تختصر كلمة “الاضطهاد” وضع آلاف النازحات من بلدات ومناطق محافظة حلب التي تقع تحت سيطرة فصائل الثورة السورية؛ إلى مناطق سيطرة النظام في المحافظة، وذنبهن الوحيد أنهن ينحدرن من مناطق الثوار.
وتروي أم تسنيم ما تعرضت له ابنتها من قبل عناصر أحد الحواجز القريبة من مكان سكنهم، حيث يقوم العناصر بين الفترة والأخرى بالتعرض لها؛ بحجة تفتيش المنزل للبحث عن مطلوبين “إرهابيين”.
وقالت أم تسنيم التي تسكن في حي جمعية الزهراء غرب مدينة حلب: “بسبب خوفي على ابنتي؛ منعتها من الخروج من المنزل والذهاب إلى الجامعة لمتابعة دراستها، بل بلغ الأمر أني منعتها حتى من الخروج إلى بلكون المنزل لنشر الغسيل، حيث أصبح المنزل أشبه بالسجن بالنسبة لنا؛ بسبب التحرش الذي يمارسه عناصر حاجز النظام”.
وأضافت لـ”عربي21” أن “ذلك لم يكن كافيا لحماية ابنتي من مضايقات الشبيحة والأمن، الذين انتقلوا لمداهمة المنازل بشكل دوري؛ لممارسة تحرشهم بالإناث من العوائل النازحة بشكل خاص، التي لا سند لها، وليس بين أفرادها من قبل بالتطوع في صفوف الشبيحة أو قوات النظام”.
وأكدت أم تسنيم أنه “في إحدى المداهمات؛ حاول أحد الشبيحة التحرش بابنتي، ولمسها، لكنني تدخلت لمنعه، رغم شعوري بالخوف الشديد منه، كما أنه طلب منها اللقاء خارج المنزل”، متابعة بأنه “بعد كل ما حدث معنا في تلك الليلة، وبسبب ما تعرضنا له؛ لم نستطع النوم أنا وابنتي، خاصة أنه ليس معنا رجل يحمينا ويدافع عنا بعد مقتل زوجي في القصف على مناطق المعارضة العام الماضي”.
وكانت صحيفة “الوطن” الموالية للنظام السوري، قد نقلت قبل عدة أشهر على لسان رئيس الهيئة العامة للطب الشرعي في حكومة الأسد، حسين نوفل، قوله إن “عدد حالات الاغتصاب، سواء للنساء أم للأطفال، ارتفعت بشكل ملحوظ في ظل الأزمة، وذلك نتيجة العديد من الأسباب، وأولها النزوح والتغير الديمغرافي، ما شكل ضغطا سكانيا على العديد من المناطق”.
واضاف نوفل أن “عددا كبيرا من الأسر السورية النازحة؛ استأجرت غرفا صغيرة، ما زاد من عمليات العنف والاغتصاب، إضافة إلى انتشار الفقر والعادات الاجتماعية السيئة”، على حد قوله.
من جهتها؛ قالت فاطمة الديري، إحدى الفتيات النازحات من مناطق الثوار إلى مخيم النيرب بجانب المطار العسكري جنوب شرق حلب: “خرجت مؤخرا من مخيم النيرب؛ بعدما شاهدت شبكات دعارة منظمة يديرها كبار القادة العسكريين في النظام السوري، بالإضافة إلى مليشيات موالية”.
وأضافت أن المليشيات تقوم “بجر أي فتاة تريدها، بطريقة أو بأخرى، إلى منازل تابعة لها، ويقوم أفراد منها بالاعتداء عليها بعد تخديرها، أو تهديدها بالقتل أو الاعتقال”.
وبحسب الديري؛ فإن “الشبيح المدعو (و. ف) استدرج إحدى صديقاتها، بتسهيل من إحدى معاوناته، إلى منزله، بحجة تقديم المساعدة، وبعدما قدم لها الشاي مع مخدر؛ استفاقت لتجد نفسها بين يده وعلى فراشه، لكنها لم تجرؤ على فعل شيء، أو حتى إخبار ذويها”.
ويقول مراقبون إنه رغم صحة بعض ما ذكره رئيس هيئة الطب الشرعي في حكومة الأسد من أسباب حول تنامي ظاهرة الاغتصاب في مناطق سيطرة النظام؛ فإن الشهادات المتتابعة ووقائع كثيرة تؤكد أن السبب الرئيس في ذلك هو مليشيات الشبيحة، التي يلجأ قادتها إلى ممارسة أنواع مختلفة من الانتهاكات بهدف تشجيع الشباب على الانضمام إليها. ومن هذه الانتهاكات؛ التحرش، والاغتصاب، بالإضافة إلى توزيع المخدرات والحشيش وغيرها من الممنوعات.
عربي21