طالب وزير العمل اللبناني سجعان قزي خلال مؤتمر العمل الدولي المنعقد في جنيف في دورته الـ105، «كل المنظمات الدولية، لا سيما منظمة العمل والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين بأن تنتقل بمنطقها وتفكيرها وجدليتها من مشروع تثبيت النازحين واللاجئين حيث هم، إلى مشروع إعادة النازحين واللاجئين إلى أوطانهم، لأن أوطانهم أحق بهم من أوطان الآخرين».
وكان قزي التقى المدير العام لمنظمة العمل الدولية غي رايدر، شارحاً الوضع اللبناني في حضور رئيسة بعثة لبنان لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية السفيرة نجلا عساكر والمديرة الإقليمية للمنظمة ربى جرادات.
واعتبر قزي بعد اللقاء «أن المسؤولين الدوليين لديهم حتى الآن، مع الأسف، وجهة نظر واحدة حول موضوع النازحين السوريين في لبنان، وليسوا على اطلاع على فداحة الوضع اللبناني ونسبة البطالة والفقر في البلاد، إما لأن ممثليهم يرسلون إليهم تقارير حول القمر، وإما لأن بعض المسؤولين يتحدثون معهم عن المساعدات المالية من دون أن يضعوهم في جو تداعيات الأزمة السورية على لبنان».ولفت إلى أن رايدر «كان ممتناً لإطلاعه على المعطيات التي زودته بها، وأبلغني أنه سيكون إلى جانب لبنان في دفاعه عن اليد العاملة اللبنانية».
وقال قزي في كلمته أمام مؤتمر العمل الدولي: «إن التضامن الاجتماعي يجب أن يأخذ في الاعتبار الوضع الوطني لكل دولة، إذ ليس بخلق قضية أخرى ومأساة أخرى نحل قضية أولى ومأساة أولى».وتوقف عند ما نشرته الصحافة السويسرية عن أن سويسرا تفكر بالعودة إلى إعطاء الأفضلية لليد العاملة السويسرية، لأن نسبة البطالة في سويسرا وفي جنيف بالتحديد بلغت 3.7 في المئة، فما قولكم ولبنان نسبة البطالة فيه 25 في المئة بعدما كانت 32 في المئة عام 2014؟ ومع كل ذلك يأتي بعض المنظمات من خلال المعايير الدولية ويطلب منا أن نستوعب كل يد عاملة موجودة على أرض لبنان».
وقال: «نحن مع التضامن مع الأشقاء العرب ومع الأصدقاء في العالم، ولكن لبنان لم يكتب له أن يتحمل أخطاء الآخرين وأخطاء الأنظمة والتطرف والإرهاب، وأخطاء الدول الإقليمية والكبرى التي تخرب كيانات دول الشرق الأوسط».
وقال: «يجب أن تكون الأمم المتحدة مع الدول الصغيرة قبل أن تكون مع الدول الكبرى، ومع الشعوب قبل الحكومات».
وشدد قزي على أنه «لا يجوز أن يبقى الشعب الفلسطيني مشرداً، لأن العالم عاجز عن فرض قيام دولة فلسطينية مستقلة، ولا يجوز أن يبقى الشعب السوري نازحاً، لأن العالم لا يريد حلاً للحرب في سورية، ومن هنا نقترح بالنسبة إلى النازحين السوريين في لبنان، ألا يطلب منا أن نتحمل أكثر، إنما أن تنشأ إرادة دولية لإقامة منطقة عازلة داخل سورية تستوعب النازحين. فلا تدعوا لبنان يسقط، لأنه سقوط للديموقراطية، والتعايش الإسلامي- المسيحي، وللنموذج الحضاري».
وكان سفير النوايا الحسنة لمنظمة «يونيسف» المغني ريكي مارتن، زار لبنان للقاء الأطفال اللاجئين الذين فرّوا من النزاع في سورية. ودعا إلى زيادة التركيز على حماية مستقبل ملايين الأطفال المتضررين من النزاع السوري والذين تأثرت حياتهم بسبب التشريد والعنف والانعدام المستمر للفرص.
ولفتت المنظمة في بيان لها أن «نحو 1.1 مليون سوري لجأوا إلى لبنان منذ بداية الأزمة عام 2011، أكثر من نصفهم من الأطفال. ويتعرض الأطفال النازحون لمخاطر الاستغلال وإساءة المعاملة، ولم يعد أمام أعداد كبيرة سوى خيار العمل بدلاً من الذهاب إلى المدرسة».
وصرح مارتن: « إن ما يقارب 2.8 مليون طفل سوري خارج مقاعد الدراسة في المنطقة. التقيت أطفال باتوا المعيلين الوحيدين لعائلات بأكملها، يعملون لمدة 12 ساعة يومياً».ورأى أن على العالم «أن يقوم بالمزيد لحماية هؤلاء الأطفال من الاستغلال وتوفير الوصول إلى بيئة آمنة حيث يمكن.
وتأثر مارتن كثيراً بقصة «بتول»، وهي طفلة من حمص تبلغ من العمر 11 سنة اضطرت إلى العمل من دون مقابل مالي لكي تحصل على المياه والمأوى. وتعيل بتول مع شقيقتيها الأكبر سناً وأمها أسرتهن المؤلفة من 13 شخصاً. وهي قالت لمارتن: «لا يدفعون لي أي مبلغ من المال. أعمل لساعات طويلة جداً في حصاد الفول والكرز والبطاطس، أياً كان الموسم».
وشاهد مارتن خلال زيارته لبنان التي استمرت يومين، عمل «يونيسف» على توفير بيئة آمنة للأطفال واليافعين وتوفير الدعم اللازم من أجل العودة إلى التعليم الرسمي. وفي سهل البقاع وعكار، شارك مارتن في نشاطات ترفيهية للأطفال في أماكن آمنة في تجمعات عشوائية للنازحين.
والتقى يافعين مشاركين في نشاطات تدريبية توفر المهارات الحياتية التي تقدمها «يونيسف» وشركاؤها، من خلال تدريب مهني ودعم تعليمي للفتيات والفتيان».
وقال مارتن: «ألهمتني شجاعة هؤلاء الأطفال، إذ يكتسبون المعرفة والمهارات التي يحتاجون إليها لكي يدعموا أسرهم والمجتمعات المحلية عند بلوغهم سن الرشد. إن الاستثمار في حاضر هؤلاء الأطفال هو استثمار في مستقبل المنطقة».
الحياة