حوار خاص أجراه الصحفي مصطفى النعيمي في المركز الصحفي السوري مع ” د .نبيل العتوم ” رئيس وحدة الدراسات الإيرانية في مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية، و يعد العتوم من الشخصيات البارزة والمعنية بالملف الإيراني حيث درس في جامعة طهران دكتوراه في العلوم السياسية .
ما هو سبب الغموض في التحقيقات لاستهداف إيران خطوط الملاحة البحرية في الخليج العربي ؟
” لا يوجد غموض، بل هنالك معلومات موجودة لدى الولايات المتحدة الأمريكية و دول المنطقة لاسيما المملكة العربية السعودية و دولة الإمارات وتلك الأدلة اعتقد بأنها محسومة حيث أعلنت بريطانيا بأن لديها دلائل تثبت تورط إيران بشكل مباشر في تفجير ميناء الفجيرة و الهجوم على ناقلات النفط في مياه خليج عمان، و الآن هنالك هدف أمريكي و كذلك لدول المنطقة لعدم التصعيد مع الجانب الإيراني و أمريكا تراهن على إحداث تغيير داخل إيران و فرض مزيد من العقوبات، و هي الوسيلة الأنجع في هذا التوقيت الحساس، و الدقيق ولا تريد خوض مباشرة مع الجانب الإيراني لعدة اعتبارات، هنالك الوضع الداخلي الإيراني واحتمال انفجار الوضع الداخلي في أية لحظة وخاصة بعد فرض المزيد من العقوبات والأمر الثاني فتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران سوف يخلق حالة التفاف وتجمع النظام غير مسبوقة حول النظام، و هي مالا تريده واشنطن ولا حتى الدول الغربية وهي تريد خلق فجوة كبيرة ما بين القيادة الإيرانية والشعب، و يراهنون على انفجار احتجاجات جديدة على غرار الاحتجاجات السابقة، والتي وصل عددها قرابة 9336 على امتداد الخارطة الإيرانية، والولايات المتحدة تعيش فترة ” البطة العرجاء ” والرئيس ترامب لا يريد خوض الانتخابات القادمة وهنالك حرب مع إيران لأنها ستؤدي إلى خفض شعبيته و ربما قد تطيح به، وقد تم تأجيل الضربة حاليا .
ما هو الموقف العربي من تلك الهجمات التي حملت في طياتها انتهاك صارخ و تهديد مباشر بوقف تصدير النفط عبر مضيق هرمز وصولا إلى البحر الأحمر ؟
الموقف العربي يحمل الإدانة والدول العربية ليس بمقدورها أن تقوم بأي إجراء أحادي الجانب ضد إيران، و ربما هنالك إجراءات قامت بها دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، حيث استهدفت طائرات مدنية كانت رابضة في مطار صنعاء الدولي، التي تنقل الأسلحة للحوثيين بشكل مباشر والدول العربية لا تريد التصعيد وتحاول أن تتلافى آثار سياسات التصعيد الإيرانية و ممارستها لسياسة التصعيد و مارستها لدبلوماسية حافة الهاوية حيث لجأت إلى ضربات نوعية ضد الحوثيين ولجأت إلى استراتيجية التنسيق مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بأمن الممرات والمضائق البحرية والاستعداد للمرحلة القادمة و انسحاب القوات الإماراتية من اليمن، ربما هي رسالة للاستعداد للمرحلة القادمة في حال توجيه ضربة عسكرية ضد إيران و ربما يتبعها إنهاء المملكة العربية السعودية للملف الحوثي والاستعداد للحرب مع إيران .
بريطانيا أرسلت عدة قطع بحرية هجومية حيث كانت آخرها المدمرة النووية ” دنكن ” إلى مياه الخليج العربي هل سيكون لها دورا في وقف تجاوزات إيران ؟
يندرج في إطار حماية الممرات والمضائق البحرية وبالتنسيق مع الولايات المتحدة ودول المنطقة والموقف البريطاني متقدم على دول الاتحاد الأوربي وخاصة الدول الضامنة للاتفاق النووي، وتحاول اللجوء إلى دبلوماسية التهدئة مع إيران، بينما الموقف البريطاني مختلف تماما بحيث وجهت رسائل مباشرة للجانب الإيراني فيما يتعلق بالتفجيرات والأعمال التخريبة في مياه الخليج العربي، و ما يعرف بحرب الموانئ وكانت رسالة صادمة للجانب الإيراني، و الأمر الثاني ربما دخلت بخط المواجهة مع إيران من خلال احتجاز ناقلة النفط في مضيق جبل طارق المتوجهة إلى ميناء بانياس السوري، وكان هنالك حجة لدى بريطانيا أن هنالك عقوبات على النظام السوري بسنة 2011 و هي ليست برسالة إلى النظام السوري، و إنما محاولة الحد من قدرات إيران الموجودة في سوريا من خلال إيصال النفط للنظام السوري و للميليشيات لتشغيل آلياتها العسكرية، وهي رسالة مباشرة لإيران بأن بريطانيا قد دخلت على الخط مباشرة لتحجيم النفوذ الإيراني المتعاظم في المنطقة، وتدخلها في أزمات المنطقة وفي سوريا على وجه التحديد ثم بعد ذلك الالتزام بالعقوبات الدولية المفروضة على النظام السوري، مما جعل إيران تفقد صوابها وتتحدث بشكل واضح مقالاتها التحليلية وبعناوين من أبرزها “مضيق بمضيق” و “ناقلة بناقلة” عدى تهديد عدد من مسؤولين إيرانيين بالذات العسكريين في الحرس الثوري الإيراني أن على إيران أن تستذكر اعتقال البحارة في المياه الإقليمية لسنة 2011، وبالتالي كان هنالك أطروحات عديدة حتى باحتجاز ناقلات نفط إيرانية كرد فعل و مساومة بريطانيا على هذا العمل .
أمريكا ألحقت بأسطولها الجوي بقاعدة العديد الجوية بقطر سرب من طائراتها المقاتلة إف 22 هل سيكون لها دور حقيقي في مراقبة وحماية ناقلات النفط المتجهة من الخليج إلى دول العالم ؟
إرسال طائرات “أف22” يندرج في إطار تضييق الخناق على إيران، والولايات المتحدة لجأت إلى عدد من الاستراتيجيات ومن أهمها استراتيجية الخنق الاقتصادي واتبعت سياسة العقوبات المتدرجة على النظام الإيراني، وكذلك تعزيز قدراتها و قواتها العسكرية في المنطقة، فأرسلت حاملة الطائرات “لينكولين” وتحدث وزير الخارجية الأمريكية بهذا الأمر “إرسال الحاملة الأمريكية يعادل 130 ألف طن من الضغط الدبلوماسي، تبعه إرسال القاذفات الاستراتيجية “بي52” وألحق بها طائرات “أف22” وتعهدت لدول الخليج العربي و إرسال منظومة الدفاع الجوي “باتريوت” ومن ثم ألحق بها منظومة الدفاع الجوي الجديدة من طراز “ثاد” ربما تعزيز هذه القدرات يندرج في التحذير من المواجهة الشاملة مع إيران لأنه عندما تم إرسال حاملة الطائرات “لينكولن” وتحدث “جون بولتن” مستشار الأمن القومي الأميركي بشكل واضح على أن إرسال هذه الحاملة لأهداف متعددة، وليس من أجل إيران لوحدها وهناك أهداف متوسطة بعيدة المدى وربما يندرج في إطار ضرب ميليشيات إيران ومخالبها في المنطقة مثل ميليشيات الحشد الشعبي وميليشيات حزب الله الذي أعاد انتشاره من خلال انسحاب جزء كبير قواته من سوريا، والذهاب إلى عمق الأراضي اللبنانية استعداداً للمواجهات القادمة، هذا إذا ما ربطناه بالتصريحات الإسرائيلية بأن إسرائيل تستعد للقيام بعمليات عسكرية بالتعاون مع الولايات المتحدة لاستهداف حزب الله اللبناني وحتى مواجهة إيران، وأن لديهم من القدرات العسكرية و ردعهم.
هل سيكون مشروع إنشاء قاعدة بحرية قطرية المتخصصة بأمن الحدود وحراسة الموانئ والمنشآت النفطية قبالة الشواطئ الإيرانية له تأثير في الحملة الدولية على إيران ؟
يندرج في إطار استعدادات دول مجلس التعاون الخليجي لا سيما قطر، فيما يتعلق بحماية منشآتها النفطية وربما قطر تفكر الآن بشراء منظومة الصواريخ للدفاع الجوي من طراز “إس400″ الروسية على غرار ما قامت به تركيا، وذلك عبر تنويع مصادر ترسانتها العسكرية وهي رسالة واضحة للجانب الأميركي لبيع منظومة دفاع جوية متطورة جدا، وهو يندرج في الاستعدادات العسكرية وحماية منشآتها الحيوية، لا سيما قطاع النفط والغاز الذي يشكل الشريان الاقتصادي المهم بالنسبة للدولة القطرية، وهذا ربما يعكس حجم التوتر في المنطقة وخاصة كان هنالك تصريحات لافتة لمسؤولين كويتيين على إثر الجلسة المغلقة التي تمت قبل قرابة الشهرين والذي تحدث فيه رئيس مجلس الأمة الكويتي ” بأن المنطقة مقبلة على حرب وهنالك معلومات ودلائل موجودة لدى الحكومة الكويتية بأنه ربما قد تندلع المواجهة العسكرية بأي لحظة وأن دول مجلس التعاون الخليجي بما فيها الكويت قد وضعت خطة طوارئ لهذا الأمر”، و بالتالي حماية هذه المنشآت يندرج في إطار الاستعدادات العسكرية .
هل سترفع إيران من وتيرة استهدافها للقطع البحرية داخل مياه الخليج العربي ؟
إيران من المؤكد بأنها سوف تلجأ لاستهداف القطع البحرية وإيران امتازت بعدة استراتيجيات عسكرية من أهمها ما يطلق عليه “دبلوماسية حافة الهاوية” ما يعرف بحرب الموانئ وبدء الهجوم على الناقلات النفطية وتزويد حلفاؤها الموجودين في المنطقة وأذرعها بأسلحة نوعية، لا سيما الحركة الحوثية ومن أهمها الصواريخ المجنحة من طراز كروز، وكذلك الطائرات الدرون المسيرة المتطورة هذا عدى عن الألغام المغناطيسية والقوارب السريعة المفخخة وكان هنالك حديث في وسائل الإعلام الإيرانية التي تحدثت بشكل واضح و صريح بأنها بشرت بأن هنالك عمليات نوعية سوف تطال الجهات ” الإستكبار الإقليمي ” في إشارة واضحة للمملكة العربية السعودية على وجه التحديد لأنها تدفع الولايات المتحدة الأمريكية على مواجهة إيران عسكريا، وتعهدت بدفع هذه الدول ثمن عدائها لإيران، وبالتالي أنا لا استبعد أن تقوم إيران بخطوات تصعيدية من ضمنها حرب الناقلات والمضائق وأيضا العمليات التخريبية من خلال قوات الحرس الثوري الموجودة في الخليج، وبالتالي استهداف ما يعرف بناقلات النفط وخاصة أن إيران قد تلجأ إلى هذه الاستراتيجية لتحقيق عدد من الأهداف من أهمها منع الدول الأخرى من تصدير نفطها إلى الخارج، وبالتالي ستؤدي إلى رفع أسعار النفط العالمية، مما سينتج عنه مشكلة في الطاقة قد تدفع بالولايات المتحدة إلى التهدئة مع إيران، وهذا ما يعتقده الجانب الرسمي الإيراني وهذا يحمل دلالة على إفلاس إيران، وأنها باتت عاجزة عن توظيف أوراق المواجهة مع الولايات المتحدة وتلجأ عادة إلى الحروب بالوكالة من خلال استخدام أذرعها والمتمثلة بميليشيات الحركة الحوثية والحشد الشعبي وغيرها من أجل العمليات التخريبية .
و تسعى الولايات المتحدة إلى ضبط التصعيد وفق آلية محددة ولا تريد المواجهة العسكرية مع الجانب الإيراني، وهي تريد عقوبات قاسية والتي قد تؤدي إلى انهيار النظام الإيراني من الداخل، وحدوث حركة احتجاجات على غرار ما حدث في الثورة الخضراء بعام 2009، والرهان على الوضع الداخلي محكوم بمؤشرات خاصة أن هنالك انهيار في قيمة العملة الوطنية “التومان” وصل بالأمس إلى 12500 تومان، وكان هنالك تذبذب كبير و اضطراب في أسواق المال في طهران حيث بلغ قيمته مابين 15 ألف وال 16.5 ألف و عدم الاستقرار يعكس حالة الفوضى الاقتصادية الموجودة في إيران ويؤدي إلى ارتفاع سعر السلع والمواد الأساسية بمستويات غير مسبوقة، وذلك بسبب ارتفاع مستوى التضخم وزيادة حالة الفقر والبطالة وكثرة الجرائم وانتشار الدعارة، مما أضطر بعض النساء الإيرانيات بيع ضفائرهن للحصول على متطلبات الحياة اليومية، وهذا يدلل على صعوبة الحياة اليومية على المجتمع الإيراني، بالإضافة إلى حالة الشحن والجذب الغير مسبوقة بين التيار المحافظ والإصلاحي، وبدأ بعض المحللين الإيرانيين يتحدثون عن ضرورة تعديل الهيكلية الدستورية لإيران من خلال أمرين، إما أن يتحمل المرشد كل الصلاحيات واتخاذ القرارات من خلال تعديل دستوري يقضي بضرورة إعطاء الصلاحيات للمرشد، أو نقلها لرئيس الجمهورية ليستطيع رئيس الجمهورية من خلالها التحرك و اتخاذ قرارات مصيرية فيما يتعلق بالقرارات السياسية والإقتصادية و العسكرية والمرشد رفض ذلك ولا يريد أن يبقى بشكل رمزي وهو يحتفظ بكل الصلاحيات ولكن بموازاة ذلك يتهم الحكومة الإيرانية ويتهمها بأنها هي من أدت لإنهيار الوضع الاقتصادي والسياسي للبلاد على هذه الشاكلة بعد توقيع الاتفاق النووي لكن ما كان ليتم لولا إعطاء الضوء الأخضر من جانب المرشد الإيراني وهنا يأتي الموقف الأميركي وفق آليتين أساسيتين، ممارسة مزيد من الضغوط الإقتصادية على الجانب الإيراني وفرض عقوبات على القطاعات المتبقية، حيث تم فرض عقوبات على 55% من هذا القطاع للشركات التابعة للحرس الثوري الإيراني، والان فرض عقوبات على 45% المتبقية، يعني حرمان إيران ما بين 16 إلى 18 مليار دولار وممارسة مزيد من الضغوط العسكرية على الجانب الإيراني وإرسال القطع العسكرية وتعزيز الوجود الأميركي و مد دول مجلس التعاون الخليجي بأسلحة نوعية لمواجهة أية هجمات أو تهور إيراني بالإضافة إلى تعزيز بنية التحالف الإقليمي والدولي لمواجهة إيران .
المركز الصحفي السوري