ألم ومعاناة، تشريد وتهجير قسري، حصار وجوع وغيرها من المشاهد القاسية التي لا ترى إلا في سوريا، يعيشها السوريون يوميا بعد أن اعتادوا على مواجهة أقسى الظروف، فحياتهم تفتقر للأمان والاستقرار والراحة لم تعد تجد طريقا إليها سواء لمن قرر خوض رحلة اللجوء في الدول العربية أو الأوروبية، أم لمن قرر البقاء في أرض الوطن تحت رحمة النظام ويتحمل براميل الموت والقصف شبه اليومي الذي يطال المناطق المحررة.
ومعاناة اللاجئين في دول الجوار تزداد مع امتداد زمن الحرب، وانعدام بوادر الأمل لحل قريب يعيدهم إلى ديارهم ويضمن لهم العيش بكرامة بعيدا عن القيود والضغوطات التي تفرضها سياسة الدول المضيفة وبالأخص في لبنان والأردن التي تحز في قلوبهم وتشعرهم بالذل والإهانة وكأنهم قرروا اللجوء بمحض إرادتهم ولم يجبروا عليه؛ هربا من الموت والاعتقال.
تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا إعلانا ملصوقا على أحد رفوف العصائر في المؤسسة الاستهلاكية المدنية التابعة للحكومة في الأردن كتب عليها ” الأخوة السوريون يمنع شراء الحلويات والسكاكر والعصائر والشيبس بكافة أنواعها”، الأمر الذي أثار غضب واستياء متابعي مواقع التواصل من كافة الأطياف.
يرتاد اللاجئون السوريون المقيمون داخل الأردن تلك المؤسسة لشراء احتياجاتهم عبر بطاقة خاصة بهم بمبلغ معين مقدمة من برنامج الأغذية العالمي، وبررت المؤسسة تصرفها هذا بأنها مقيدة بالاتفاقية بين المؤسسة وبرنامج الغذاء التي تقتضي بالسماح لهم بشراء المواد الأساسية فقط كالأرز والسكر والزيت والبقوليات وغيرها، ويتم ذلك عبر فاتورة تقدمها المؤسسة بقائمة المشتريات لبرنامج الغذاء ويجب أن تخلو مما يسمونه ” الرفاهيات ” كالعصائر والشيبس والحلويات وغيرها، متناسين أننا في شهر رمضان وهناك مستلزمات ضرورية للأطفال والكبار.
تعلق “فريال سالم” على الخبر :” فوق الموتة عصّة قبر؟! الكل بدو يذلّ السوري، شو يعني السوري ما بحقّو يشرب عصير أو ايطعمي اولادو شيبس؟ كأنو انكتبلو العذاب جوا بلدو وحتى برا، ما عاد بدنا مساعداتكن ولا عاد بدنا هاللقمة الي كلها ذل النا.. الله مابينسانا”.
رغم تبريرات المؤسسة إلا أن البعض وجد في الإعلان نوعا من الاضطهاد والتمييز العنصري بحق السوريين، والبعض الآخر وجدها أمرا عاديا كون برنامج الغذاء العالمي يقدم عبر البطاقة مساعدات غذائية هدفها سد الجوع وليس الرفاهية.
وطالب ناشطون برنامجَ الغذاء العالمي عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتعديل قائمة المشتريات المسموح للسوريين بها التي تنص عليها الاتفاقية المبرمة ليتمكنوا من شراء كافة مستلزماتهم بغض النظر إن كانت أساسية أو كمالية، فكان الرد أن بعثت مفوضية اللاجئين في الأردن رسائل نصية على هواتف اللاجئين تفيد بالسماح لهم بشراء العصائر من المؤسسة.
هم لا يعلمون أن السوريين لديهم كرامتهم فوق كل شيء، فهم لا يريدون عصائرهم ولا خيامهم ولا مساعداتهم، يريدون من العالم الذي يقف مكتوف الأيدي ويكتفي بالتفرج على المجازر الدامية التي يرتكبها النظام يوميا بحق الشعب السوري الأعزل، يريدون منه أن يتصرف ولو لمرة واحدة بضمير، آملين أن تنتهي الحرب في بلادهم ليعودوا قريبا وينسوا في ربوعها الذل والحرمان والقسوة التي ذاقوها في بلاد اللجوء.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد