كانت قضايا الخطوبة والزواج مرتبطة بسكان المدينة أو القرية وكان من الصعب على الشاب أن يتزوج من فتاة من خارج قريته- وإن كان يحصل نادرا، لكن النزوح واللجوء الذي أجبر أكثر من مليونين وسبعمائة ألف سوري على تغيير أماكن إقامتهم في عموم سوريا، وانتشروا في أرجاء المدن التركية ما جعلهم يحتكون بالمجتمع التركي وكان للظروف حكمها عليهم فما كان مرفوضاً بالأمس صار اليوم مقبولاً بل ومستحباً ولعل قضية الزواج التركي-السوري واضحة جلية بحكم التشابه ببعض العادات والتقاليد الناتج عن التقارب الثقافي والجغرافي.
“أم سالم 41عاما” من حلب تقول: انتهت حياتي الزوجية بعدما توفي زوجي، ولم يرزقني الله أولادا، وبعد لجوئي إلى تركيا، كتب الله لي حياة أخرى جديدة، كما يقولون، فقد رزقني الله زوجاً هنا في تركيا وأنا سعيدة مع زوجي ولدينا الحمد لله بيت كبير وحديث، وهكذا نمضي حياتنا اليومية بدون أي مشاكل وبالنسبة لزوجي يحب السوريين ويتعاطف معهم دوماً ولذلك أحسست بأنه سيسعدني فاتخذت قراري لأكمل حياتي مع زوجي التركي. وسألنا زوجها التركي فكان ضاحكاً ويفتخر بالسوريين وصبرهم على الظلم الذي لحق بهم ويقول إنه متعاطف مع السوريين ويتمنى مساعدتهم جميعاً ولكنه منفعل للمناظر البشعة في الإجرام بحق الأطفال وقلبه يتقطع عندما يشاهد تلك المشاهد المرعبة ويضيف: هذه السورية أحببتها كثيراً ومن أجلها أساعد كل السوريين وأعمل ما بوسعي لمسح دموع الأطفال.
وعن قيام أم سالم بأعمال البيت يقول زوجها: قدري وقع مع امرأة تحب نظافة البيت والمكان وتهتم بكل ما يجعل البيت مرتباً ومنسقاً وهي امرأة تصبر على القساوة المجتمعية وتحضر الطعام بشكل متقن وتتفن صنع الحلويات الشهية.
أما “هند 37 عاماً ” فقد واجهت مصاعب حياتية قاسية؛ فقد لجأت إلى تركيا مع أخيها الكبير الذي وجد عملاً بصعوبة وهو بالكاد يسد احتياجات أجور المنزل وفواتير الكهرباء والمياه الباهظة فتقدم إليها “ثروت وعمره 50 عاماً” وغير متزوج إلا أنه طيب القلب كما تقول وإنسان بمعنى الكلمة يحترم الزوجة ويقدرها كإنسانة وكل شيء متوفر لدينا في المنزل حتى أنه يرغب بولد يسعد حياته ويملأ عليه الدنيا كما يردد دوماً فالحياة بدون أولاد لا تعني شيئاً، هم نعمة من الله.
هاجس اللغة كان عائقاً أمامهما حيث اعتمدا على برامج الترجمة والقواميس اللغوية وبعض الدروس التركية والعربية مما أكسبهما معلومات وفيرة مع مرور الوقت فغدا الاثنان متفاهمين لغوياً بشكل جيد ولو أنه ما زال ينقصهما الكثير.
ويرى أمجد وجود إقبال من جهة الرجال الأتراك على الزواج من النساء السوريات اللاتي فقدن أزواجهن وقطعن الأمل بعودة الحياة إلى ما كانت عليه في ظل المعيشة الصعبة التي تعاني منها السوريات .
صهيب مفوض إبراهيم – المركز الصحفي السوري