أدى تعرض “حقوق الصورة” الخاصة بالأطفال، لانتهاكات مختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى تحرك السلطات العامة والجمعيات الأهلية في فرنسا التي تحاول من خلال مقترح قانون الحد من هذه التجاوزات.
وبدعم من حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون، يستهدف مشروع القانون بشكل خاص مجموعة متنامية من المؤثرين الذين يكتسبون الشهرة والمال من خلال عرض حياة أطفالهم في ظاهرة تُعرف باسم “المشاركة”.
ومن الأمثلة على هذه الانتهاكات قيام بعض الآباء بنشر مشاهد مهينة تهدف إلى إضحاك المستخدِمين، وعدم تردُد مشاهير الشبكات في نشر صور من حياتهم الأسرية، فيما يُدرج بعض الأهل على حساباتهم صورا لأبنائهم اعتقادا منهم بأنها عادية.
وبحسب ما نشرته صحيفة “تايمز” (The Times) البريطانية فإن أكثر من نصف الآباء الفرنسيين نشروا صورا لأطفالهم على وسائل التواصل الاجتماعي، في حين نشر 9 من كل 10 أشخاص صورا لأطفالهم دون سن الخامسة.
ويظهر طفل واحد لا يتخطى عمره الـ 13 سنة من بين كل 1300 صورة منشورة عبر الإنترنت، في حساب له أو لأحد أقاربه، وفقا لأرقام مرصد الأبوة والتعليم الرقمي (أوبن).
ويقول رئيس المرصد توما رومير “هناك آباء يكسبون آلاف اليوروهات شهريا من خلال إلقاء البطاطا المهروسة على رؤوس أبنائهم” مضيفا أن “هذه الممارسات تندرج في إطار العنف التعليمي الرقمي، في وقت نكافح فيه الممارسات التي تنطوي على إهانات”.
تحديات ومطالبات
ومن الاتجاهات المرتبطة بالأطفال التي انتشرت عبر تيك توك “تحدي الجبنة” الذي يتمثل في إلقاء قطعة من الجبنة الذائبة على وجه الطفل وتصوير ردة فعله. وبنتيجة هذه الخطوة، يظهر الأطفال متفاجئين، ومنهم من يبكي أو يحاول إزالة قطعة الجبنة عن وجهه، في ظل ضحكات الوالدين التي تُسمع في مقطع الفيديو.
ولا يشكل كل ما سبق تجاوزات لناشطين في مواقع التواصل يسعون إلى الشهرة فحسب، إذ انتشر أخيراً عبر الشبكات الاجتماعية مقلب بعنوان “شرطة الأطفال” يتمثل في بث تسجيل لشرطي زائف يقول “طفلك لا ينفّذ تعليماتك؟ سنضعه في السجن. نحن آتون” ليظهر الطفل في مقطع الفيديو خائفا أو باكيا.
وعلى خلفية مطالبة غالبية الفاعلين في السلطة بتنظيم استخدام الأطفال والمراهقين الشبكات الاجتماعية، يدرس مجلس النواب الفرنسي اقتراح قانون يرمي إلى حماية “حقوق الصورة” الخاصة بالأطفال، وكان النواب تبنّوا الخميس قانوناً يُلزم الشبكات الاجتماعية بالتحقق من موافقة الوالدين قبل إنشاء أي حساب لمَن هم دون الـ 15.
وبحسب وزيرة الدولة لشؤون الأطفال شارلوت كوبيل، في حديث إلى وكالة الصحافة الفرنسية “قد يتم تعليق حق التصوير الخاص بالآباء الذين يسيئون بصورة خطرة إلى أبنائهم”.
أما النائب برونو ستوديه الذي رفع اقتراح القانون، فقد أكد أنه “في حال وجود خلاف بين الآباء، يتعيّن الحصول على موافقة الطرف الآخر قبل نشر أي صورة وإخراجها من إطارها الخاص”.
تجاوزات ومخاطر
إلى جانب التجاوزات التي يقع ضحيتها أطفال في مواقع التواصل والإنترنت، قد ينطوي النشر المفرط لصور أو مقاطع فيديو تُعدّ مبتذلة أو “بريئة” وتبقى في الإنترنت لسنوات، على انتهاكات خطرة لحقوق الصورة الخاصة بالأطفال، حسب تحذيرات الجمعيات.
ويؤكد رومير أن “رؤية المراهق لصوره منتشرة عبر الإنترنت تضر بثقته بنفسه، إذ من المحتمل أن يعرّضه ذلك للتنمر ويضرّ بعلاقته مع والديه”.
وتوصّلت دراسة، شملت 25 بلداً ونشرتها شركة “مايكروسوفت” عام 2019، إلى أنّ 4 من كل 10 مراهقين يواجهون مشكلة مرتبطة بعرض آبائهم منشورات لهم عبر مواقع التواصل.
وحتى لو كانت الصور عادية و”بريئة” فقد تُستخدم في شبكات تستغل الأطفال جنسياً. ويقول النائب ستوديه إنّ “50% من الصور التي تُنشر في مواقع استغلال الأطفال جنسياً تكون منشورة أساساً عبر حسابات الآباء في مواقع التواصل”.
وأضاف “بعض صور الأطفال خاصة وهم عراة أو تلك التي تظهر فتيات صغيرات يرتدين ملابس رياضة الجمباز، تثير اهتماما خاصا لدى مستغلي الأطفال جنسيا”.