قـــراءة فــي الــصحف
نشر موقع “ديلي بيست” تقريرا للكاتب “بن كولينز”، يقول فيه إن الحملات الدعائية في الوسائل الإعلامية الروسية، والداعمة للروس على هامش الإعلام الأمريكي، أي إعلام اليمين المتطرف، لم تتوقف بعد سقوط مدينة حلب.
ويقول كولينز إن “شبكات الأخبار المدعومة من الكرملين، وتلك التابعة لليمين المتطرف، قد تبنَت (أخبارا مزيفة) لكل صورة حقيقية عن القصف في مدينة حلب، وما هو أسوأ من هذا، أن اليمين بدأ بوصف المواطنين الأمريكيين العاديين بـ(الدعائيين المحترفين)؛ نظرا لجمعهم المال والمساعدات لدعم منكوبي مدينة حلب”.
ويضيف الكاتب أن “حلب كانت مكانا للإجلاء القسري، بشكل لم يسمح للجماعات الإعلامية الغربية بالدخول إليها ونشر تقارير عن الجرائم التي ارتكبت فيها، وتظهر تقارير من جماعات غير حزبية ومنظمات حقوق إنسان وأشرطة فيديو من مكان الحادث بنايات تعرضت للقصف، وقتلى من المدنيين في الشوارع”.
ويتابع كولينز قائلا إن “رواية الأخبار المزيفة عن قصف مدينة حلب تحقق نجاحا غير مسبوق في الولايات المتحدة، من الصور التي يسهل التلاعب بها، ولقطات الفيديو على (فيسبوك)، التي اخترقت حتى الوسائل الإعلامية الأمريكية التقليدية التي تشاهد أو تقرأ على نطاق واسع، لكن ما لا تعرفه هذه الوسائل هو أن هذه المواد الإعلامية صنعت بأموال من الكرملين في موسكو”.
ويلفت التقرير إلى أن أكثر الشخصيات التي برزت منها مزاعم النفي المتعلقة بمجازر حلب هي الشخصية المعروفة في تلفزيون “روسيا اليوم”، إيفا بارليت، التي زعمت قائلة إن “الإعلام يكذب عليك” ولعام فيما يتعلق بحلب، حيث أشارت في شهر آب/ أغسطس إلى منظمة حقوق الإنسان أمنستي بـ”شيمنستي”، (حيث مزجت بين كلمة العار واسم المنظمة)، وذلك بعدما طالبت المنظمة بالمساعدة في المدينة السورية.
ويذكر الكاتب أن بارليت وضعت فيديو على صفحة فيسبوك “ذا ناو”، حظي بمليوني ونصف مشاهدة، مشيرا إلى أن “ذا ناو” هو موقع مدعوم من روسيا، ويفترض أنه يقلد الموقع الإخباري المعروف “بازفيد”، الذي يتابع الأخبار العادية وغير السياسية المتعلقة بالأزياء وقصص الحيوانات والاختراعات التكنولوجية.
وينقل التقرير عن الباحث في معهد أبحاث السياسة الخارجية، كلينت واتس، قوله إن هذا مثال واضح على أساليب التضليل الروسية: زرع الشك في مؤسسات الإعلام، حيث تصبح كل حقيقة، حتى لو وردت في فيديو حقيقي، مجالا للنقاش، ويضيف واتس: “هذه ليست حرب معلومات ضد أمريكا، لكنها حرب على المعلومات ذاتها، فأنت لا تستطيع الثقة بأي شيء، ولا يوجد حد لها، وتستطيع قول وفعل ما تريد، ومن ثم تنكر أن ذلك حدث”.
ويتابع واتس قائلا إن مجرد طرح تساؤلات حول الجرائم ليس جديدا في حلب، لكن من يقومون بذلك نجحوا؛ لأن الصور والفيديوهات بدأت تخرج من سوريا بعد الإجلاء القسري عن حلب، لافتا إلى أن هذا “خدم الاستراتيجية الروسية السورية منذ البداية، وهي التخلص من الصحافيين كلهم”.
ويكشف التقرير عن أن هيئة الإذاعة البريطانية قامت يوم الثلاثاء بالتحقيق في المزاعم التي وردت في فيديو بارليت كلها، ولاحظت أن بعضها مرتبط بفيديوهات الضحايا، وتضم أطفالا يصرخون، وجثة رجل كبير، وضعت في اليوم ذاته، دون شك في صحتها، مستدركا بأن الرواية التي تتحدث عن عدم تعرض حلب للقصف بدأت تأخذ بالانتشار، فالوسائل الأمريكية المتخصصة بنظريات المؤامرة، مثل “إنفووورز”، أخذت بنشر نظرياتها.
وبحسب الكاتب، فإن بول جوزيف كتب في الموقع ذاته، متسائلا: “هل كانت (الأخبار المزيفة) في الإعلام الرئيسي سببا في تحول القاتل التركي نحو التشدد”، في إشارة إلى قاتل السفير الروسي في 19 كانون الأول/ ديسمبر في أنقرة، لافتا إلى أن القصة وصلت إلى برنامج في “سي بي أس أتلانتا”، وتشارك في القصة أكثر من 61500 معجب، وقال مقدم البرنامج بن سوان: “التقارير من حلب لا تصدق، المعاناة والأزمة الإنسانية”، وتساءل قائلا: “وإن كانت صحيحة، فلماذا يحتفل الناس في الشوارع؟”.
ويبين الموقع أن هذا الموقف هو ذاته كان في قناة “روسيا اليوم”، التي قالت إن الناس كانوا يحتفلون بـ”تحرير” حلب، في وقت قدم فيه الإعلام الرئيسي صورة معاكسة، وبعناوين مثيرة عن القتل والجرائم ونهاية الإنسانية.
ويستدرك التقرير بأن الإعلام المدعوم من الكرملين يتساءل: “ما هي مصادرهم؟ لأن معظم الصحافة الرئيسية لا وجود لها على الأرض”، مشيرا إلى أن الأمر ذهب إلى ما هو أبعد من القصص الإعلامية، ففي الأسبوع الماضي زعم موقع “سبونتيك”، الممول من الكرملين، أن المبادرة التي قامت بها كل من بيكي كارول وويندي ويدم “#ستاندويذأليبو” في تشرين الأول/ أكتوبر، هي دعاية محترفة.
ويختم “ديلي بيست” تقريره بالإشارة إلى أن السبب في ذلك، بحسب “سبونتيك”، هو عمل كارول عام 2008، فهي “المحررة لموقع (سي بي أس شيكاغو) وهي جزء من شبكة إخبارية اتسمت تغطيتها للأحداث في حلب بالتحيز المتوقع من الإعلام الرسمي”.
الـمركز الـصحفي الـسوري _ صـحف