عندما أعلن الرئيس الأميركي باراك #أوباما في نيسان الماضي زيادة عدد القوات البرية الأميركية في #سوريا بارساله 250 جندياً إضافياً لدعم النجاحات التي تحققت ضد “داعش”، تفاوتت اصداء ذلك القرار، بين من اعتبره عاملا مساعداً في تحويل قوة الدفع في سوريا، وبين من وصفه بأنه “إجراء تجميلي”. وبعد أربعة أشهر على القرار، يبدو أن ثمة جدلاً أميركياً داخلياً في شأن قواعد الاشتباك لهذه القوة.
ورفع قرار أوباما عدد القوات الاميركية في سوريا ستة أضعاف ليصل إلى نحو 300. ومع أن القوة البرية لا تزال صغيرة مقارنة بالقوات التي نشرت في العراق أو أفغانستان ، قال خبراء عسكريون إنها قد تساعد في قلب الموازين في الحرب.
وفي حينه، أوضح أوباما أن هذه القوات لن تقود القتال على الأرض لكنها ستكون ضرورية لتقديم التدريب ومساعدة القوى المحلية في سعيها المتواصل لإجبار داعش على التراجع.
وردت قوات سوريا الديمقراطية، التحالف المدعوم من واشنطن والذي يضم وحدات حماية الشعب الكردية وبعض الحلفاء العرب، بإنها ترحب بإعلان أوباما لكنها لا تزال تريد مزيداً من المساعدة.
وحققت الحملة التي تقودها واشنطن ضد “داعش” نتائج ملموسة وخصوصاً في شمال العراق، نتيجة الغطاء الجوي الاميركي خصوصاً. وبتقديرات مسؤولين أميركيين أن “داعش” خسر 25 ألف كيلومتر مربع من الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق وسوريا ، منها 20 في المئة من أراضيه في سوريا، وأن قرابة 45 ألف داعشي قتلوا في العراق وسوريا منذ بدء الحملة، بينهم 25 ألفاً في الاشهر ال11 الاخيرة.
أما الدور الذي قامت به القوة الاميركية البرية فليس واضحاً وخصوصاً في ظل قواعد اشتباك صارمة.
ففي تقرير له اليوم، قال الصحافي ايلي لايك في موقع “بلومبرغ” أن القوات الخاصة الاميركية تقوم بأمور كثيرة في الحرب على “داعش”، إذ إنها تجمع معلومات استخباراتية وتؤسس علاقات مع المجتمعات المحلية وتساعد في تحديد أهداف الغارات الجوية وتدرب القوات المحلية وتقدم الاستشارة لها.
إلا أنه نقل عن أربعة مسؤولين عسكريين أميركيين رفضوا الافصاح عن هوياتهم أن الجنود الاميركيين ممنوعون من دخول نطاق نيران العدو، وأن الجنود ال300 يتحركون بموجب قواعد اشتباك سرية صارمة جداً.
ولكن القواعد المعمول بها والمعروفة باسم “الاحتماء والتستر الأخير” صارمة جداً ، بحسب لايك، مقارنة بمهمات عمليات خاصة في الحرب على الإرهاب قبل 2014.
وكانت قواعد الاشتباك تلك أتاحت للقوات الاميركية الخاصة القتال الى جانب قوات محلية دربتها.
وينسب الصحافي إلى ضابط عسكري أن قواعد الاشتباك في سوريا تعادل أوامر: “لا تسمح بإطلاق النار عليك”.
ولكن لايك نقل في المقابل عن مسؤولين دفاعيين آخرين أنه يُسمح القوات الاميركية الخاصة بالدفاع عن نفسها إذا تعرضت لاطلاق نار، مع تأكيدهم أن هذه القوات ليست منخرطة في مهمات هجومية.
وعلى غرار الانتقادات التي رافقت قرار أوباما وكان أبرزها من السناتور جون ماكين، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، الذي قال إنها “خطوة مترددة أخرى على طريق التصعيد التدريجي المحفوف بالمخاطر لن تمنع الضرر في سوريا”، لا تزال شروط الاشتباك الصارمة تثير انتقادات خلف الكواليس.
ونقل لايك عن مسؤولين عسكريين أميركيين أن أعضاء بارزين في الكونغرس وضباطاً على الارض في سوريا والعراق يطالبون بمزيد من المرونة.
وأحد هؤلاء هو النائب ماك ثورنبري، رئيس لجنة أجهزة القوات المسلحة. وإذ رفض مدير مكتبه كلود تشاغن الخوض في تفاصيل هذه المسألة، اكتفى بأن “ثورنبري قلق من القيود الموضوعة على رجالنا والتي تحدّ فعاليتهم في مساعدة الآخرين”.
ويقول رودجر كارستنز، وهو لفتنانت كولونيل سابق للقبعات الخضر التي دربت قوات محلية في العراق وأفغانستان، أن ثمة أسباباً ميدانية عدة توجب السماح لمستشارين بالقتال مع القوات التي يدربونها، إذ إنهم بذلك “يكتسبون شرعية وصدقية ويظهرون لشركائهم أنهم يشاطرونهم الخطر”.
إلى ذلك، أوضح كارستنز أن القتال مع قوات محلية هو نوع من عملية التدقيق، إذ “يتمكن المدرب من التحقق مما اذا كانت القوات التي يدربها استوعبت التمرين”، وهو أمر ضروري لتقويم فاعلية المدربين.
ولعل هذه القيود الصارمة هي التي جنبت القوات الاميركية في سوريا خسائر. فمنذ اطلاق أوباما الحرب على داعش قبل سنتين، أعلنت وزارة الدفاع “البنتاغون” مقتل ثلاثة جنود أميركيين، وجميعهم قضوا في العراق.
موناليزا فريحة – النهار