تشن قوات النظام هجوما عنيفا ومتواصلا منذ ثلاثة أشهر على ريف اللاذقية غربي سوريا مدعومة من مليشيات من إيران والعراق ولبنان، بغطاء جوي من الطيران الروسي الذي استخدم أشد أنواع الصواريخ تدميرا، ولم يتوان عن قصف المنطقة بالصواريخ العنقودية.
ونجح هجوم النظام حتى الآن في تهجير كل المدنيين من جبلي الأكراد والتركمان، ولم يتبق فيها إلا قوات المعارضة التي تواجه الهجوم.
كما تمكن النظام وحلفاؤه من السيطرة على كثير من مواقع المعارضة بريف اللاذقية، وأهمها برج زاهية وقرى الزويك والدغمشلية ودير حنا وغمام بجبل التركمان، وبرج القصب وجبل النوبة وجبل غزالة وقرى دورين وكفر دلبا والجب الأحمر وأبو ريشة وعكو وبشرفة وعرافيت في جبل الأكراد.
وتتفق آراء معظم المراقبين على أن غاية النظام وروسيا من إخضاع ريف اللاذقية التأسيس لإقامة دولة علوية بالساحل السوري، و تشمل جغرافية الدولة العلوية المزمعة كل الجبال الساحلية وصولا إلى مشارف سهل الغاب وجسر الشغور شرقا.
ويرى هؤلاء المراقبون أن روسيا تعمل على تنفيذ الخطة “ب” للوضع السوري والقاضية بإقامة “سورية المفيدة” وتمتد من دمشق إلى حمص وحماة وصولا إلى الحدود التركية، وتكون بإشراف مباشر وحماية كاملة من روسيا التي أنشأت حتى اليوم ثلاث قواعد عسكرية في كل من طرطوس وحميميم وصلنفة.
ويؤكد عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة جواد أبو حطب أن النظام وروسيا يسعيان إلى تهجير سكان المنطقة، حيث يرون أن ذلك يسهّل عليهما اقتحامها والسيطرة عليها، ليتم فيما بعد إسكان الموالين للنظام فيها وضمها لدولة الساحل.
ويضيف أبو حطب في حديثه للجزيرة نت أن النظام وروسيا لم يتوانيا عن ارتكاب المجازر واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا في قصف المدنيين، ولم يتورعا عن قصف المنشآت التعليمية والمشافي الميدانية وقتل التلاميذ والمرضى فيهما، كما حصل في قرى الناجية وبداما ومرج الزاوية ومشفيي البرناص والقساطل.
ويرى المحلل السياسي طارق عبد الهادي أن النظام وبإيعاز من روسيا يسعى للسيطرة على ريف اللاذقية قبل الشروع في المفاوضات مع المعارضة السورية مع نهاية الشهر الحالي، والتي سيتبعها وقف لإطلاق النار، ليعمل على تثبيت وجوده فيها وعلونتها تدريجيا.
ويقول عبد الهادي إن روسيا تحاول الضغط أكثر على الحكومة التركية من خلال احتلال جبل التركمان الذي تعود أصول غالبية سكانه إلى تركيا لإحراجها أمام جمهورها المحلي وانتقاما منها لإسقاطها طائرة سوخوي الشهر الماضي
ويرى المحلل السياسي أن ذلك يأتي في سياق حملة روسية أوسع على تركيا تتخذ عدة مظاهر وتشمل أكثر من جانب.
تخاذل البعض
ويرجع الإعلامي محمد حاج بكري -من ريف اللاذقية- سبب نجاح النظام في تحقيق انتصارات على الأرض بريف اللاذقية إلى تخاذل كثير من الفصائل المقاتلة في دعم جبهة الساحل، لا سيما تلك التي تقاتل في إدلب وريف حماة.
وأشار إلى أنها مع الفصائل المقاتلة بالساحل كانت قادرة على إفشال هجوم قوات النظام من خلال مبادلته الهجوم، ونقل المعركة إلى القرى الموالية له، وتوقع أن تندم تلك الفصائل على تقصيرها في دعم مسلحي المعارضة بريف اللاذقية، لأنها ستكون في مرمى نيران النظام إذا ما نجح في إكمال سيطرته على جبال اللاذقية وريف إدلب الغربي.
يُذكر هجوم قوات النظام تحت الغطاء الجوي الروسي التهم ثلث مناطق المعارضة بريف اللاذقية، وتسبب بتدمير أكثر من 25% من منازل المدنيين، وقضى على الحياة الاقتصادية، حيث توقفت الزراعة وأغلقت الأسواق التجارية، بعدما انتقل سكانه إلى مخيمات اللجوء قريبا من الحدود التركية.
المصدر : الجزيرة