مفاجأة من العيار الثقيل بعد أن قدمت روسيا طرحا جديدا ورؤية مختلفة لدستور جديد لسوريا, وقد شملت المعارضين والمؤيدين على حد سواء, فجدلية المسألة تنبع بداية من حجم الوصاية الكبيرة والتفرد الواسع للقرار الروسي على رغبة السوريين والشارع السوري أصحاب البلد, فالدستور السوري اليوم تتم صياغته في موسكو الحليف للنظام السوري, في تجربة شبيهة بتجربة الولايات المتحدة الأمريكية في العراق بعد الإطاحة بنظام الرئيس العراقي السابق “صدام حسين”, عندما قامت الولايات المتحدة الامريكية بفرض رؤيتها الجديدة لنظام الحكم في العراق, بل عينت حاكما مدنياً أمريكياً “بول بريمر” لإدارة شؤون البلاد.
جاء هذا الطرح الروسي عقب مؤتمر الأستانة الذي أنهى أعماله في الثالث والرابع والعشرين من شهر يناير من العام 2017, الذي تم برعاية روسية – تركية, منذ أن دعت روسيا لإجراء محادثات مباشرة بين الممثلين عن الفصائل العسكرية المسلحة, وممثلين عن النظام في أنقرة, بدأ العديد من المحللين السياسيين بالتنبؤ بتغيير واضح في المسار الدبلوماسي الروسي إيزاء الحرب الدائرة في سورية, والتي تعتبر روسيا طرفاً فيها, ولكن بالشكل الذي يفرض الرؤية الروسية للحل في سورية, ولكن المفاجأة الكبرى أن تطرح روسيا مسودة دستور جديد لسورية, وتقول كما جاء على لسان المتحدثة الروسية “ماريا زاخاروفا” أنها مسودة عملية لكي تجتمع من أجلها المعارضة والنظام لإجراء تفاهمات تكون أرضية صلبة للتسوية السياسية في سورية.
استقبل السوريون “معارضون ومؤيدون” هذا الطرح الروسي بمواقف متباينة ولكن يغلب الاستياء الواضح على أغلبها, فاعتبرت الغالبية أن الطرح الروسي ليس كما قالت “زاخروفا” هو أرضية صلبة لتفاهم مرحلي أساسه النقاش, بل هو فرض حقيقي للرغبة الروسية في الحل السياسي على طريقتها بالشكل الذي لم يغفل مصالح بعض الأطراف اللاعبة في سورية والتي تدفع باتجاه الفيدرالية في سورية.
ردود الفعل في وسائل التواصل الاجتماعية:
اتسمت تعليقات السوريين المؤيدين للنظام على هذه المسودة في مواقع التواصل الاجتماعية بنوع من الاستهجان والاستغراب والتساؤل عن مدى قدرة النظام على رفض بعض البنود التي قد تحجم من المركزية الحاكمة التي طالما تمتع بها النظام ومؤسساته, رغم التميّذز الكبير الذي حاولت روسيا أن تحافظ عليه لصالح النظام من خلال دعمه في العديد من البنود.
يقول “أحمد وليد” المؤيد للنظام معلقاً على هذا الخبر الذي انتشر على إحدى الصفحات الموالية: “روسيا الآن تحول فرض رؤيتها التي تضمن مصالحها في سورية, ولم تعد تخجل من هذا, فهي بهذا الطرح تعلن أنها دولة مهيمنة على سورية وتتدخل في كل شؤونها الداخلية, نأمل من القيادة السورية أن تعيد حساباتها قبل أن تجعلها روسيا مجرد أداة ليس أكثر!”.
هذا فيما يتعلق بمسألة السيادة للدولة السورية كما يراها المؤيدون الذين يتساءلون عن مصلحة الدولة قبل مصلحة النظام, أما فيما يخص النظام ودوره المستقبلي وخصوصا رأس الهرم فكانت نسبة كبيرة من الآراء تشير إلى أن “بشار الأسد” هو مستهدف من هكذا مسودة, لكنهم عادوا وكرروا فكرة أن “الأسد” سيبقى بروسيا أو دونها!, كما يقول “نورس ميا” من مدينة جبلة في تعليق له: “حتى لو أرادت روسيا أن تخلع بشار الأسد من منصبه, فهي لن تستطيع ذلك؛ لأن يتمتع بقاعدة شعبية واسعة في سورية, والشعب السوري لن يتخلى عنه”.
بشكل عام يبرز عامل الاستهجان والاستغراب عند جميع السوريين, فمسودة القرار تستهدف وحدة الأراضي السورية أولا وأخيرا, إضافة لمحاولة إلغاء هوية البلد العربية, رغم أن أنصار النظام السوري مازالوا يعيشون أوهاما أن النظام السوري يستطيع القضاء على أي مؤامرة حتى ولو كان الحليف الروسي جزءاً منها!
المركز الصحفي السوري- فادي أبو الجود