بين زحام الأيام أبت الخضوع لظروف الحياة المتعبة والاستسلام لأوجاع جسد تملّكه المرض.
تقول فاطمة المرأة الثلاثينية بعينين زرقاوين وكأن لون السماء كساهما بزرقته “حسيت بتعب وألم بجسمي بس ماخطرلي أبدًا إنو يكون مرض دائم وبدو علاج مختلف وأوجاعو فاقت احتمالي”.
لحظات صمت عمّت أرجاء غرفتها في منزلها بريف مدينة الريحانية، تتابع فاطمة حديثها وتمسح بيدها دموعًا أخذت طرقها عنوة على خديها الورديين “كنت مخطوبة ولمن عرفت بنتائج التحاليل الي سويتا طلبت منو ننفصل هوي رفض بس أنا أصريت لأن مرض السرطان علاجو طويل وبوجع كتير”.
تحدّق فاطمة بعيدًا حيث الأفق وتتمتم بكلمات متقطعة ونبرة صوت حزينة لتكمل رواية ماحدث معها في رحلة مرضها الطويلة “نزل خبر مرضي بسرطان الدم ع قلبي متل الصّاعقة قتلت كل أمل بحياتي للمستقبل”.
بدأت فاطمة رحلة العلاج الطويل والموجع مع بداية عام ٢٠١٨ فتقول مستذكرة تاريخ جلسات العلاج الكيماوي وكيفية تساقط خصلات شعرها الذهبي مع مرور الوقت ومراحل العلاج “كنت أسمع آلام الناس ووجعون بقلبي وروحي لأني حاسة بنفس الوجع ، كان العلاج كتير بوجع وكأنو عم يحرق روحي بدل مايعالجني” ثم تجهش بالبكاء وتضيع كلماتها بين ذكرى الألم والعلاج.
تأخذ فاطمة نفسًا طويلًا وترتسم ابتسامة صغيرة على وجهها الرفيع وبنظرات حانية وهادئة لتقول “حمدًا لله انو خلصت علاجي وخلصت من هالمرض بس لسه أثارو واضحة ورح تضل هالتجربة شي مؤلم ومحفّز إلي بنفس الوقت حتى حقق أحلامي وأرجع خطط لمستقبلي من جديد”.
تلك قصة من بين مئات القصص التي تروي ألم ومعاناة أناس مرّوا بتجارب حياتية وعلاجية طويلة ربّما تكلّل بالنّجاح وربّما تنهي حياة البعض، ولكن يبقى التوق إلى النجاة حلمًا وأملًا بالشفاء.
خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع