تعهدت الدول المانحة، الخميس، بتقديم مساعدات تجاوزت عشرة مليار دولار إلى السوريين في اجتماع لزعماء العالم في لندن يهدف إلى بحث أسوأ أزمة إنسانية في العالم في حين أعلنت تركيا عن تدفق موجة جديدة من اللاجئين تضم عشرات الآلاف من الفارين من القصف الجوي.
ويحاول المؤتمر توفير احتياجات نحو ستة ملايين نازح داخل سوريا وأكثر من أربعة ملايين لاجئ في دول أخرى مع استمرار الحرب الأهلية التي تدور رحاها منذ خمس سنوات بلا هوادة وتوقف محادثات السلام في جنيف.
وفي تصريحات تظهر مدى تدهور الوضع على الأرض في سوريا، قال أحمد داودأوغلو رئيس الوزراء التركي خلال المؤتمر، “إن عشرات الآلاف من السوريين في طريقهم إلى بلاده هربا من القصف الجوي على مدينة حلب”.
وأضاف أوغلو “ما بين 60 و70 ألف شخص في مخيمات بشمال حلب يتحركون باتجاه تركيا. لا أفكر في لندن الآن بل في الوضع على حدودنا. كيف سنعيد توطين هؤلاء القادمين الجدد من سوريا؟”. وتابع “هناك 300 ألف شخص يعيشون في حلب مستعدون للتحرك صوب تركيا”.
وتستضيف تركيا أكثر من 2.5 مليون لاجئ سوري، كما يتحمل كل من الأردن ولبنان العبء الأكبر من فرار السوريين من بلادهم.
وقال العاهل الأردني الملك عبدالله “بالنظر في عيون شعبي ورؤية المعاناة التي يشعرون بها، يجب أن أقول لكم لقد بلغنا أقصى قدرة على التحمل”.
ونقل الكثير من المتحدثين نفس الرسالة قائلين إنه إذا كان اللاجئون يعيشون ظروفا صعبة فإن السوريين المحاصرين داخل البلاد يعانون من القصف والحصار وفي بعض المناطق يكون الوضع أسوأ حيث يواجهون خطر الموت جوعا.
وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال المؤتمر “مع اضطرار الناس لأكل العشب وقتل الحيوانات الضالة واستخدامها كغذاء للبقاء على قيد الحياة، فإن هذا الوضع يجب أن يوقظ ضمائر كل الشعوب المتحضرة وجميعنا علينا مسؤولية علاج ذلك”. ووجهت وكالات تابعة للأمم المتحدة نداء لجمع 7.73 مليار دولار لمواجهة الوضع هذا العام في حين طلبت دول في المنطقة توفير 1.2 مليار دولار أخرى.
وكانت بريطانيا التي تستضيف المؤتمر والنرويج وألمانيا من أوائل الدول التي أعلنت تعهداتها وجاءت بعد ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان والإمارات والكويت ودول أخرى.
وتعهدت بريطانيا بتقديم 1.76 مليار دولار بحلول العام 2020 وتعهدت النرويج بتقديم 1.17 مليار دولار على مدى الأعوام الأربعة المقبلة، وقالت ألمانيا إنها ستقدم 2.57 مليار دولار بحلول العام 2018، في حين أعربت الولايات المتحدة على أن مساهمتها المالية خلال هذه السنة ستكون في حدود 890 مليون دولار.
◄ ألمانيا: 2.57 مليار دولار
◄ بريطانيا : 1.76 مليار دولار
◄ النرويج: 1.17 مليار دولار
◄ الولايات المتحدة: 890 مليون دولار
◄ الكويت: 300 مليون دولار
◄ الإمارات: 137 مليون دولار
ومن جهته تعهد الاتحاد الأوروبي بالمساهمة بنحو 3.36 مليار دولار هذا العام لدعم سوريا إلى جانب الأردن ولبنان وتركيا، وهي الدول التي تتحمل العبء الأكبر من أزمة اللاجئين التي سببتها الحرب الأهلية السورية.
وقال دونالد توسك، رئيس المجلس الأوروبي لمؤتمر المانحين في لندن، إن جيران سوريا يقدمون نفعا عاما للعالم بإيواء أكثر من 4.6 مليون لاجئ سوري وأن على الدول الأخرى أن تدعمهم.
إلى ذلك قال أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، في الكلمة الافتتاحية للمؤتمر، إن بلاده ستقدم خلال السنوات الثلاث المقبلة 300 مليون دولار من المساعدات لسوريا.
وقالت لبنى القاسمي، وزيرة التنمية والتعاون الدولي الإماراتية، إن بلادها تجدد التزامها بتقديم 137 مليون دولار كمساعدات إضافية للأزمة الإنسانية في سوريا.
وأضافت القاسمي أن المساعدات الإنسانية الإماراتية للمتضررين السوريين، منذ العام 2012 وحتى نهاية 2015، تخطت 600 مليون دولار، فيما بلغ إجمالي قيمة المساعدات المقدمة للدول المجاورة لسوريا والمستضيفة للاجئين ملياري دولار.
وقتل نحو 250 ألف شخص في الحرب التي تسببت أيضا في تشريد الملايين منهم، ستة ملايين داخل البلاد وأكثر من أربعة ملايين غادروها إلى الأردن ولبنان وتركيا ودول أخرى.
وترى الدول الأوروبية أن تحسين الوضع الإنساني في سوريا والدول المجاورة ضروري للحد من دوافع السوريين للسفر إلى أوروبا، حيث توجد أزمة ضخمة للاجئين تضغط بشدة على دول كثيرة.
وعلق ستافان دي ميستورا، المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا، جهوده لإجراء المحادثات بعد تقدم الجيش السوري مدعوما بغارات جوية روسية على حساب قوات المعارضة شمال حلب، مما أدى إلى قطع خطوط إمداد لقوات المعارضة من تركيا.
وقال كيري لدى وصوله إلى المؤتمر، إن روسيا عليها مسؤولية الوفاء بالتزاماتها للأمم المتحدة بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية ووقف الهجمات على المدنيين. وأضاف كيري أنه تحدث مع نظيره الروسي سيرجي لافروف واتفقا على الحاجة إلى بحث كيفية التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وأدى تأييد كل من الولايات المتحدة وروسيا لطرف مختلف من أطراف الصراع مع دخول دول من المنطقة إلى ساحة الحرب وتمدد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، إلى تحول الصراع بشكل متزايد ليتخذ منحى عالميا.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في الاجتماع “الوضع لا يمكن أن يستمر. لا يمكن الاستمرار على هذا الحال. لا يوجد حل عسكري. الحوار السياسي وحده هو الذي يمكن أن ينقذ الشعب السوري من معاناته غير المحتملة”.
ويركز المؤتمر على نحو خاص على ضرورة توفير التعليم للأطفال السوريين النازحين وتوفير فرص عمل للكبار، مما يعكس اعترافا أكبر بأن تداعيات الحرب السورية ستستمر لفترة طويلة.
صحيفة العرب