خلاف المعارضة السورية في مؤتمر الرياض على أولوية تنحي الأسد أو مواجهة تنظيم الدولة
تراهن جهات إقليمية ودولية معنية بالملف السوري على مشاركة قادة عسكريين سوريين معارضين في مؤتمر الرياض الذي بدأ أعماله أمس للوصول إلى حل ذي مصداقية في سوريا في ظل فشل المؤتمرات السابقة للمعارضة.
وجعلت مشاركة العسكريين الأكثر فعالية على الأرض مؤتمر الرياض حاسما، كونهم الأكثر تأثيرا على الواقع السوري، وأن الجهات الإقليمية والدولية ستسعى إلى أن تأخذ منهم تعهدات واضحة للالتزام بكل ما يتم الاتفاق عليه.
ويشارك في الاجتماع ممثلون وقياديون من الفصائل العسكرية التي تعتبر المعارض الحقيقي لنظام الأسد، ولا يمكن إجراء اتفاق دون التنسيق معهم. وسيطرح المشاركون إمكانية توحيد العمل العسكري تحت جسم تنسيقي كمجلس عسكري.
وقال العميد الركن أحمد رحال ل “العرب”: “نحن نفتقد لوحدة الصف ووحدة القرار واجتماع الرياض قد يسد تلك الثغرة في جسم الثورة السورية”.
وأكد الضابط المنشق عن جيش النظام أنه تم “تهميش الضباط خدمة لأجندات خارجية وهذا ما أبعد الثورة عن مسارها، مشيرا إلى أن المجلس العسكري يجب أن يضم ضباطا مهنيين محترفين من كل الاختصاصات”.
وسبق أن تحجج النظام في مؤتمر فيينا بعدم وجود معارضة لها علاقة مع الفصائل العسكرية وقدرتها على التأثير على الميدان للتحاور معها، وتأتي مشاركة الفصائل العسكرية في الرياض لتقطع الطريق على أي محاولة من النظام للتهرب من التفاوض.
ولا يبدي معارضون سوريون تفاؤلا كبيرا بشأن نجاح مؤتمر المعارضة الذي يعقد لمدة ثلاثة أيام في العاصمة السعودية بسبب الارتباطات الخارجية للجماعات المشاركة فيه.
وكانت دول مثل روسيا انتقدت توزيع المقاعد في المؤتمر بحيث يحوز الائتلاف المعارض على تمثيلية أكبر من هيئة التنسيق المقربة من موسكو، فضلا عن تغييب الأكراد.
وشاركت هيئة التنسيق، التي تتهم بكونها مقربة من الرئيس السوري بشار الأسد، في لقاءات استضافتها موسكو لحل الأزمة على قاعدة رفض التدخل الخارجي ومعارضة العمل العسكري لفرض رحيل الأسد.
وتقول موسكو إن دور الأكراد في مستقبل الحل السوري مهم لأن الأولوية ستكون لمقاتلة داعش، والأكراد الذين يحصلون على دعم أميركي يمكن أن يكون لهم دور مهم في الانتصار على التنظيم مثلما جرى في العراق.
ويعقد الأكراد على مدى يومين (أمس واليوم) مؤتمرا في مدينة المالكية بمحافظة الحسكة ذات الغالبية الكردية في شمال شرق سوريا. ومن الواضح أن تزامنه مع مؤتمر الرياض رسالة مفادها أن الأكراد سيكون لهم دور مؤثر في ظل تحالفهم مع واشنطن.
وسيكون حضور الصوت الداعي إلى أولوية الحرب على داعش محدودا في الرياض، وهو ما جعل الروس يلوحون بأن قائمة وفد المعارضة التي سيتم الاتفاق عليها في الرياض قد يتم تعديلها بتدخل دولي، في إشارة إلى عدم رضا موسكو على تمثيلية الفصائل المقربة منها في المؤتمر، وتوقعاتها بأن يخرج بقرارات لا تتناسب مع ما تريد فرضه عبر تدخلها العسكري إلى جانب الأسد.
وقد دفع هذا التخوف وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى الاتصال بنظيره السعودي عادل الجبير قبل يوم من المؤتمر.
وفي مقابل تواضع تمثيل الشق الذي يدعم أولوية الحرب على داعش، يشهد الجسم المعارض لبقاء الأسد خلافات قد تعيق الخروج بتوافق يرضي الجميع.
ويطالب مشاركون في مؤتمر الرياض أن يتم تحييد الجماعات المتشددة أو التي لها علاقات مثيرة للشبهات مع تنظيم النصرة، ومنعها من المشاركة في الوفد الذي سيمثل المعارضة في نيويورك لأن ذلك سيدعم مزاعم الأسد والدول الحليفة له حول تشدد المعارضة.
وأثار حضور ممثلين عن أحرار الشام وجيش الإسلام والإخوان المسلمين إلى مؤتمر الرياض احتجاجا لدى المعارضة الوطنية التي تعتبر أن وجودهم يسيء لمطالب السوريين.
ويذكر أن لبيب نحاس المشارك في مؤتمر الرياض كممثل عن أحرار الشام قام بحملة علاقات عامة في الصحف البريطانية والأميركية ليروج لحركته على أنها معتدلة وليس من أجنداتها إقامة دولة إسلامية.
لكن مراقبين يشيرون إلى أن السعودية حرصت على استدعاء أغلب الفرقاء للحصول على توافق أوسع على أن يتم تحييد الإسلاميين المتشددين وعدم إشراكهم في الوفد المفاوض ولا في المؤسسات التي سيتم تكوينها لإدارة عملية التفاوض بشكل أوسع.
وتسود شكوك بين المعارضين أن أحرار الشام التي تتحالف مع جبهة النصرة تحت لواء جيش الفتح لن تسمح بأن يخرج المؤتمر بخطة تتلاءم مع ضغوط دولية لتأهيل الأسد.
ويرتبط جيش الفتح بصفة قوية بتركيا التي ليس من مصلحتها أن يتم الإقرار ببقاء الأسد في ظل خلافها مع روسيا.
العرب