صالح القلاب – الرأي الاردنية
ألا يدعو ليس للاستغراب فقط وإنما إلى التساؤل بإلحاح أنْ تلوذ إسرائيل بكل هذا الصمت المريب بينما يتم تحشيد عسكري متصاعد بالقرب من خطوط الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان السورية المحتلة تشارك فيه قوات فعلية “مجْوقلة” من الحرس الثوري الإيراني من ضمنها فيلق القدس ومن عشرات التنظيمات المذهبية المستوردة من العراق وإيران وباكستان وأفغانستان ومن كل حدب وصوب بالإضافة إلى حزب الله اللبناني الذي تحول بالمواصفات المستجدة إلى حزب إرهابي بكل معنى الكلمة .
قبل فترة استهدف الإسرائيليون دورية من حزب الله ومن حراس الثورة الإيرانية بقيادة جنرال إيراني كبير حاولت الاقتراب من خطوط وقف إطلاق النار في مهمة استطلاعية وكان ردُّ حزب الله بالعملية المعروفة في مزارع شبعا السورية التي أعقبها حسن نصر الله بتصريحات نارية أعلن فيها أن هناك قواعد جديدة للاشتباك مع “الدولة الصهيونية” .
ويبدو ،وفقاً لما جرى الآن من قتال بين قوات بشار الأسد والحرس الثوري الإيراني والشراذم الطائفية المستوردة وحزب الله وبين المعارضة السورية، أن هذه هي قواعد الاشتباك الجديدة التي تحدث عنها حسن نصر الله..أيْ أن يكون هنالك “تغارشٌ” متبادل وبحيث “يغرُشْ” الإسرائيليون عما يجري من تحشيد واقتتال بالقرب من خطوط التماس التي بقيت هادئة على مدى أكثر من أربعين عاماً مقابل دفع المعارضة السورية في اتجاه الحدود الأردنية.
فهل أنَّ الإسرائيليين يتمتعون يا ترى بروح رياضية عالية أم أن هذه هي قواعد الاشتباك الجديدة التي تحدث عنها حسن نصر الله أم أنَّ التفاهمات غير المعلنة تقضي بدفع تنظيم النصرة على وجه التحديد نحو الحدود الأردنية ..وهذا يعني ومهما حاولنا تغليب النوايا الحسنة أن هناك مؤامرة ضد الأردن بقي حزب الله منخرطاً فيها منذ بدايات تسعينات القرن الماضي حتى الآن..حتى هذه اللحظة؟
وهنا فإنَّ ما يجب التوقف عنده والنظر إليه بكل جدية هو أن الذين احترفوا “التبخير” لحزب الله قد بادروا إلى استهداف ما بقوا يرددونه ويقولونه وهو أن هدف اقتراب هذا الحزب ،الذي وضع نهر الليطاني بينه وبين الحدود اللبنانية – الفلسطينية بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 1701 لعام 2006، من الحدود الأردنية هو السعي لتسليح الضفة الغربية!! فأيُّ كذبة هذه وأيُّ تبرير مشبوه هذا.. ثم وهل أن تواجد مغاوير حزب الله في حلب هو أيضاً من أجل تسليح الضفة الغربية؟
إن من مصلحة إسرائيل أن تصبح الحدود الأردنية – السورية حدوداً أردنية – إيرانية وهنا وليس أغلب الظن وفقط بل المؤكد أنها تفضل الانتظار والاستمتاع بمتابعة هذه المسرحية الدموية إلى أن تحين اللحظة المناسبة لتحقيق حلمها القديم بدفع قواتها نحو مدينة السويداء مما يجعلها تتحكم بهذه المنطقة الإستراتيجية المتاخمة للحدود العراقية – الأردنية – السورية
لقد بقي نظام بشار الأسد ،الذي يرتبط مع “داعش” باتفاق المصالح المشتركة، يحاول إيصال قوات هذا التنظيم إلى الحدود الأردنية والسبب هو تنفيذ ما كان وعد به
وهو نقل الإرهاب إلى الدول المجاورة.. وهذا يجب أن يجعلنا في هذا البلد الصامد بين السِنَة النيران في أقصى حالات الاستنفار فأي غفْلة ستكون كارثة وأي خطأٍ في الحسابات سيكلفنا الكثير.. الكثير .