منذ اندلاع قضية الطفل السوري الذي تقاذفت أمواج البحر جثته إلى شواطئ تركيا تلك المأساة الكبيرة كانت جزءاً من مآسي كثيرة عانى منها الشعب السوري على مدى سنوات منذ انطلاقة الثورة السورية عام 2011، حيث أخذت تركيا على عاتقها مسؤولية استضافة اللاجئين الفارين من ظلم الحرب وأهوالها فقامت بفتح حدودها أمامهم، مقدمة تسهيلات كبيرة لهم، ليصل العدد التقريبي للاجئين المسجلين في تركيا بين 2 إلى 3 مليون لاجئ ولتصبح قضيتهم في الواجهة وفي جميع أنحاء العالم وعلى جميع وسائل الإعلام.
اللاجئ السوري في تركيا ليس كما تخيله المواطن التركي مجرد إنسان طلب اللجوء طمعا بلقمة عيش أو مساعدة ما تقدمها الحكومة التركية له ولم ينتبه الأتراك إلى الآلاف من الأطباء والمهندسين والمزارعين ورجال الأعمال الذين جمعوا أموالهم وأحضروها معهم ليعيشوا بعز أموالهم ومشاريعهم ومعاملهم التي توزعت بكافة مدن وأقاليم تركيا ما خفف من حجم الأعباء الاقتصادية والاجتماعية على السوريين.
وهذا التدفق في رؤوس الأموال من سورية إلى تركيا فاق التوقعات حيث ازدادت القوة الاقتصادية لتركيا بفضل ذلك إضافة إلى آلاف المعامل الصغيرة والأفران الآلية والشركات التي تأسست وتقدر بأكثر من 10 ألاف شركة سورية ناهيك عن المحال الصغيرة والتي انتشرت بكثرة ولم تخلو منها قرية صغيرة أو مدينة في تركيا، فكانت داعما أساسياً ومصدر قوة اقتصادية للسوري والتركي معاً.
ولا ننسى متطلبات الحياة اليومية التي تفرض على اللاجئ السوري كأجور البيوت وفواتير الكهرباء الباهظة والمياه والانترنت والهاتف الجوال وغيرها من مصاريف المعيشة التي ينفقها اللاجئون السوريون وبشكل يومي في تركيا مقابل أجور العمالة المتدنية التي تعطى لهم حيث يحصل العامل التركي على ضعفي الأجر أو أكثر مقارنة بأجر العامل السوري المستضعف إذ يرون فيه صيدا ثمينا يتراكضون على استغلاله فالحاجة تدفعه للقبول مجبرا وهذه مجتمعة تعتبر مساهمات اقتصادية رئيسية يمنحها اللاجئون السوريون مجاناً لتركيا.
وعلى الرغم من القوة الاقتصادية للاجئين ومساهمتهم الفعالة في دفع عجلة الاقتصاد التركي قدما إلى الأمام لا تزال هناك بعض الانتقادات الموجهة لوجودهم في بعض المدن التركية التي ترى السوريين يقاسمونهم البيوت والماء والكهرباء وكل شيء حتى الخبز وينفرون من ذكر اسم السوري.
وينقسم السوريون في تركيا إلى قسمين منهم من جلب أمواله من سورية والقسم الأكبر يعمل بجميع أنواع العمالة المتوفرة كالعتالة وأعمال الفنادق والمطاعم وأعمال الزراعة والسقاية والقطاف وأعمال البناء من أجل إعالة أنفسهم، حيث أكد لنا أبو يحيى معاناته في استئجار بيت يأويه بعد رفض عدة عائلات قبوله مستأجرا لديهم لا لشيء فقط لأنه سوري كما قالوا له متأسفاً لهذه التصرفات التي لا تليق بالمجتمع التركي ويتابع بالقول : لدينا عائلة تركية ملاصقة لمنزلي لاتتجاوب أبدا مع محاولاتي الاندماج ولو قليلا بهم حتى السلام بالكاد أنتزعه منهم كونهم ينظرون للسوري نظرة احتقار أو يرونه مجردا من الإنسانية أو لا أعرف بعكس أحد الأخوة الأتراك الذي يبعد عن مسافة كبيرة يتفقد أحوالي ودوما يسايرني ويحاول التخفيف عني ولو بالكلمة الطيبة فقط .
أما سامي أبوعبدو أحد العمال يحدثنا أنه مع عائلته يعملون لفترات طويلة في المزارع التركية بأجور زهيدة تعادل نصف أجور العمال الأتراك ولكن قساوة الظروف والغلاء المعيشة يجعلهم يرضون بما يسد حوائجهم ويتمكنوا من الإنفاق على عائلاتهم دون حاجتهم لطلب الأموال أو المساعدات من الآخرين مشيراً إلى الظروف الصعبة في العمل والمتعبة وأخيراً نصرف الأجور جميعها في تركيا ولا نوفر قرشاً واحداً.
صهيب مفوض الابراهيم- للمركز الصحفي السوري