لا يكاد يمر شهر في سوريا إلا وتكشف هيئة الرقابة التابعة للنظام قضايا اختلاس وسرقة لأشخاص في دوائر ومؤسسات الدولة بمبالغ خيالية على حساب الشعب السوري الذي يعتبر المتضرر الأكبر من تبعات الحرب الدائرة منذ سنوات، التي خلفت فسادا وفوضى نظرا لانشغال النظام بملاحقة من يسميهم “بالإرهابيين”، وتسخيره جميع قواه في محاربتهم وقصفه لمناطقهم بشتى أنواع الأسلحة الممكنة، ضاربا بعرض الحائط معايير الإنسانية موقعا يوميا عشرات الشهداء من المدنيين جلهم من الأطفال والنساء.
وتعقيبا على ذلك، صرح عضو مجلس الشعب “محمد خير العكام” لصحيفة الوطن الموالية: “إن قلة الأجور وانخفاض الأداء الحكومي الرقابي أدى إلى كثرة الفساد، وأن في القضاء محاكم مختصة بالنظر بالقضايا الاقتصادية المشار إليها، وازدادت الدعاوى خلال العام الحالي بشكل واضح”.
وأضاف: “من الجيد إحداث محاكم مختصة ومنها المحاكم الاقتصادية والمصرفية إلا أنه كان من الأولى على وزارة العدل أن تؤهل قضاة مختصين في هذا المجال، ومن الأكثر أهمية تأهيل قضاة يستطيعون التعامل مع القوانين قبل إحداث المحاكم بالجرائم الاقتصادية، وأخرى خاصة بالمصرفية وهذا يحتاج إلى أن يخضع القاضي إلى دورات مستمرة في هذا المجال ليكون على دراية كاملة في مثل هذه المواضيع”.
وكعادة مسؤولي النظام، يبحثون عن حجج غير مقنعة ليبرروا فشلهم في ضبط دوائر ومؤسسات الدولة، والحد من الرشاوى والفساد، ورغم أن الأجور الشهرية التي يتقاضاها موظفو النظام لا تتجاوز 80 دولارا كحد أقصى ولا تكفي لتغطية كافة متطلبات المعيشة إلا أنه ليس مبررا منطقيا لقيامهم بالسرقة والاختلاس من الخزينة، بأساليب ملتوية على حساب غيرهم كموظفي إدلب قطاع الصحة الذين قد تجاوزوا السنة دون أجور بحجة الدراسة الأمنية.
ومن المتعارف عليه في أي دولة متقدمة تحارب الفساد وتحاول القضاء على الفوضى، اتباعها سياسة الحد من المشكلة الرئيسة ومعالجتها من جذورها، وحري بالعضو الذي من المفروض أنه يمثل الشعب في البرلمان السوري أن يقترح حلولا أقرب للواقعية وتتمثل في ضبط دوائر الدولة وتشديد الرقابة المالية عليها ورفع سقف العقوبات التي لم نسمع أو نرى تطبيقا لأي منها بحق أي شخص تم توثيق ضلوعه بقضية اختلاس، إلا أن العضو اقترح إحداث محاكم اقتصادية وتدريب القضاة على التعامل مع تلك القضايا، وكأنه يتنبأ بارتفاع عددها في المستقبل القريب وتحتاج لاختصاصيين في تحديد نوع العقوبة الملائمة.
ويجب على أي دولة تسعى للنهوض أن تعين أشخاصا جديرين بالإدارة؛ ليتخذوا قرارات تصب في مصلحة الشعب بالدرجة الأولى، وفي سوريا نعاني العكس فدائما يكون المسؤول في مكان غير مناسب، ورغم كل التهليلات والقرارات التي يتم اتخاذها إلا أننا لم نجد أي تحسن في هيكلة المؤسسات التابعة للنظام، فالفساد يأخذ بالتفشي أكثر، والاقتصاد مازال في الهاوية وذلك باعترافهم، فأين هي خطط الإصلاح التي وعد بها بشار الأسد، أم أنها تقتصر على قتل الأطفال وتشريد من بقي في سوريا؟
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد