لكأنه حلم أسود أو كابوس…
أن يغدو ما بناه الصحابي معاوية بن أبي سفيان في قلب دمشق، حاضرة الخلافة الأموية التي كانت تشرق عليها الشمس من الصين وتغرب عليها في جنوب فرنسا، وقريبآ من مرقده، مكاناً تعلو فيه أصوات الجنازير واللطميات الفارسية مع سيل من اللعنات لهذا المؤسس العظيم .وفي أي مكان؟!!! في ساحات جامع بني أمية القائم منذ ثلاثة عشر قرناً، يتحدى تصاريف الدهر وتقلبات الأزمنة والعهود..
فيالقساوة المشهد ويالسوء المنقلب ويالغرابة الدهر…. في قلب دمشق تُصلى الأجساد بالنيران، وتشوى اللحوم بأغلال فارسية يملؤها الحقد على أناس، ذنبهم أنهم أحفاد لرجال أخمدوا تلك النيران يوم (القادسية) يوم هزم الفرس هزيمة نكراء موجعة في أرض العراق!
فهل يجب أن يباد أهل السنة الذين يراهم العالم سدآ في طريق مؤامراتهم.. وهل وجب عليهم أن يقتلوا حتى يصبحوا أقلية…. فإذا كنت سنيآ من الساحل أو من حمص فأنت داعشي حتمآ تحمل جينة يزيدية من جينات (يزيد بن معاوية) يجب حرقها انتقامآ للحسين… وقد نسي السذج والموتورين أنك أولى بالحسين رضي الله عنه لأنك تتبع سنة جده صلى الله عليه وسلم… وأحق به وبآل البيت… حتى اجتمعو عليك من كل حدب وصوب تؤزهم أحقاد الفرس خادعة البلهاء من العرب الذين تشيعوا بأنها مطالبة بدم الحسين بعد مئات السنين!
والمصيبة أنك لو كنت من الشمال السوري لتلقفتك ألسنة أخوتك الكرد بغيض من السباب (بعثي .شوفوني.صدامي).. فيما تعمي شهوة بناء الدولة القومية بصيرتهم عن أي مشاعر وفاء، لمن وقع عليهم الظلم ذاته على يد الحكم العلوي – البعثي!
إنها لعنة الهوية التي تلاحق العرب السنة في سوريا… ولو عدنا إلى ميزان العقل ومنارة الضمير لرأينا أن العرب السنة أطيب الطوائف وأكثرها قبولا للغير…فلقد حكمو قرونآ عديدة دون أن تسجل لهم جريمة واحدة بحق الأقليات، وعلى العكس تماما فإن قبولهم للغير وحسن الظن هو من أوصل العلويين إلى السلطة وسمح لليهود والمسيحيين وللدروز أن يسكنوا دمشق آمنين، ناهيك عن الشمال السوري فمازال الأرمن يشهدون – ببقائهم وما أسسوه في بلادنا- على حسن الاستقبال والاحتضان لهم من قبل العرب بعد المجازر التركية بحقهم… وهل للكردي أن ينسى من كان يساعده في تسجيل عقار في وقت كان البعث فيه يحرمه من حق الامتلاك.
نعم إنهم العرب السنة الذين لم ولن يربوا أبنائهم على الحقد والكراهية… فمن منا يحفظ تاريخ مقتل الخليفة عمر أو عثمان؟ ومن منا يرفع شعارات يا لثارات عمر من قاتله المجوسي أبي لؤلؤة وأحفاده وأحفاد وأحفاد أحفاده… كما يفعل الجنون الشيعي حين يطلبون الثأر للحسين من أحفاد يزيد… فضلآ عن إقامة المناحات الحاقدة واللطميات اللا عقلانية حيث يربى الأطفال على الثأر من كل جيل يأتي فهل يشفي غليل الحسين رضي الله عنه بقتل أطفال وحرق جثثهم؟!
إنه الزمن الموبوء ولعنة الطيبة السنية جعلت من نكران الجميل شعارآ للسواد الأعظم من الطوائف الأخرى.. إلا من رأى بوجدانه وحفظ بذاكرته، ونطق بلسان الضمير ..
لست طائفيا كما سيسارع الكثيرون لاتهامي، بل هي حرقة القلب والبحث عن ضمير يقض أخرج هذه الكلمات من صدر ملأه حب الوطن بكل نسيجه الاجتماعي كمزهرية تناغمت بها أزاهير مختلفة يجمعها وعاء واحد ومشربها من ماء أوجده الإنسان.
فاروق شريف: أورينت نت