لَخّصَ مؤتمر فيينا الأخير الذي انتهى الجمعة الفائت على أن يشهد لقاء ثالثاً بعد نحو أسبوعين، المشهد السوري إلى حد كبير، إذ حضرت الدول الفاعلة في الميدان وتطوراته ومآلاته، دون أن يحضر أي من السوريين، لمؤتمرٍ دولي، عُقد على سبيل التفاوض، وتعثر مجدداً في الخروج بنتائج واضحة، وإن تباينت التصريحات التي أعقبته، مع ترحيل النقاط العالقة إلى المباحثات المقبلة.
تم ترحيل النقاط العالقة إلى مباحثات قد تعقد بعد نحو أسبوعين
وحضر المؤتمر كل من: الولايات المتحدة وروسيا والصين ومصر وفرنسا وألمانيا وإيران والعراق وإيطاليا والأردن ولبنان وعُمان وقطر والسعودية وتركيا والإمارات وبريطانيا، بالإضافة إلى الأمم المتحدة، ممثلة بالمبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا.
وصدر بيانٌ ختامي في نهاية المباحثات، يمكن القول إنه تكرار لكلام كانت نفس الدول المعنية، قد ذكرته في مناسبات عدة، دون أن يأتي بمحدداتٍ واضحة، أو يخرج بقرارات يمكن أن توصف بـ “خرق سياسي” غير مسبوق.
وجاء في نص البيان الختامي، تأكيد الدول المشاركة على “ضرورة مناقشة القضايا الرئيسية ووقف الحرب في سوريا وبحث سبل إنهاء العنف في أقرب وقت ممكن”، كما أن البيان تحدث عن تسعة بنود، هذا نصها: 1- وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها وهويتها العلمانية أمور أساسية. 2- مؤسسات الدولة ستظل قائمة. 3- حقوق كل السوريين يجب حمايتها بصرف النظر عن العرق أو الانتماء الديني. 4- ضرورة تسريع كل الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب. 5- ضمان وصول المنظمات الإنسانية لكل مناطق سوريا، وسيعزز المشاركون الدعم للنازحين داخليا وللاجئين وللبلدان المستضيفة. 6- الاتفاق على ضرورة هزيمة تنظيم “داعش” وغيره من الجماعات الإرهابية، كما صنفها مجلس الأمن الدولي واتفق عليه المشاركون. 7- توجيه الدعوة للأمم المتحدة لجمع ممثلي الحكومة والمعارضة في سوريا في عملية سياسية تفضي إلى تشكيل حكومة ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية، على أن يعقب تشكيلها وضع دستور جديد وإجراء انتخابات.
ويتضمن البند السابع كذلك إجراء هذه الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة بموافقة الحكومة، وبالتزام أعلى المعايير الدولية للشفافية والمحاسبة، وأن تكون حرة نزيهة يحق لكل السوريين، ومنهم المغتربون، المشاركة فيها. 8- سوريا هي التي تملك وتقود هذه العملية السياسية والشعب السوري هو من يحدد مستقبل سوريا. 9- المشاركون ومعهم الأمم المتحدة، سيدرسون ترتيبات وتنفيذ وقف لإطلاق النار بكل أنحاء البلاد يبدأ في تاريخ محدد، وبالتوازي مع هذه العملية السياسية الجديدة”.
كما اتفق المشاركون على عقد اجتماع مماثل بعد أسبوعين لمواصلة هذه المباحثات، إذ تشير التصريحات التي وردت على لسان بعض مسؤولي الدول المعنية، إنها لم تصل إلى حلٍ بشأن رحيل بشار الأسد، بل وما زال الخلاف حول هذه القضية يراوح في مكانه.
لم يتم التوصل خلال اللقاء إلى حل بشأن رحيل بشار الأسد
وقال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، السبت الماضي، إن “توقيت رحيل الرئيس السوري بشار الأسد وانسحاب المقاتلين الأجانب لا يزالان إحدى نقاط الخلاف الرئيسية للتوصل إلى حل دائم للحرب في سورية”.
وجاء كلام الجبير خلال مشاركته في مؤتمر حوار المنامة الأمني، إذ أضاف: “لم نكن قادرين على التوصل إلى اتفاق”، لكنه أكد على موقف بلاده الداعي لرحيل الأسد، وأنه “كلما كان أقرب كلما كان أفضل”. موضحاً بأن “وجود مقاتلين أجانب، إيرانيين على وجه الخصوص، يشكّل عقبة أمام إنهاء القتال”.
أما وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، فقد أشار عقب عودته لطهران، إلى أن “الحاضرين طرحوا في مبادراتهم موضوع مصير الرئيس السوري بشار الأسد”، قائلاً بأن “الأمر واضح بالنسبة لإيران، فمصير الأسد يحدده السوريون أنفسهم”.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”، عن ظريف، قوله: “الهدف من اجتماع فيينا هو تسريع الحل السياسي”، وإن طهران “أكدت هناك على ضرورة شن حرب حقيقية ضد التنظيمات الإرهابية، ولم تأت لترسم شكل مستقبل سورية”.
وفي حين لم تخرج تصريحات باقي الدول عن ذات السياق، إذ بدا الاستعصاء السياسي واضحاً ومستمراً بين الفرقاء، أكدت أنقرة موقفها على لسان وزير خارجيتها فريدون سينيرلي أوغلو، بأن “المشكلة الوحيدة أمام بقاء الدولة السورية موحدة تتمثل ببقاء بشار الأسد”، وأضاف إن “ما يحاوله الأسد الآن في الحقيقة، هو تشكيل دولة مصغرة في سورية، وهذا ما نراه على الأرض. وفي يوليو الماضي، عندما قال إنه لم يعد بإمكانه تمديد سلطاته في كل الدولة، فإنه اعترف بطريقة ما أنه ذاهب إلى الخطة ب “.
واعتبر أوغلو في حديث نقلته عنه وكالة الأناضول قبل يومين، بـ “أن روسيا ترتكب خطأ كبيراً بتدخلها العسكري في سورية، وقد عبرنا لهم أن ما يقومون به خطأ، وأنهم يصبحون جزءاً من الحرب، وهي ليست في صالحهم أو في صالح سورية أو المنطقة بشكل عام”.
وجاء كلام الوزير التركي، قبل ساعات من فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التي جرت أول أمس الأحد، إذ أظهرت النتائج (غير الرسمية) حصوله على نحو 50% من أصوات الناخبين، ما يؤهله لتشكيل حكومة جديدة للبلاد بمفرده، وهو ما قد يدفع تركيا للتحرك بشكل أوسع مما كان الوضع عليه خلال الأشهر الخمسة الماضية، إذ أن نتائج انتخابات السابع من حزيران/يونيو السابق في البلاد، دفعت لتشكيل حكومة ائتلافية من مختلف الأحزاب (التي دخلت البرلمان)، والتي تتباين مواقفها من القضية السورية.
المصدر: صدى الشام