للمرة الرابعة يعود “مصطفى العوني” إلى منزله خالي الوفاض، بعدما فشل في الحصول على حصة من المواد الغذائية، التي توزعها الوحدات الكردية داخل القرى العربية في ريف حلب الشرقي، على الرغم من تأكيدات سابقة لمسؤولين أكراد، بأن الكميات المتوفرة لديهم تكفي لمئات العائلات، لكن واقع الحال يشير إلى توزيع حصص رمزية لأغراض التصوير فقط.
يقول “العوني” في حديث خاص لـ”عربي 21″: “كأن حالة الحصار المفروض على آلاف العائلات العربية من قبل القوات الكردية وتنظيم الدولة لا تكفيها لتضاف إليها معاناة الحصول على المساعدات التي تتم سرقة معظمها، حيث تمتلئ رفوف المحال التجارية في مدينة عين العرب “كوباني” بالبضائع التي تحمل شعارات المنظمات الإغاثية الدولية”.
وبحسب العوني، فإن شاحنات إغاثة تحمل أطنانا من المساعدات تأتي إلى القرى العربية وتبدأ عملية توزيع الحصص التي تتوقف بعد فترة قصيرة بحجة أن الكمية محدودة، ليتفاجأ الأهالي بمغادرة الشاحنات برفقة الوحدات الكردية، بعد التقاط عدد كبير من الصور ومقاطع الفيديو للأهالي وهم يتسلمون الحصص ويشكرون هذه القوات على مبادرتها.
وأكد العوني على أن هذه الحالة لا تقتصر على قرية واحدة، بل تنتشر في العديد من قرى ريف حلب الشرقي، وأن أقرباءه وأصدقاءه في تلك القرى يمتلكون عشرات القصص المشابهة عن أساليب سرقة المساعدات الإغاثية من قبل الوحدات الكردية التي تستقدم المساعدات باسم المناطق العربية عبرا المنظمات الدولية.
من جهته، اتهم “عبد القادر السلوم”، وهو أحد وجهاء القرى العربية على ضفاف نهر الفرات، مسؤولي القوات الكردية بالمسؤولية عن السرقات التي تتعرض لها المساعدات والمعونات المرسلة إلى أهالي القرى العربية بريف حلب الشرقي، قائلا: “الوحدات الكردية تتسول باسمنا من المنظمات الدولية، لكنها لا تعطينا إلا الفتات”.
وأضاف السلوم في “حديث خاص” لـ”عربي 21″: إن الوحدات الكردية تحصل على دعم ضخم من السلع الغذائية لتوزيعها على سكان ريف حلب الشرقي، ولكنهم يقومون بإنفاق جزء بسيط منها في هذا المجال، والباقي يتم الاستيلاء عليه وتوزيعه على عناصر هذه الوحدات وقطعها العسكرية، وما يزيد يقومون ببيعه في الأسواق عن طريق تجار وسماسرة بأسعار منخفضة.
وأشار السلوم إلى أن بعض الطرق التي تقوم بها القوات الكردية من أجل الاستيلاء على المساعدات، هي الاتفاق مع تجار محسوبين عليها على شراء كميات ضخمة من المساعدات الغذائية التي يتم تحميلها في شاحنات والتوجه إلى القرى العربية، ويتم تصويرها وتوثيقها، وبعدها تقوم الوحدات الكردية بتوزيع حصص محدودة على الأهالي، فيما تذهب معظم الحصص الإغاثية إلى التاجر الذي بدوره يخصم ثمن الكمية الموزعة مع احتساب هامش ربح بسيط من عملية الاحتيال، التي تتم تحت لافتة العمل الإنساني.
يذكر أن “قوات الحماية الكردية”، التي تعتبر الجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني قد سيطرت على القرى العربية في ريف حلب الشرقي في منتصف يناير-كانون الأول لعام 2014، الأمر الذي أدى إلى ازدياد معاناة المدنيين رغم انتهاء العمليات العسكرية الأساسية فيها، والتي أسفرت عن هزيمة تنظيم الدولة هناك، حيث لا يبدو أن حلا يلوح في الأفق، يمكن أن يضع حداً لهذه المعاناة.
عربي21