أشارت صحيفة القدس العربي إلى إن حضور بوريسوف، يشير إلى مغزى أعمق من مجرد متابعة تلك الجولة الأولى من اللقاءات، ذلك لأنه رجل الكرملين بصدد مشروعات الاستثمار الاقتصادي للوجود العسكري الروسي في سوريا، الذي كان قد بدأ في خريف العام 2015 واتخذ صيغة عمليات قصف جوية وبحرية وإقامة قاعدة جوية في حميميم قرب اللاذقية على الساحل السوري، وأسهم بأشكال متعددة في إنقاذ النظام السوري من هزائم مريرة على جبهات عديدة، ومنع سقوط دمشق باعتراف لافروف نفسه.
وتابعت الصحيفة أنه وعلى الجانب السياسي تؤكد مشاركة لافروف في الوفد، إلى جانب مساعده ميخائيل بوغدانوف المختص بالملف السوري تحديداً، أن موسكو ترى ضرورة عاجلة في بحث جملة من القضايا السياسية، مثل موضوع الدخول الأمريكي على خط الحوارات الكردية/الكردية، وترتيبات الشمال السوري لجهة استثمار النفط خصوصاً، وأوضاع شرق الفرات عموماً. كذلك سوف ينقل لافروف مقترحات تركية جديدة بصدد منطقة إدلب كما تردد في الصحافة الروسية، وسيحمل تصورات المبعوث الأممي غير بيدرسن، حول أعمال اللجان الدستورية، بعد اجتماع عقده في موسكو مع لافروف وزميله وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.
وختمت الصحيفة بقولها أن اختلاط كبار ممثلي الاقتصاد والسياسة الخارجية في تركيبة الوفد الحكومي الروسي الذي زار دمشق، هو الدليل الأحدث على حساسية الملفات التي تقلق موسكو، وأما الزمن القصير الذي استغرقته الزيارة فهو المؤشر على نفاد صبر الكرملين خاصة في أجواء الاحتقان المحلية والإقليمية والدولية.
أما صحيفة المدن فقد عنونت: الوفد الروسي في دمشق: 40 اتفاقية.. والانتخابات الرئاسية في موعدها”.
وقالت الصحيفة “ويبدو أن ملف العقوبات المفروضة على النظام كان الملف الأكثر أهمية بالنسبة للجانبين، الذين تأتي مباحثاتهما في دمشق في إطار اجتماعات اللجنة السورية-الروسية المشتركة، وهي لجنة وزارية معنية بالشأن الاقتصادي.”
فيما يخص الجانب الاقتصادي، اتفاقات وعقوبات قالت “الشكوى من هذه العقوبات خلال المؤتمر الصحافي الذي تلى اللقاء مع الأسد، كانت واضحة على لسان المسؤولين من الطرفين، وخاصة الروس الذين يُعتقد أن صدور قانون العقوبات الأميركي “قانون قيصر” في حزيران/يونيو الماضي، قد وجه ضربة قوية لخططهم الاستثمارية في سوريا.
فقد اعتبر نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف، أن السبب الأول لفشل اللجنة المشتركة في الوصول إلى المستوى المأمول “هو العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا، بما في ذلك قانون قيصر الذي يمنع قدوم الاستثمارات الأجنبية”.
بوريسوف اشتكى أيضاً من أن معظم المناطق الغنية وحقول النفط والغاز تقع خارج سيطرة النظام، ما يمنع حكومة دمشق من استخراج النفط الذي يشكل مورداً مهماً للميزانية السورية، مضيفاً أن “الأمر نفسه ينطبق على الموارد الزراعية”.
وعليه، فإن “السبب الأهم للوضع المأساوي في سوريا” حسب بوريسوف، هو “الموقف المدمر للولايات المتحدة، إضافة إلى عدم رغبة الإدارة الذاتية في التواصل مع دمشق وتسليم السيطرة للحكومة الشرعية على المناطق الزراعية وحقول النفط”.
إقرار ضمني بالعجز، وترديد مستمر للشكوى لم يمنع بوريسوف من الحديث عن 40 مشروعاً جديداً تم الاتفاق عليها بين الجانبين، تشمل “إعادة بناء البنية التحية لقطاع الطاقة، بعد أن تم التوقيع على عقد عمل لشركة روسية للتنقيب واستخراج النفط والغاز قبالة الشواطئ السورية”.
وتابعت الصحيفة “أما على الصعيد السياسي، وإلى جانب تكرار الحديث عن “ضرورة الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية” كما هو متوقع بطبيعة الحال، فقد تركز المؤتمر الصحافي الذي عقده مسؤولو الحكومتين على عمل اللجنة الدستورية السورية وما يتعلق بها، وعلى الوضع الميداني العام وخاصة في إدلب، وارتباط ذلك بالعلاقة بين الدول الراعية لمسار أستانة.
وأشارت الصحيفة أن لافروف أكد أنه “جرى الاتفاق على أن يتسم الوضع الميداني بالهدوء”، في إشارة إلى تلميحات سابقة للنظام وحلفائه الإيرانيين بإمكانية شن هجوم على إدلب، مضيفاً أن “منطقة إدلب لخفض التصعيد هي أهم مجالات تعاوننا مع تركيا، وعملنا على المسار السوري يعتمد على اتفاقات الدول الضامنة لمسار أستانة (روسيا وتركيا وإيران)”.
وبينت الصحيفة تجاهل وليد المعلم الحديث عن الوضع الميداني ومصير اتفاق وقف النار المطبق في إدلب ومجمل مسار أستانة، وأنه توسع في تناول ملف اللجنة الدستورية، لكن باعتبارها قضية موازية لا أكثر.
وقال إن “الانتخابات الرئاسية القادمة في سوريا ستجري بموعدها”. وأضاف “لا يوجد جدول زمني لإنجاز الدستور الجديد، ولا يمكن إنجازه بضغوط خارجية، بل إن ذلك سيتم بما يحقق طموحات الشعب السوري، والدستور سيتواصل النقاش حوله ولا علاقة له بالانتخابات الرئاسية التي ستجري في موعدها العام القادم”.
وينسف موقف المعلم التفاؤل الذي عبر عنه البعض من المعارضة والمجتمع الدولي ممن عوّلوا على أن وفد روسيا الموجود في دمشق حالياً قد توجه إلى هناك لإقناع النظام أو إجباره على تسريع عمل اللجنة الدستورية.
أما العرب اللندنينة فقد عنونت: ما الثمن المطلوب من الأسد دفعه هذه المرة لإنقاذه من قيصر.
وقالت الصحيفة أن زيارة روسية كانت من العيار الثقيل إلى سوريا، ولئن ركزت وفق تصريحات المسؤولين من كلا الطرفين على الوضع الاقتصادي وسبل تخفيف وطأة العقوبات الأميركية وإعادة الإعمار، فإن ما خفي منها سياسيا كان أعظم.
ونقلت الصحيفة أن دوائر سياسية تقول إن التركيز على الوضع الاقتصادي في مناطق السيطرة الحكومية في سوريا، على أهميته، لا يعني بالمرة أنه تم إغفال الجوانب السياسية خصوصا في علاقة بعمل اللجنة الدستورية وإلا لكان تم حصر زيارة الوفد الروسي في نائب رئيس الوزراء يوري بوريسوف.
وأظهرت الصحيفة أن الدوائر تشير إلى أن زيارة لافروف كان هدفها الأساسي الضغط على دمشق بشأن ضرورة إظهار جدية في ما يتعلق بعمل اللجنة الدستورية المكلفة بوضع دستور جديد للبلاد، ونجح على ما يبدو الوزير الروسي في تحقيق هذا الهدف لجهة تأكيد نظيره السوري وليد المعلم على عدم ممانعتهم في ذلك، ولكن الإشكال يبقى عدم رضاء دمشق على مجاراة روسيا لتركيا في شمال غرب سوريا، وأيضا الأكراد في شمال شرق العراق.
وتناولت الصحيفة خطاب الأسد أنه انفتاح على صياغة دستور جديد للبلاد، بعد أن كان يرفض بالمطلق هذه الخطوة ،وعن اللجنة الدستورية، التي انعقدت جولتها الثالثة الشهر الماضي، قال لافروف إن “ليس هناك جدولا زمنيا” لإنهاء عملها. فيما أوضح المعلم أنه “في ما يتعلق بالدستور القادم، فهذا شأن ما سيتوصل إليه أعضاء اللجنة الدستورية (..) إذا كانوا يريدون تعديل الدستور القائم أو إنتاج دستور جديد، في كلتا الحالتين، المنتج سيعرض على الاستفتاء الشعبي”.
ونقلت الصحيفة كلام دبلوماسي غربي يتابع الأوضاع في سوريا “روسيا رجحت كفة الأسد، وفي ضوء مواجهة النظام الآن لأصعب تحدياته أصبحت موسكو في وضع أفضل من أي وقت مضى لزيادة الضغط على الأسد”.
محمد إسماعيل/ المركز الصحفي السوري