدا واضحاً في حلب وقبلها في إدلب”.
كما يؤكد خبير سياسي سعودي أن “هناك رغبة لدى الرياض للتوصل لحال من التوافق بين النظام المصري وجماعة الإخوان المسلمين”.
ولفت إلى أن “السعودية ترى أن المنطقة العربية في حالة انهيار، ويجب بذل مجهود لجمع الفرقاء لوقف هذا الانهيار”.
ويعرب الخبير نفسه عن قناعته بأن “الملك سلمان لا يرى أن كل الإخوان في مصر، وغيرها من الدول، إرهابيين كما يعتقد النظام المصري، وأنه مع ضرورة التوصل لتفاهم سياسي بين الجانبين، يتم فيه فتح باب المجال السياسي لمن لم تتلوث أيديهم بالدماء في السنوات التي تلت الثورة المصرية”.
العربي الجديد