شاركت بمظاهرات الورود في داريا واستمرت في تقديم ما تستطيع للثورة السورية، لا تندم غادة العبار على ما مرت به من اعتقال، بل تشعر بالفخر لما قدمته في سبيل تحقيق أهداف الثورة التي تستحق ما هو أكثر من ذلك، على حد تعبيرها.
وصفت غادة لعنب بلدي ما مرت به قائلة، “من أول مظاهرة توضأت… اليوم أول مظاهرة وآخر مظاهرة، كنت مستعدة للشهادة”، وكان الاعتقال أمرًا متوقعًا أيضًا، بعدما لاقته المظاهرات والاعتصامات السلمية في مدينتها من قمع وضرب بالرصاص.
اعتقلت في الشهر العاشر من عام 2013 لمدة عشرة أشهر، تنقلت خلالها بين الأفرع الأمنية في دمشق، واختلفت أساليب التعذيب النفسية والجسدية التي عانت منها، من السجن الانفرادي، إلى الاستماع للتعذيب الوحشي الذي يمارَس على الشباب المعتقلين.
ورغم قسوة ما شهدت وسمعت إلا أنها قالت “كنت أشعر أنهم يخافون (عناصر الأمن)، لديهم خوف حتى من المعتقلين الذين كانوا يأخذونهم”.
من أسوأ ما مر عليها 15 يومًا من القلق والتوتر الشديد الذي منعها من الأكل والنوم، حينما اقتيدت إلى فرع لم تكن تعلم مكانه، ووضعت في زنزانة ضيقة منفردة، مع فصلها عن أختها التي اعتقلت معها.
مثلت الزنزانة الجماعية فرجًا لمحنتها، مع لقاء الأخت والاستئناس بالصحبة، ولكنها اختبرت لاحقًا أسبوعًا آخر من القلق والتوجس عقب نقلها مع أختها وفتاة أخرى إلى زنزانة واسعة في فرع آخر، دون تفسير أو تبرير.
“تقوقعت” كل واحدة على نفسها منتظرة لا تعرف ما سيجري، دون أن يجرؤن على الحديث مع بعضهن، وكان بدء التحقيق المتعب المهين مجددًا هو الجواب.
تعرضت للنقل مجددًا إلى أن وصلت إلى سجن عدرا الذي تمكنت فيه من استعادة حماسها ونشاطها الثوري، إذ أسهمت مع صديقاتها بإقامة أنشطة من دروس العدالة الانتقالية وحتى الهتاف والإضراب، غير متأثرات بالعقوبات التي تلقينها.
ما ساعدها على التعامل مع تلك الفترة، هو وجود مجموعة من الصديقات اللواتي شاركنها ذات البيئة والأفكار، على حد تعبيرها.
“كنت أشعر أن الثورة مستمرة حتى في الداخل.. لقد كنا معتقلات على أي حال”، ولم يكن لدى الأمن ما يستطيع أن يهددهن به.
كل ما اهتمت به غادة وصديقاتها حينها هو الاطمئنان على دوام الثورة في الخارج، ولكنهن تفاجأن عند خروجهن بوجود الخلافات بين الفصائل، وما حصل من مجازر، إضافة إلى ظهور تنظيم “الدولة الإسلامية” وهيمنته على الأوضاع عسكريًا في أكثر من منطقة.
لم تعانِ غادة من الرفض أو الطرد من المجتمع والأهل، بل على العكس استقبلت حال خروجها من الأهل والأصدقاء باحتفال كالعرس، وتلقت التشجيع منهم وأحست بفخرهم بها.
ما يعنيه الخروج بالنسبة لها هو طي صفحة الماضي، إلا أن “الذكرى باقية إن فتح أحدهم الموضوع نتكلم عما حدث معنا بالتفصيل نذكره يومًا بيوم”.
“ولكن على المشارك بالثورة والمؤمن بأهدافها أن يتوقع الاستشهاد والاعتقال، فهذا ما يعنيه الوقوف بوجه النظام وأجهزته الأمنية”، بحسب ما قالت المعتقلة السابقة.
تقيم غادة اليوم في إدلب، مع زوجها وطفليها، وتستمر بالعمل على تقديم ما تستطيع للثورة، وقالت “إن عدنا في يوم من الأيام فسنستمر بإذن الله، ولست بنادمة. إن ندمت على شيء فهو عدم فعلي للمزيد واستثماري لكل دقيقة للثورة وعدم تضييع أي دقيقة فيها ولا ثانية”.
نقلا عن عنب بلدي