أرجع عدد من الخبراء والكتاب الصحافيين، النظرة العربية الإيجابية تجاه تركيا مقارنة مع بعض الدول الأخرى، إلى وقوف هذا البلد مع شعوب المنطقة ودعم قضاياهم، فضلا عن عدم امتلاكها أجندة توسعية في المنطقة بعكس دول أخرى.
جاء ذلك تعليقا، على نتئاج المؤشر السنوي للرأي العام العربي، الذي صدر أمس الإثنين، عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة.
ويعتبر هذا المؤشر أكبر برنامج بحثي مسحي إحصائي في العالم العربي، لرصد نظرة الرأي العام في الدول العربية تجاه قضايا عديدة تقع في نطاق اهتمام المواطن العربي.
وتطرق المؤشر لاتجاهات الرأي العام العربي تجاه السياسات الدولية المتبعة في المنطقة، مبيناً أن الرأي العام يكاد يكون مجمعاً على أن السياسات الأمريكية والروسية والإيرانية هي سياسات سلبية في المنطقة.
وأظهر أن نظرة الرأي العام العربي تجاه تركيا ظلت هي الأكثر إيجابية في ظل رفض السياسات الإيرانية والأمريكية والفرنسية والروسية في المنطقة.
ووفقا للنتائج، فإن 54% من المستجوبين رأوا أن السياسة التركية في المنطقة العربية كانت بمجملها إيجابية وإيجابية إلى حدٍ ما؛ في حين رآها 34% سلبية، و12% لم يعطوا أي إجابة. وكانت هذه أفضل نسبة تحصل عليها دولة في المنطقة مقارنة بقوى اقليمية أخرى.
وتفصيلاً، رأى 49% من المستجيبين أن سياسات تركيا تجاه القضية الفلسطينية إيجابية؛ مقابل 35% يرونها سلبية.
وحول تقييم هذه السياسات تجاه سوريا، انقسم الرأي العام بشأنها، إذ رآها 43% أنها إيجابية، و 42% رأوها سلبية.
وحول العراق، رأى 38% من الرأي العام العربي أن السياسات التركية تجاه هذا البلد إيجابية، في حين رآها 45% سلبية.
وتجاه اليمن، رأى 36% من الرأي العام أن السياسات التركية تجاهه إيجابية، في حين رآها 40% سلبية.
ورأى 36% أن السياسات التركية تجاه ليبيا إيجابية، بمقابل 40% رأوها سلبية.
وبشأن السياسات الإيرانية في المنطقة، قال 73% من المستجيبين أنهم يعتقدون أنها تهدّد أمن المنطقة واستقرارها، ورأى 69% أن السياسات الروسية لها تأثيرات سلبية في المنطقة، في حين رأى 59% أن السياسات الفرنسية سلبية.
وبشأن السياسات الإسرائيلية تجاه المنطقة العربية رأى 89% من المستطلعة آراءهم أنها تهدد أمن واستقرار المنطقة، كما اكد 81% من الرأي العام العربي أن السياسات الأمريكية تهدد أيضا أمن واستقرار المنطقة.
وتعليقاً على هذه النتائج لفت الكاتب القطري المعروف جابر الحرمي، إلى أنها “طبيعية، فتاريخياً وحاضراً كانت مواقف تركيا دائماً داعمة ومساعدة للمواقف العربية، وتجلى ذلك بوضوح من خلال عودة تركيا للمنطقة من جديد ودفاعها عن قضايا الأمة وعلى رأسها فلسطين”.
وأوضح الحرمي للأناضول أن “هناك من يرى في تركيا أملاً متجدداً لقيادة الأمة في ظل التحديات وتكالب الدول علينا؛ بينما تمتلك الدول الأخرى أجندات توسعية في المنطقة”.
من جانبه، قال مروان قبلان، مدير تحليل السياسات في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات إن “هناك 3 عناصر رئيسية تحكمت في النظرة الإيجابية العربية نحو تركيا، على رأسها استقبالها للاجئين السوريين حيث كان موقفها أفضل من غالب الدول العربية نفسها؛ وكذلك الموقف التركي الداعم للشعوب وثوراتها”.
وتابع قبلان للأناضول أن “العنصر الثالث هو أن تركيا مازالت مقارنة بإيران قريبة للعرب ولا تتخذ أساليب توسعية تهدد المنطقة، فإيران مثلاً تلعب دوراً سلبياً جداً في تفكيك المجتمعات العربية وتتدخل فيها لصالح أنظمة معينة أو طوائف، ولكن على العكس فإنه لا أجندة توسعية لدى تركيا بل تعاون وصداقة تاريخية”.
من جانب آخر، رأى الخبير في العلاقات الدولية وليد الحداد، أن “النظرة الإيجابية التي تتبناها معظم الشعوب العربية تجاه تركيا، تشكلت في الأساس لأنه لم يعد هناك من يهتم بقضايا الأمة العربية من أبنائها كما تهتم تركيا، التي تتخذ مواقف دولية لم تتخذها قيادات عربية، مثل مواقف تركيا من سوريا والعراق وفلسطين ومصر”.
وقال الحداد للأناضول إن “الشعور العام بالإحباط لدى مواطني الدول العربية بسبب عدم وجود أي تقدم ملحوظ على كافة الأصعدة لا سيما الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، مقارنة مع واقع تركيا الجيد وحالة النجاح الموجودة فيها، يُقوي تلك النظرة الإيجابية”.
وختم أن “الشعوب العربية ترى في تركيا النموذج الذي تحلم تحققه في أوطانها، فهو يجمع بين الهوية الإسلامية والانتماء القومي”.
وشمل الاستطلاع 18 ألفاً و310 مستجوب، تم إجراء مقابلات شخصيّة معهم، ضمن عيّناتٍ ممثّلة للبلدان التي ينتمون إليها، ويعادل مجموع سكّان المجتمعات التي نُفّذ فيها الاستطلاع 90% من عدد السكّان الإجماليّ لمجتمعات المنطقة العربيّة.
واستهدف الاستطلاع 12 بلداً عربياً: موريتانيا، والمغرب، والجزائر، وتونس، ومصر، والسودان، وفلسطين، ولبنان، والأردن، والعراق، والسعوديّة، والكويت.
وشارك في الإحصاء 840 باحثًا، على مدى نحو 45 ألف ساعة.
المصدر:وكالة الأنضول