أنهى طلاب الثالث الثانوي السوريون في تركيا عامهم الدراسي قبل أيام قليلة، بعد خضوعهم لاختبارات شهرية في مدارسهم، في وقت أصدرت فيه وزارة التربية التركية قراراً جديداً يخصّ معدل نجاحهم لهذا العام وذلك عبر احتساب درجاتهم خلال السنوات الثلاثة الأخيرة وليس هذا العام فقط.
وقد تسبب هذا القرار بحالة من الفوضى لدى طلاب الشهادة الثانوية بعد إبلاغهم به حديثاً، خصوصاً وأن الكثير منهم شعروا بالظلم نتيجة عدم مساواتهم بطلبة آخرين دروسوا هذا العام وتم اعتماد معدل درجاتهم بناءً عليه وحسب.
وكما هي العادة جاءت قرارات التربية التركية مفاجئة ومترددة، حيث لم يعلم طلاب الشهادة الثانوية السوريون أي شيء عن هذه القرارات منذ بداية العام، فيما كانت حالة من الترقب تسود لديهم طيلة الأشهر السابقة، منتظرين أن يعرفوا فيما إذا كانوا سيخضعون لامتحان “معياري” أو “مفتوح” كما حدث في بعض السنوات السابقة.
اعتراضات
ووفق عضو “هيئة التربية والتعليم” في مدينة أنطاكيا، الأستاذ حمزة دالي، فقد حدثت حالة من اللغط والسخط بعد إعلام مديريات التربية التركية منسقي المدارس السورية بطريقة حساب المعدل العام من خلال الاعتماد على مجموع السنوات الثلاثة السابقة ثم ترك الأمر لهم، وهو ما أدى لتفاوت تنفيذه بين الولايات والمدارس، وأشاع حالة اعتراض واسعة لدى الطلاب مع اختلاف الأوضاع بين مدرسة وأخرى.
وحول اختبار التعليم المفتوح الذي تم إقراره هذا العام، أكد دالي أنّ طلاب هذا العام “سيدخلون إلى الامتحان دون حل أي سؤال، ويكفيهم تعبئة استمارة المعلومات فقط، وهكذا يكون الطالب متخرج وتوضع له علامة الجلاء أوعلامة متوسط الصفوف التي درسها”.
وعن فائدة إجراء الاختبار أجاب الدالي أنّ الامتحان هو فرصة لطلاب السنوات السابقة ممن رسب بامتحان المعياري حيث يتعين عليه انتقاء مادتين باللغة التركية والنجاح بهما لتعديل رسوبه.
مصائب قومٍ
مها ليوش، طالبة ثالث ثانوي علمي، تدرس في أنطاكيا، قالت إنها قدمت مع زملائها اعتراضاً خطياً في مديرية التربية التركية بسبب ما وصفته بالظلم الذي لحق بها مع زملائها، وأوضحت ليوش أن معدلها انخفض من 90 % إلى أقل من 83% بسبب هذا القرار، مؤكدةً في الوقت ذاته أن بعض الطالبات الأخريات ممن سجلن هذا العام في المدارس حصلن على معدل أعلى نتيجة احتساب نتائج امتحاناتهن في السنة الأخيرة فقط .
كما أكدت ليوش أن بعض زملائها في المدارس الأخرى قدموا، أثناء تسجيلهم لامتحان التعليم المفتوح، جلاءهم المدرسي للعام الحالي فقط بعد تغاضي المنسق التركي لديهم عن القرار، وأنه تم تسجيلهم والاعتراف بهم، بينما ظُلمت هي ـبحسب وصفها- من قبل مدير مدرستها التي قررت الامتثال لقرار التربية التركية.
وتعاني المدارس السورية العاملة في تركيا وفق ليوش من تخبط كبير وعشوائية في القرارات حيث تم إبلاغ الطلاب بالمذاكرات التحريرية وبوجوب إنهاء العام الدراسي لهم قبل ثلاثة أيام فقط من الاختبارات التي أجروها.
ويختلف نظام الحصول على الشهادة الثانوية في تركيا عن الشكل الذي كان يتم به في سوريا، حيث تعتمد التربية التركية على نظام “يوبيس” الذي يسجل معدل علامات الطلبة في المدارس خلال كامل أعوام دراستهم، وتجري امتحانات تقليدية لطلاب الشهادة الثانوية وبعدها يتقدم الطالب التركي للجامعات بالمعدل الوسطي الذي حصل عليه خلال مراحل دراسته، فيما تشترط معظم الجامعات التركية حصول الطالب على نجاح في اختبار الذكاء YÖS من أجل قبوله.
ويحق للطالب السوري التقدم للجامعات التركية عبر المنح الخاصة للأجانب أو عبر التسجيل على مقاعد شاغرة في الجامعات، وتكون الأفضلية للطلاب الذين يحصلون على معدلات مرتفعة في مدارسهم وفي اختبارات الذكاء، ولمن يملك أيضا شهادة اللغة التركية “تومر”.
إجرءات جديدة وزحام
مشكلة أخرى رافقت تسجيل الطلاب لامتحان التعليم المفتوح، والمنح هذا العام وهو اشتراط الموظفين الأتراك حصول الطلاب السوريين على بطاقة الحماية المؤقتة الجديدة “كيملك” التي تبدأ برقم 99 لتسجيلهم.
لكن آلاف السوريين ممن وصلوا خلال العام الحالي أو نهاية الماضي لم يحصلوا على هذه البطاقة بسبب إجرءات جديدة اتخذتها السلطات التركية لمنحها للقادمين حديثاً، فيما فشل قسم آخر ممن يحمل البطاقة القديمة بالحصول على أخرى جديدة بسبب حالة الزحام الكبيرة التي شهدتها دوائر الهجرة.
وفي هذا الإطار قال الطالب السوري، محمد يونس، المقيم في ولاية غازي عنتاب التركية، إنّه ينتظر مع العشرات من زملاءه ممن وصلوا إلى تركيا خلال الأشهر الماضية متابعة دراستهم الجامعية والسماح لهم بالتقدم للمفاضلات.
وتساءل يونس في حديثه لـ صدى الشام: “ما ذنب الطلاب ليُحرموا من التقدم للامتحان إذا كان المتسبب في التأخير هو دائرة الهجرة؟ هل من العدل أن نؤجل للعام القادم بسبب امتحان شكلي لا يقدم أو يؤخر؟”.
توضيحات
وفي محاولة للحصول على تفسيرات لما يحدث، أفاد عمران الحمصي، أستاذ مادة العلوم في مدرسة “رجب طيب أردوغان” بأن شرط تبديل البطاقة القديمة والحصول على أخرى جديدة جاء بطلب من وزارة التربية والتعليم التركية “بسبب وجود كافة المعلومات الشخصية التوضيحية في البطاقة الجديدة”، في حين سعت بعض المدارس لمساعدة الطلاب بهذا الشأن وإعطاءهم أدواراً خاصة في مديريات الهجرة لتسهيل حصولهم على البطاقة الجديدة وفق قوله.
وأقرّ حمصي بأن بعض الطلاب السوريين، خاصةً ممن وصل قبل أشهر قليلة، لن يتمكنوا نتيجة هذا الشرط من التقدم لامتحان التعليم المفتوح والمنح الدراسية بسبب وضعهم القانوني، مضيفاً أن بعض الجهود بذلت لتمديد فترة التسجيل وهو ما حصل فعلاً.
ونصح الحمصي جميع الطلاب السوريين بتحسين فرص قبولهم في الجامعات التركية من خلال دراسة اللغة التركية والتحضير لاختبار الذكاء YÖS.
ويرى الحمصي أن تركيا قدمت مساعدات كبيرة للطلاب السوريين كي يتابعوا دراستهم، وأتاحت لهم استكمال سنوات دراستهم في الفروع العلمية التي كانوا يدرسون فيها، وأعفتهم من دفع الرسوم الجامعية، كما قدمت الكثير من المنح الدراسية، مشيراً في الوقت ذاته إلى صعوبة استيعاب كافة الطلاب السوريين من حملة الشهادة الثانوية لأن المقاعد الشاغرة للطلاب الأجانب في كل الجامعات تبقى محدودة والفرصة هي للمعدلات وللشهادت الأقوى.
يشار إلى أن التعليم في الجامعات التركية تطور كثيراً خلال الأعوام الماضية حيث احتلت تركيا في عام 2008 المركز 18 بين دول العالم في البحث العلمي، وهي تسعى- وفقاً لمسؤوليها- إلى رفع أعداد الجامعات من 170 جامعة حالياً إلى 500 بحلول العام 2023.
وكان رئيس مجلس التعليم العالي التركي “يكتا صاراج”، أكد خلال مشاركته في في مؤتمر دولي في آذار الماضي أنّ عدد الطلاب السوريين في الجامعات التركية للعام الجاري وصل إلى 15 ألف طالب.
وأشار رئيس مجلس التعليم العالي إلى أن أكثر الجامعات استقبالاً للطلاب السوريين هي اسطنبول، وغازي عنتاب، تليهما بالترتيب جامعات “كارا بوك”، و”مرسين” و”كهرمان مرعش سوتجو إمام”، و”إينونو” و”جوكور أوفا”.
صدى الشام