بينما كنت جالسة بجوار المدفأة أتصفح بعض المقالات الخبرية وكان أولادي في وسط الغرفة منهمكين باللعب صدر صوت طقطقة عالية في الساحة التي يطل عليها منزلنا أعترف بأن شيئا من الخوف تسلل إلى قلبي أما الأولاد فتفاوتت ردودهم مع أن سيماهم لم تتغير ولم يهتز لهم جفن كل ما حدث أنهم واصلوا الانهماك بلعبهم وتخمين مصدر الصوت فقالت سوار طيارة وردت عليها زين يمكن صاروخ من البحر لكنني صعقت لجواب الصغيرة بنت ال3 أعوام قالت شهيد.. طمأنت نفسها بنفسها وتدرك بأن الرصاص لن يصيبها، بل هو تكريم لشهيد.. وهل يعرف ابن الثالثة الشهيد..؟!
ويزعم المجتمع الدولي بأنه يخشى على أطفالنا ونفسياتهم لكنه لو عاش بينهم لساعات سيدرك من فوره حجم الصلابة التي هم أصبحوا عليها.. حجم الواقعية التي يتحلون بها..
وهنا أسوق لكم مثالا.. أحمد ذو العشر سنوات نازح مع أهله إلى إدلب المدينة وهو قمحاني مغضوب عليه “كنت أصلي في جامع شعيب يوم التفجير الكبير وبينما أنا واقف بالباب شعرت بضغط هائل من حولي ورأيت بأمي عيني بائع الخيار الذي كان لتوه ينادي أصابيع البوبو يا خيار كيف أصبح قطعا، هو وخياره، لكنني عندما ملأ الدم عيني ومسحته على عجل أدركت أن الشظية قد ابتعدت عن عيني لأقل من سم فحمدت الله وشكرته وقلت رحمه الله وأعاننا على بقائنا أحياء في هذا العالم..
لقد أصبحت لأطفالنا آفاق ومدارك واسع أكثر مما كان يتوقع العالم المتحضر المنادي بحقوق الإنسان وغدا عندما سيكبر اليتم منا على يتمه، ويتعالى المتشرد على تشرده ويركل النازح برجله خيمته ويقف المبتور على ساقه سيدرك الأسد ومن معه بأن نيرون مات ولم تمت روما بعينيها تقاتل.. وحبوب سنبلة تجف ستملأ الوادي سنابل! رحمك الله محمود
المركز الصحفي السوري – شاديا الراعي