بقلم الكاتب: محمد فخري جلبي
بداية يجب إزالة سوء الفهم وإسقاط الضوء تجاه النظرة الأمريكية حول تعاطيها مع المشاكل والمخاطر التي تحيط بالعالم، لكي نتمكن من الوصول بسلاسة ووعي إلى الحقيقة الضباضبية حول (لماذا قطر ) ؟؟
ذاك السؤال الذي أشعل حربا إعلامية بين الجميع، نظرا لانقسام الوطن العربي إلى معسكرين متناقضين وبشكل صارخ هما (السنة والشيعة ).
كما يقوم كل من المعسكرين بتسخير آلته الإعلامية الضخمة لكشف عورات الخصم دون الالتفات إلى ضرورة طرح المعلومات بشكل مهني وصادق، مما يزيد من صعوبة الموقف من أجل فك شيفرة العداوة المشبعة داخل نفوس الجماهير المنطوية تحت لواء المعسكرين.
وقبل الغوص في أغوار المقال يتوجب علينا ذكر ثلاث تصريحات أمريكية بامتياز من شأنها أن تضع بين أيدينا خارطة عسكرية توضح لنا أماكن زرع الألغام الأمريكية على الخريطة !!
* تصريح باراك أوباما بشأن أوكرانيا عقب اعتناق أغلب المحلليين السياسيين في حينها فكرة ارتفاع مؤشرات نشوب حرب عالمية ثالثة !!
الخميس28أغسطس 2014
أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما، أنه “من المؤكد بالنسبة إلى العالم بأسره” أن القوات الروسية موجودة في أوكرانيا، لكنه أستبعد أي لجوء إلى القوة “لمعالجة المشكلة الأوكرانية” ؟؟
* في السياق نفسه ولكن عبر النافذة الكورية الشمالية وبعد تشكل زوبعات من ردود الأفعال والتصريحات النارية الصادرة عن البيت الأبيض، عبر الرئيس الأميركي دونالد ترامب الإثنين 1مايو 2017 عن أستعداده للقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون “في الظروف المناسبة”، وذلك بعد أسابيع من الحرب الكلامية والمناورات العسكرية في منطقة شبه الجزيرة الكورية !!
* زلة لسان هنري كيسنجر مهندس سياسة الولايات المتحدة الخارجية ” بأنه ليس من مصلحة الولايات المتحدة حل أي مشكلة في العالم ، بل من مصلحتها الإمساك بخيوط المشكلة وإدارتها حسب مصالحها.
ومن خلال تلك التصريحات يمكننا القول بأن الولايات المتحدة الأمريكية قد استوعبت الدرس وأدركت بأن التلويح بالعصا أكثر فائدة من استخدامها، بعد سلسلة الحروب التي خاضتها في فيتنام وأفغانستان والعراق . وبأسلوب آخر لكنه يثقل كفة أيدلوجية ( التلويح ) قيام واشنطن بضربات خاطفة تماشيا مع وقع التوترات في بعض الملفات الساخنة من أجل التذكير بالقوة الأمريكية الممكن أستخدامها أن رغبت بذلك واشنطن، دون السقوط في تلك الفقاعة المفتعلة، والهدف منها الترهيب من أجل دفع جميع الخصوم والحلفاء إلى زواية ضيقة تمكن واشنطن من أخضاع الجميع إلى الشروط المعدة مسبقا في البيت الأبيض.
فواشنطن تستخدم أسلوب التهديد والوعيد، كما تتعمد باستمالة أحد الأطراف ضد الطرف المقابل، وتدحرج كرة اللهب نحو الجميع مع طرح ردود أفعال تتناسب مع الموقف !!
حيث تبدي واشنطن قلقها البالغ من جهة بينما تدعم الخصم من جهة أخرى، وعلى سبيل المثال إشهار واشنطن بطاقة الطلاق بوجه الرياض وحزم الحقائب الأمريكية في عهد باراك أوباما للسفر باتجاه طهران، بعد قيام واشنطن بتوقيع الاتفاق النووي مع إيران وتشريع قانون جاستا لخنق المملكة العربية السعودية دوليا، مما أدى إلى تمزق أعصاب ساسة الرياض من شدة الفزع ليأتي دونالد ترامب يحمل الدواء المضاد للعدوة الإيرانية (بنظر الرياض ) في المنطقة مع تسعير ذلك الدواء بمبلغ 450 مليار دولار فقط !!
عزيزي القارىء كان لابد من ذكر ماسبق لتستطيع الدوران حول العاصفة الإعلامية التي تضرب عالمنا العربي لتصبح الرؤية أمامك واضحة وجلية ..
لماذا قطر ؟؟
سؤال يفجر عشرات التساؤلات، ولنبدأ بترتبب الأمور بحسب حدوثها.
تصريحات تميم بن حمد آل ثاني رئيس دولة قطر في الرابع والعشرين من مايو الماضي “لا يحق لأحد أن يتهمنا بالإرهاب لأنه صنف الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، أو رفض دور المقاومة عند حماس وحزب الله”.
وشدد الشيخ #تميم – فيما نشر “على أن #قطر نجحت في بناء علاقات قوية مع أمريكا و إيران في وقت واحد، نظراً لما تمثله إيران من ثقل إقليمي و إسلامي لا يمكن تجاهله، وليس من الحكمة التصعيد معها، خاصة أنها قوة كبرى تضمن الاستقرار في المنطقة عند التعاون معها .
وأدت تلك التصريحات (أو كما أراد البعض باستخدام تلك التصريحات كرافعة أساسية للمشكلة ).
في الخامس من شهر يونيو الجاري إلى قطع سبع دول على رأسهم السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات مع الدوحة، و إغلاق الأجواء أمام حركة الطائرات القطرية بالتزامن مع قطع العلاقات الدبلوماسية،
ويعتقد البعض بأن تصريحات الشيخ تميم حول العلاقات الثنائية مع #إيران ألد أعداء #الرياض، وإيواءه للأخوان المسلمين وحركة حماس، واعترافه بأن حزب الله حركة مقاومة ( والتي تعتبرهما السعودية جميعا منظمات أرهابية )، بأن تلك الأسباب والتصريحات هي من أشعلت فتيل الأزمة بين الطرفين .. وهذا كثير من الغباء !!! طبعا لا يعقل أن يصدق عاقل أن االسعودية والإمارات علموا قبل بضعة أيام بتحالف إيران مع قطر !! كما لاأعتقد بأن الرياض وأبوظبي فطنوا بدعم قطر للإخوان قبل عدة أشهر فقط !!
بل من السذاجة تصديق تلك الشعارات التي ترفعها الرياض وحلفاؤها ضد قطر، ويجب تسمية تلك الشعارات بتضليل تحت ستار تنفيذ خطط واشنطن لضرب الدول ببعضها البعض !!
وإن كانت تلك الهجمات الهستيرية ضد الدوحة وحصارها برا وبحرا وجوا تحت ذريعة التعاون مع إيران، فمن الأنسب محاسبة الإمارات على علاقاتها التجارية مع طهران والتي تجاوزت الست مليارات دولار.
ومن ناحية أخرى وتطبيقا للعدالة السعودية ينبغي محاسبة الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت والذي يتكبد عناء السفر بين عواصم الدول العربية المتأزمة من أجل ترطيب الأجواء ونزع فتيل الأشتباك بين الدوحة والرياض !! والسبب قيام الصباح بإقامة الكرنفلات وإحياء المهرجانات على شرف زيارة الرئيس الإيراني حسن روحاني للكويت، ووصف نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجارالله حسن روحاني لبلاده “الإيجابية والناجحة” . بالإضافة
إلى زيارة وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح شهر يناير هذا العام إلى طهران.
وفي تصريحات له قال الوزير الصباح إن الرسالة التي يحملها إلى روحاني تتعلق بالتعاون المشترك بين الجانبين، وأضاف الصباح “نحن شركاء في هذه المنطقة ولدينا مصالح مشتركة ولدينا إمكانات كبيرة، وتطبيع العلاقات وفتح حوار هو ما سيقودنا إلى توظيف كل هذه الإمكانات بما يعود بالمنفعة على الجانبين الخليجي والإيراني” !!
إذا كشف السبب بطل العجب !! أعتقد بأنك عزيزي القارىء قد توصلت لنصف الإجابة حول سؤالنا، لماذا قطر ؟؟ وذلك بعد نسف جملة الأسباب المحيطة بزوايا السؤال.
وبطبيعة الحال تقوم واشنطن بالرقص على كلا الحبلين، فهي تدعم موقف السعودية من ضفة وتشد على أيادي القطريين من ضفة أخرى !!
فقد اعتبر الرئيس الأميركي #دونالد_ترامب، أن عزل قطر قد يشكل “بداية نهاية رعب الإرهاب” موضحا أن “كل الدلائل تشير إلى قطر” في تمويل التطرف الديني . بينما أكدت السفارة الأمريكية في الدوحة دعم واشنطن للجهود القطرية في مكافحة الإرهاب ، وقامت السفيرة الأمريكية لدى الدوحة “دانا شيل سميث” بإعادة نشر تغريدتين على صفحتها الرسمية في موقع “تويتر” تحدثت الأولى عن “الشراكة العظيمة” بين البلدين وجاء في التغريدة الثانية أن “الولايات المتحدة تؤيد جهود قطر في مكافحة تمويل الإرهاب وتشيد بدورها في التحالف ضد تنظيم الدولة” !!!!
فهل من المعقول أن تغرد السفيرة الأمريكية خارج السرب الأمريكي ؟؟؟؟
أم جاءت تغريداتها كتصريحات ترامب لتزيد الطين بلة ؟؟؟
وضمن سياق الحدث فقد ذكرت في مقال تحت عنوان ( الحمار والجزرة ) بتاريخ 4 يونيو الحالي بأن تداعيات الأزمة الخليجية ( الأمريكية ) قد تؤدي إلى غزو دولة قطر، وهذا مادفع القوات الإيرانية والتركية بالتواجد بالدوحة بكامل عدتها وعتادها.
ومن يدحض هذه الرؤية يتمتع بتفسير قاصر حول عدم إمكانية سماح واشنطن بحدوث ذلك، فاللبيت الأبيض سياسته الشيطانية نحو جميع المسائل.
ومع أني طرحت هذه الرؤية ولكني لاأمنحها إشارة الانطلاق، ولكن بالإمكان حدوثها إن توازت مع المصالح الأمريكية. والغزو هنا بمعنى قلب نظام الحكم ليس إلا.
فقد أفادت مصادر مصرية، الأربعاء، بأن قوة #الحرسالثوريالإيراني #تحمي #أمير_قطر داخل قصره.
وأضافت المصادر أن قوة الحرس الثوري وصلت قطر تحت غطاء التدريب. كما وفي خضم الخوف المتربص بقادة قطر من القادم مما دفعها إلى طلب العون من السلطان التركي (بائع السميت ) ليصادق البرلمان التركي بالأغلبية على الاتفاقيات المتعلقة بتعزيز التعاون العسكري بين تركيا وقطر، التي أبرمت أواخر العام 2015 وعُدّلت في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، والتي تمنح تركيا حق إقامة قواعد عسكرية في قطر ونشر قوات عسكرية بالإضافة إلى تلك الموجودة في السابق والتي يبلغ تعدادها 150 جندي وذلك بحسب موقع (تركيا بوست ) .
وبقي أن نذكر بأن واشنطن وعبر توزان دموي تخلط جميع الأوراق مع بعضها لتصيب اللاعبين بالتشتت وعدم التركيز . وكما غادر ترامب السعودية محملا بالمال لتبدأ المشاكل بين الأخوة الأعداء، فهناك في البيت الأبيض من يحرك خيوط اللعبة على المسرح الإيراني. وهذا الأمر يتشعب إلى احتمالين ..
أولهما رد الجميل للسعودية على كرمها باتخام الخزانة الأمريكية، وثانيهما هو رغبة واشنطن بتأجيج الصراع بين المعسكرين السني والشيعي ودفعه إلى نقطة الغليان وذلك من أجل إخضاع الجميع للشروط الأمريكية بعد تفشي حالة من الفوضى والقلق المفرط بما ستحمله الأيام القادمة للمنطقة.
فقد شهدت إيران، صباح الأربعاء، حادثتي إطلاق نار منفصلتين، وقعت الأولى داخل البرلمان الإيراني، والثانية عند ضريح زعيم الثورة الإيرانية آية الله الخميني. ونقلت وكالة رويترز عن بيان للحرس الثوري الإيراني قوله إن “من الواضح أن لأميركا والسعودية دورا في هجوم طهران “.
عزيزي القارىء يجب دائما التأني بنطق الحكم وعدم الانجراف بسيول نشرات الأخبار العربية والعالمية، والأمر باختصار خطة أمريكية رسمت بعناية ويتم تنفيذها بأدق تفاصيلها.
فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب جل مايهمه هو جني الأموال لإسكات الأصوات الناقدة بالداخل.
فمن ألقى بقنبلة في أحضان المجتمع الدولي عبر اتخاذه قرارا بانسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ مماينذر بدمار كوكبنا في المستقبل القريب، لن يساوره الندم من ضرب الدول بجدار إسمنتي ليسهل السيطرة عليها لاحقا .
والأزمة القطرية السعودية أمام خيارين فقط لاثالث لهما وبرعاية واشنطن بلا شك ..
1. قبول الدوحة بشروط الرياض، وكما جاءت على لسان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن على قطر التوقف عن دعم جماعات مثل الإخوان المسلمين وحركة حماس الفلسطينية، مع الإشارة لإمكانية قبول تلك الشروط من قبل الدوحة دون تنفيذها كعهدها السابق، في حال تدخل البيت الأبيض بكامل ثقله لدى الرياض لترضخ في نهابة الأمر .
2. تعتيم الأزمة وإشاعة الضجيج حول اختراق الروس للمنظومة الإعلامية القطرية والتي لفقت حديث الشيخ تميم ( وذلك بحسب دفاع الدوحة عن نفسها ) . وكانت شبكة “سي إن إن” أفادت نقلا عن مسؤولين أميركيين بأن قراصنة روس يقفون وراء الهجوم المعلوماتي ضد وكالة الأنباء القطرية الرسمية الذي حصل في نهاية أيار/مايو وأثار توترا في المنطقة .
ملاحظة ( بأن قطر تسعى لزعزعة الوطن العريي من خلال ذراعها الإعلامي في قناة الجزيرة ودعمها لبعض التنظيمات المتطرفة، كما يكفي تبجح الشيخ تميم بالعلاقات الممتازة مع إسرائيل ) ..
أستودعكم الله الذي لاتضيع عنده الودائع ، ودمتم بخير إينما كنتم على سطح هذا الكوكب المظلم !!!