سارعت قطر إلى إقامة جسر جوي لنقل مساعدات تشمل مستشفيات ميدانية ومواد طبية إلى لبنان عقب الانفجار الذي ضرب مرفأ بيروت وتسبب في سقوط ضحايا كثيرين وخسائر مادية كبيرة، وبالتوازي تتعدد المبادرات الشعبية تعبيرا عن التضامن مع الشعب اللبناني في محنته.
وقد انطلقت مبادرة شعبية تتبناها هيئات خيرية وإنسانية لدعم الشعب اللبناني من خلال استقبال المساعدات المالية والعينية، في محاولة لسد جزء من احتياجاته الكبيرة، خاصة في جانبها الإغاثي والطبي.
ويعول على المزاوجة بين المبادرات الرسمية والشعبية لترميم ما أحدثه الانفجار من دمار هائل، وتقديم المساعدة لأسر الضحايا، ومواساتهم وتقديم الدعم لهم، خاصة من فقدوا المأوى والمعيل.
وعبرت سفيرة الجمهورية اللبنانية بالدوحة فرح بري عن إشادتها بهذا الحب والتضامن الذي عبّر عنه كبار المسؤولين القطريين وعموم الشعب القطري، وما له من أثر كبير في تخفيف حجم المأساة التي حلت بلبنان.
وقالت للجزيرة نت إن “لبنان تعرض لنكبة قاسية ومؤلمة جراء الانفجار مما جعل لبنان بلدا منكوبا، وقطر بأياديها البيضاء سباقة بمد يد العون والمساعدة لإغاثة لبنان في هذا الظرف العصيب”.
وكانت قطر أعطت أمس المواطنين اللبنانيين من حاملي الإقامة القطرية الموجودين حاليا في الجمهورية اللبنانية الشقيقة والراغبين بالعودة إلى البلاد، الأولوية في موافقة الدخول الاستثنائية، وفقا للإجراءات المتبعة حاليا لسياسة السفر والعودة إلى دولة قطر ضمن الرفع التدريجي للقيود المفروضة جراء جائحة كورونا، كما تقرر السماح للمواطنين اللبنانيين من حاملي الإقامة القطرية باستقدام أقاربهم من الدرجة الأولى.
وأمس أيضا اكتست جدران عدد من معالم ومبان في الدوحة بألوان إضاءة تجسّد علم لبنان تضامنا مع بيروت، وعلى رأس تلك المعالم التي زينت جدرانها بالعلم اللباني فندق الشيراتون وبرج الشعلة ومتحف قطر الوطني.
وتداول عشرات الناشطين القطريين واللبنانيين صور معالم الدوحة وهي تتزين بعلم لبنان، مؤكدين تضامنهم مع الشعب اللبناني ووقوفهم إلى جانبه.
تضامن شعبي
وبالتوازي مع هذه الجهود، أعلنت بعض المطاعم اللبنانية عن تخصيص مداخيل يوم كامل لفائدة دعم احتياجات المنكوبين في لبنان، ودعت كافة المواطنين والمقيمين لانخراط في هذه المبادرة، والتعبير عن دعمهم للشعب اللبناني.
صاحب مطاعم “أدارا كروب” صلاح عليان يقود إحدى هذه المبادرات التضامنية التي ستنخرط فيها سلسلة المطاعم التي يملكها بكافة فروعها في كافة المناطق بقطر يوم السبت المقبل، حيث يأمل أن تنجح المبادرة في جمع مبالغ كبيرة لفائدة المتضررين في العاصمة بيروت.
وفي تصريح للجزيرة نت، قال عليان إن هذه المبادرة ستخصص كافة المداخيل بنسبة 100% لصالح لبنان، وستسلم لثلاث جهات هي الهلال الأحمر القطري والصليب الأحمر اللبناني، ثم من خلال الدعم المباشر لعدد من الأسر، خاصة تلك التي فقدت معيلها أو دمرت بيوتها جراء الانفجار.
وقد تفاعل أبرز المغردين القطريين واللبنانين المقيمين في قطر وعدد من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي، وعبروا عن دعهم لهذه المبادرة من خلال تنسيق حملات ترويجية واسعة النطاق عبر المنصات، كما دعوا في الوقت نفسه إلى أن تكون أكثر سخاء وتخدم أهدافا إنسانية عاجلة.
ويتوقع أن تنطلق خلال الأسابيع المقبلة مبادرات أخرى تدعم الجهود الإنسانية تجاه لبنان، وتشمل بعض الشركات العاملة في قطر ومطاعم مشهورة، ويجري التحضير لها والتعبئة لإنجاحها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأبدى المواطنون تعاطفهم مع لبنان في هذا الحادث المأساوي، داعين الدول العربية وقادتها إلى تقديم العون اللازم للبنانيين في هذه المحنة القاسية التي يتعرضون لها والتي تضاعف معاناته السابقة والممتدة منذ سنوات.
مساعدات قطرية
ومنذ الإعلان عن ربط مطاري الدوحة وبيروت بجسر جوي لنقل المساعدات العاجلة إلى لبنان، لم تهدأ التحضيرات في البلدين للإسراع ببدء تقديم المساعدات والعمل في المستشفيين الميدانيين لتخفيف الضغط على النظام الصحي اللبناني المنهك جراء وباء كورونا.
كما يشمل الجسر الجوي من المساعدات القطرية أجهزة تنفس ومعدات ومستلزمات طبية ضرورية، بالإضافة إلى فريق كامل للبحث والإنقاذ يتمتع بكفاءة عالية وخبرة واسعة في مجال الإنقاذ والبحث عن المفقودين.
ويرى الإعلامي والمحلل السياسي جابر الحرمي أن المساعدات القطرية التي وصلت بالفعل إلى لبنان تعبير صادق على دعم قطر المستمر لهذا البلد في مواقف متعددة سواء كانت سياسية أو إغاثية، وهي نابعة من مواقف مبدئية لدولة قطر تجاه كافة الشعوب في العالم.
وقال الحرمي للجزيرة نت إن قطر ظلت دوما إلى جانب لبنان، وسعت باستمرار إلى مساعدته على إيجاد حلول لمختلف أزماته المستعصية، وذكّر في هذا السياق باتفاق الدوحة عام 2008 الذي أنهى حالة الانسداد السياسي في البلاد، وكذلك بجهود الدوحة في دعم مشاريع إعادة الإعمار والتنمية بعد حرب يوليو/تموز 2006.
ويوما بعد يوم، تتكشف الخسائر الهائلة التي خلفها الانفجار في مرفأ بيروت، وترتفع تكلفة ترميم المنشآت الحيوية التي تضررت بشكل مباشر، حتى بات الأمر كأنه إعادة إعمار العاصمة بيروت.