أكثر من خمس سنوات مضت من عمر الحرب في سوريا، ولم ينفك إعلام النظام عن تغيير تعابيره ومصطلحاته التي تتناسب مع سياسة داعميه، بيد أن العالم أجمع يعرف خفايا ومبتغى النظام من سياسته الإعلامية التي تعتمد بالدرجة الأولى على تقديس أعمال جيشه وقواته المسلحة، وأعمالهم البطولية في دحر الإرهاب المسلح بحسب تعبيرهم، ورغم ذلك يتابع المجازر اليومية وعمليات التهجير المتتابعة منطقة تلو الأخرى التي يمارسها النظام للضغط على المناطق المحاصرة دون أن يحرك المتفرجون على طاولة الأمم المتحدة ساكنا.
ويعيش النظام نشوة المنتصر بعد أن حقق تقدما ساحقا في أحياء حلب الشرقية ليس بعضلات أبطاله ومسانديه إنما بطائراته الحربية التي عملت خلال الفترة الماضية بطاقتها القصوى وسيطر على عدة أحياء بقوة الصواريخ المدمرة مرتكبا مجازر وحشية غير آبه بحال الأطفال والنساء والمدنيين الذين لاذنب لهم.
وهنا برز دور إعلام النظام في التهليل والتمجيد للانتصارات البعيدة عن الإنسانية والخارقة لكافة معاييرها، فنشرت صحيفة البعث الموالية ” إن أبناء محافظة السويداء قدموا قافلة محملة بـ50 طناً من التفاح كهدية من أبناء المحافظة لأبناء حلب الصامدة وأشار محافظ السويداء عامر العشي إلى أن هذه القافلة تؤكد اللحمة الوطنية بين أبناء الوطن السوري وتعبر عن تقدير ومحبة أبناء المحافظة لأهالي حلب وصمودهم في وجه الإرهاب التكفيري لافتا إلى أن تباشير النصر بدأت من حلب بفضل صمود أبنائها وتضحيات الجيش السوري.”
وهنا تبرز “اللحمة الوطنية” كما يسميها النظام، فأصوات الاحتفالات والأغاني المؤيدة للنظام ورئيسه تصدح من أحياء حلب فرحا بالنصر، وعلى بعد بضغة مترات يعيش من بقي في حلب المحاصرة ليواجه مصيره بموت محتوم بعد أن خذلهم العالم وعجزت اجتماعات الدول الصديقة أن تؤتي بنتيجة تنهي الحرب الدامية.
لكن على ما يبدو فإن الإنسانية انعدمت من قلوب أهالي حلب النظام، فالهتافات والمسيرات المعبرة عن الفرح أكبر دليل على تواطئهم أمام المجازر والإعدامات الميدانية التي يقوم بها عناصر النظام في المناطق التي يتقدم إليها بحق أهلها، فأشلاء تنزف وبيوت تحترق وركام امتزج برائحة الموت التي تعبق في أرجاء المناطق التي أخذها النظام عنوة وهجر أهلها، في المقابل يحتفل أهالي حلب الغربية على وقع دماء وجثث الأطفال وصرخات النساء ومناشدة من بقي على قيد الحياة منتظرا دوره في لعبة الموت.
فلينعم أهالي حلب بنوم ضميرهم أو ربما موته، وليستمتعوا بأكل تفاح النصر من أهل النخوة في السويداء، فالمجتمع الدولي بأكمله خذلهم ولن يتوقف الأمر على إخوتهم وأشقائهم، والسؤال الذي يطرح نفسه ماهو مصير الجارة ادلب التي يترقب أهلها بصمت وخوف وقلق.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد