“في غزة ، جيلٌ من مبتوري الأطراف ’’.. هذا العنوان تصدر غلاف عدد صحيفة ” ليبراسيون ” الفرنسية، اليوم الثلاثاء، والذي أوردت فيه الصحيفة شهادات بعض الفلسطينيين من بين الآلاف الذين أصيبوا بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي، خلال مظاهرات “مسيرات العود ة’’ قرب الحدود مع قطاع غزة، مما تسبب في الكثير من عمليات البتر (إزالة أحد أطراف الجسم-كاملاً-أو جزء منه).
“ليبراسيون” توقفت مطولا في تقريرها عند قصة الدراج الفلسطيني، علاء الدالي، الذي حرمه رصاص قوات الاحتلال الإسرائيلية من تحقيق حلمه في المشاركة ببطولة آسيا 2018، بعد أن بُترت ساقه في شهر إبريل/نيسان الماضي، إثر إصابته خلال مشاركته في إحدى المظاهرات. بالإضافة إلى علاء الدالي، تطرقت الصحيفة الفرنسية أيضا إلى حالة الشاب شادي ياسين (26 عاما)، الذي كان يعملُ سائق تاكسي، قبل أن تجبره هو الآخر إصابته على “الموت الاجتماعي’’.
وأشارت “ليبراسيون” إلى أنه على غرار علاء الدالي، أصيب 60 في المائة من الفلسطينيين على مستوى الساقين بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة، مما أدى إلى تشوّهها بسبب “جروح غير مألوفة ومدمرة’’، حسبما ذكرت منظمة أطباء بلا حدود. في حين تؤكد وزارة الصحة في قطاع غزة أن أكثر من 4500 فلسطيني أصيبوا بنيران الاحتلال الاسرائيلي خلال مظاهرات “مسيرات العودة“.
الصحيفة الفرنسية أوضحت أيضا أنه منذ بداية “مسيرات العودة’’، تضاعف عدد العاملين في المنظمات الإنسانية، واصفةً الوضع بأن عشرات الرجال يجلسون على كراسي بلاستيكية، حيث يتم تغيير ضماداتهم وتنظيف جراحهم. وتقوم منظمة أطباء بلا حدود برعاية ثلث المصابين برصاص الجيش الإسرائيلي، جروح بعضهم “كارثية’’ قد تستغرق أشهرا، وفق أطباء بلا حدود.
و ما هو مقلق أكثر، تشيرُ الصحيفة، هو الخطر الكبير المتمثل في احتمال حدوث التهاب لدى المصاب، في ظل وجود العديد من الكسور المفتوحة، وبالنظر إلى الظروف الصحية المحلية – نقص مياه الشرب والمرافق المتقادمة والنقص في الأدوية وغيرها – من المتوقع حدوث نخر ومن ثمة عمليات بتر إضافية في الأشهر المقبلة. أضف إلى ذلك “الإهمال أو اليأس أو العناد’’ خاصة لدى “السكان المستضعفين جداً’’، مما يجعل جروحهم عرضة للرمال والغبار ومرة أخرى للرصاص.
وأكدت “ ليبراسيون ” أن التحدي الطبي المقبل كبيرٌ، حيث تتطلب معظم الجروح عدة عمليات جراحية. ويقدرُ غابرييل سالازار أربيليز ، المنسق الطبي للجنة الدولية للصليب الأحمر في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية ، أن 1350 مصاباً ستجرى لهم عمليات جراحية جديدة (ما بين ثلاثة إلى خمسة عمليات جراحية للشخص الواحد).
لكن غزة لا يوجد بها سوى مركز طبي واحد قادر على انتاج الأطراف الاصطناعية التي يتراوح ثمنها ما بين 1000 و2000 دولار، وتتحمل الجمعيات المحلية تكاليفها. هذا المركز الطبي تضرر، شأنه في ذلك شأن معظم المؤسسات العامة، من جراء الصدام المالي بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس: فهو غير قادر على دفع أجور موظفيه بشكل كامل ومنتظم، إذ يعملون جميعًا بدوام جزئي في الصباح.
المصدر: باريس –” القدس العربي” -آدم جابر: