قُيم عام 2015 على أنه عام سيء للسياستين الداخلية والخارجية في تركيا، وذلك لأن الكثير من الأحداث التي وقعت في تركيا خلال هذا العام، لم يكن يتوقعها الساسة الأتراك ولم يأخذوها بالحسبان، وعلى الرغم من تحقيق تركيا لتقدم إيجابي في قضية إعادة إحياء التفاوض مع الاتحاد الأوروبي على أسس قوية وجادة، إلا أن التطورات غير المُتوقعة تفاقمت بشكل أكبر من هذا التقدم الإيجابي.
وفيما يخص التطورات الداخلية التي حدثت وأثرت على السياسة الداخلية لتركيا بشكل سلبي، يمكن ذكر التالي:
ـ عدم فوز حزب العدالة والتنمية بالأغلبية في انتخابات 7 حزيران/ يونيو 2015، وبالتالي تأخر التطورات والإجراءات الإيجابية على صعيد السياسة الداخلية التركية لمدة 5 شهور، بسبب عدم تمكن الأحزاب السياسية البرلمانية من تأسيس حكومة توافق.
ـ انقلاب حزب العمال الكردستاني على عملية السلام التي كانت تهدف من خلالها الحكومة التركية إلى حل القضية التركية في تركيا، بشكل جذري.
أما على الصعيد الخارجي، فلم يكن الحال أكثر إيجابيةً من الصعيد الداخلي، إذ يبين الباحث السياسي التركي “سامي كوهين”، في مقاله “جدول عام 2016″، نُشر في صحيفة “ملييت” بتاريخ 1 أيلول/ ديسمبر 2016، أن بعض التطورات التي حدثت خلال عام 2015، وأثرت على سير الخطط الخارجية لتركيا بشكل سلبي، ويذكر كوهين تلك التطورات على النحو الآتي:
ـ تفاقم أزمة اللاجئين، إذ بلغ عدد اللاجئين حسب الإحصاءات الرسمية 2 مليون و800 ألف لاجئ، ولكن يُتوقع بأن هناك أكثر من 2 مليون لاجئ آخر لم يتم إدراجهم ضمن الإحصاءات الرسمية، ففي حين كانت تأمل تركيا انخفاض حجم اللاجئين المتدفقين إليها، بعد إحداث المعارضة السورية تقدمًا ملحوظًا في بعض المناطق، إلا أن التدخل الروسي قلب كل هذه الآمال رأسًا على عقب.
ـ عدم إبداء الأطراف الدولية التي تلعب دورًا في القضية السورية، جدية فاعلة في تأسيس المنطقة الأمنية العازلة التي تسعى تركيا لإنشائها للتخفيف من حدة اللاجئين المتدفقين إلى تركيا بأعداد هائلة.
ـ اشتعال أزمة “حادة” بين روسيا وتركيا، لم تكن الأخيرة تتوقع تفاقمها، إذ كانت تتوقع تركيا بإسقاط الطائرة الروسية، قبول القيادة الروسية بقوتها وتخفيف ضربها لقوات المعارضة السورية المُتواجدة بالقرب من حدودها، ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، إذ صعدت روسيا من وتيرة الأزمة وفرضت مقاطعة سياسية واقتصادية على تركيا، وتوعدتها بالتجرؤ على اختراق الأجواء السورية بعد اليوم!.
واستنادًا إلى النتائج السلبية التي مُنيت بها السياسة التركية خلال عام 2015، يمكن طرح لائحة التساؤلات الخاصة بالتوقعات المُتعلقة بالسياسة التركية الخاصة بعام 2016 بالشكل التالي:
ـ هل سيتمكن حزب العدالة والتنمية من تحقيق الإجراءات الاصلاحية المُستعجلة على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والتي تأخرت لفترة طويلة بسبب حالة عدم الاستقرار التي أًصيبت بها تركيا نتيجة لعدم خروج حزب أغلبية واحد من صندوق الاقتراع الخاص بانتخابات 7 يونيو؟
ـ هل سيكون بوسع تركيا حل القضية الكردية بشكل جذري؟ أم ستستمر الأزمة إلى ما بعد عام 2016؟
ـ هل ستكون تركيا أمام حظ عاثر جراء ازدياد وتيرة تفاقم أزمة اللاجئين؟ أم سيحالفها الحظ عقب تراجع كمية اللاجئين المتدفقين إليها من خلال تحقيق حلول جذرية، لا سيما حل “إقامة المنطقة الأمنية العازلة” لخروجهم من ديارهم؟
ـ هل ستعود العلاقات التركية الروسية إلى سابق عهدها؟ أم ستزيد تدهورًا؟ أم ستشهد موجة تدهور تارة وتوافق تارة أخرى؟
ـ هل ستتمكن تركيا من إقناع الطرفين “التركي واليوناني” بالتوافق بشكل جذري لكي تتمكن من دخول الاتحاد الأوروبي دون عقبة “قبرص”؟ أم سيستمر الطرفان في التنازع والتباعد؟ هل سيُبدي الاتحاد الأوروبي نيته الصادقة على الحاق تركيا لكيانه؟ أم سيتمر في المراوغة المألوفة في أسلوبه في التعامل مع تركيا منذ عام 1958؟
ـ هل سيصل الطرفان “التركي والإسرائيلي” إلى اتفاق ثنائي مشترك يُرضي كليهما؟ أم سيفشلا في ذلك وستستمر العلاقات المتدهورة بينهما بالتدهور؟
هذه هي التساؤلات الخاصة بالسياسة التركية الداخلية والخارجية خلال عام 2016، من خلال الاطلاع على هذه التساؤلات يمكن تخمين خط سير العلاقات التركية المُمكن خلال عام 2016، ولإصابة التوقعات بشكل أفضل لا بد من الاطلاع على جميع العوامل المحيطة بالتساؤلات المطروحة أعلاه.
ترك برس