تنهدت ساره – (35 عاماً) من مدينة إدلب النازحة حالياً إلى لبنان الساكنة في مخيم “عرسال” لللاجئين السوريين- آهات الحزن والأسى لدى سماعها قرار نية الحكومة اللبنانية في ترحيل السوريين إلى سوريا.
سارة المرأة المسكينة رافقها القهر والمعاناة منذ أن تركت مدينتها وغادرت سوريا كرهاً؛ فقد غادرتها منذ بدأت غارات الطيران تسكن السماء وتملؤها هديرا كما تملأ الأرض أشلاء ودمارا، إذ لم تبق حجرا على حجر وقد هدمت إحداها منزلها التي ورثته من زوجها المعتقل في سجون بشار المنسية، وبات عليها التنقل مع أبنائها الصغار ووالديها المسنّين من مكان إلى آخر.. حتى حط بهم التشريد أخيراً في أراضٍ لبنانية حدودية لعلّ البلد الشقيق والصديق كما يقال “عند الضيق” فهم في ضيافة ومن مدت لهم أيدينا “يد العون” سابقاً.
لم تكن ساره تنتظر ممن زاروا وطنها وأكلوا من ثمرات بستانها سنة 2006سوى رداً للجميل بعد أزمة مرت بهم شابهت الحال فعائلتها الطيبة قدمت كل ما تملك من الحاجيات والعون وكرم الضيافة المعهود لأخوة الدم وجار الحدود، وكما يقال “سوا ربينا”.
حملت ساره جوالها القديم وأخذت تقرأ على مسامع الجميع ما حصلت عليه من مواقع التواصل قائلةً بسخرية قبل الحديث كتر الله خير الحكومة “لقد أعلن وزير العدل في الحكومة اللبنانية “سجعان قزي” عن نية حكومته ترحيل السورين إلى سوريا، بدءاً من عام 2017 وتستمر لمدة عامين”.
صمتت سارة قليلاً وأخذت أنفاسا عميقة وحزينة، ولسان حالها يقول “يا رب إلى أين ستستقر بنا الأحزان؟.. من تشريد إلى تشريد”.
تابعت الخبر وهي تنظر لأطفالها الصغار ووالديها الهرميين “ويقول القزي ” إن هناك مرحلة جديدة من تعاطي حكومته من الشأن السوري، لا سيما قضية اللاجئين، حين قال إن عنوان المرحلة المقبلة “سوريا للسوريين والسوريون إلى سوريا” معتبراً أن السوريين يشكلون عبئاً على لبنان ولا بد من إعادتهم إلى بلادهم.
سقطت دموع سارة دمعة تلو الأخرى على يديها الخشنتين من كثرة غسل الأطباق في مطاعم اللبنانيين لتحصل في النهاية على ما تسد به رمق أسرة معدمة وتدفع آجار الخرابة التي تم تسميتها في العقد منزلا، وبأجرة تفوق أجرة فلا في بلودان سابقا.
تابعت ساره “وربط قزي الشعبين الفلسطيني والسوري بقضية البحث عن كيان واستقرار معقباً: “لا نريد مشاعر بل مشروعاً لإعادة النازحين السوريين إلى سوريا، ليبقى لبنان للبنانيين وتبقى سوريا للسوريين، فعودة السوريين إلى سوريا ضرورية ليعود جوهر الصراع في سوريا إلى حقيقته”.
هزت والدة سارة رأسها بحزن ودمدمت “من يوم يومنا تجمعنا أخوة الدم والأرض باللبنانية بيتزوجوا من عنا وبنزوجهم بناتنا.. آه هلق صرنا عالة عليهم، والله نحنا صرنا من وجع إلى وجع.. بتأكل منا النار متل ما تأكل الحطب”.
نهض والد ساره من مكانه المظلم وخرج إلى فناء المنزل وهو يقول ” يا رب ارجمنا كل هاد الوجع من نظام لا بيرحم ولا حدا عبيحسن يرده عن ظلمه، وما ع ننتهي عند حد شي اعتقالات وشي خطف على حواجز، وشي مداهمات، وهلق ترحيل، هاي أنا وهي خسرنا ابنا الكبير في سجن سوريا وابنا الصغير في سجن لبناني.. ويا ريت عم نخلص من المدايقات”.
رفع والد سارة رأسه للسماء كأنه يخاطب ربه الشاهد على معاناة تزداد مرارة.. إلى متى سننتظر فرجك؟ ومتى سينال الظالم عقابه؟!”.
المركز الصحفي السوري- بيان الأحمد