ليس مهما أن يزعم الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله أن من يسميها “الجماعات المسلحة” في حلب خسرت منذ الاول من حزيران الجاري ستمئة وسبعة عشر عنصرا، في مقابل خمسة وعشرين لـ”حزب الله”. المهم أن المعارضة السورية، بفصائلها المختلفة، تدفع ضريبة الدم على أرضها، أكانت الخسائر بالمئات أم بالآلاف أم بعشرات الآلاف، فيما يدفع “حزب الله” ضريبة بدماء الشبان اللبنانيين المضللين خارج لبنان، على أرض الغير. والاهم ان سلوك “حزب الله” في سوريا تسبب حتى الآن بعودة أكثر من الف وسبعمئة شاب لبناني محملين في النعوش، بعدما سقطوا بعيدا عن أرضهم وبلادهم، في حرب أرادها الغرباء أن تخاض بلحم لبنانيين ودمائهم!
خطاب السيد حسن نصرالله البارحة في ذكرى أربعين المتهم الرئيسي باغتيال الرئيس رفيق الحريري، لم يتضمن جديدا في ما يتعلق بمواصلة الحزب الاضطلاع بوظيفته الاقليمية، او بتجديد اعلانه هويته الايرانية، أو بكلامه عن العقوبات المالية الاميركية، وتأثيرها على الحزب. حتى الحديث عن حشد ميليشياته في حلب، باعتبارها المعركة الفصل، لم يكشف جديدا، في الوقت الذي لم يعد سرا أن الايرانيين دفعوا الآلاف من ميليشياتهم الطائفية العراقية، والافغانية، واللبنانية (حزب الله)، فضلا عن عشرات الضباط الكبار من “الحرس الثوري، تمهيدا لشن هجوم واسع على مناطق سيطرة المعارضة السورية في حلب وجوارها، ربما ظنا منهم انهم قادرون على حسم معركة الشمال السوري (الجنوب التركي)، وبالتالي حسم الحرب في سوريا لمصلحة المحور الذي تقوده طهران. من هنا يأتي كلام نصرالله البارحة ليضاف الى سلسلة الخطب السابقة التي “بشر” فيها جمهوره بـ”سيل” من الانتصارات على ارض سوريا، تارة لحماية المقدسات الشيعية، وطورا لمحاربة من يسميهم “تكفيريين”، ولم ير هذا الجمهور سوى مئات النعوش الصفراء تعود من سوريا، لتتوزع على مختلف قرى الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت! ولم يعد هناك من يصدق كل هذه المزاعم عن انتصارات يحققها “حزب الله” في سوريا. ولم يعد هناك من يصدق ان الحزب، بخوضه حربا في سوريا، يدافع عن لبنان من خلال الزج بآلاف الشبان في جحيم سوريا، تنفيذا لأجندات خارجية.
إن الحرب في سوريا ستطول بقرار دولي كبير يتشارك فيه الاميركيون والروس. واذا كان ممنوعا على المعارضة أن تحسم الحرب لمصلحتها، فممنوع ايضا على ايران وميليشياتها ان تحسم الحرب على الارض، وهي اصلا غير قادرة على ذلك، بالرغم من ادعاء البعض. فالحل السياسي للصراع في سوريا، اذا ما حان وقته، سيكون حلا دوليا كبيرا تقوده واشنطن ما بعد باراك اوباما اولا، ثم موسكو، يشارك فيه الاطراف الاقليميون، ولكن من دون ان تميل كفة أحدهم على الآخر! وفي هذا الوقت، بدلا من ان يحاول “حزب الله” حقن الدماء اللبنانية التي تسيل على ارض سوريا في غير موقعها، نراه يعلن بلسان أمينه العام انه ماض في دفع المزيد من الشبان دفعا نحو الجحيم السوري. وسيأتي يوم يكتشف فيه جمهور لبناني اصيل كم كان حجم التضليل كبيرا، وكم كانت الخديعة كارثية على آلاف العائلات التي فجعت وستُفجع مستقبلا، ويا للاسف!
النهار