28 مارس 2015 هو يوم تحررت فيه مدينة إدلب من حكم آل الأسد على يد جيش الفتح الذي بدأ التمهيد على مواقع تجمعات الأسد قبل 4 أيام بكافة الأسلحة الثقيلة وقُطعت الطرقات المؤدية إليها بشكل عام وتحاصر النظام بداخلها مع سكانها، واتخذت قوات النظام بعضاً منهم دروعاً بشرية في محاولة للنجاة بحياتهم إذا ما وقعوا بين أيدي الكتائب الثورية المشاركة في اقتحام مدينة إدلب، متناسين أن أخلاق المهاجمين إسلامية وتستند لمبادئ الحرب التي قال بها رسول الله (ص).
28 مارس تم تطهير مدينة إدلب من قوات النظام وميليشياته (الشبيحة) فخلت من مظاهر أولئك العناصر الذين عاثوا بها وبسكانها فساداً مستخدمين أساليب متنوعة لذلهم واستغلالهم وسلب أرزاقهم بقوة السلاح، مدينة وريفا وكل المناطق المحررة بسوريا ضجت بخبر (محافظة إدلب محررة بالكامل) مغمورة بمشاعر الفرح المدموجة بالدهشة بذاك الانتصار الساحق لقوات الأسد التي وصفت إدلب بأنها القرداحة الثانية نظراً لشدة التحصينات المفروضة عليها، إلا أنه خلال أيام معدودة سيطر جيش الفتح على كل شبر فيها مغتنماً المعدات الثقيلة والخفيفة والمتوسطة موقعاً العشرات من عناصر الأسد بين قتيل وجريح.
إلا أن الصدمة الكبرى كانت لموالي النظام المدنيين أو العسكريين الذين استطاعوا الهروب من إدلب آملين بالرجوع إليها مع قواتهم الباسلة بعد أيام من احتلالها كما يزعمون، ولأولئك الذين ارتدوا اللباس العسكري وشاركوا النظام بمعاركه ضد الثوار وغامروا بأرواحهم فتركوهم رؤوس النظام الفارين يواجهون مصيرهم بمفردهم، إلا أن البيان الذي أصدره جيش الفتح وهو على أسوار إدلب الوارد فيه (العفو الكامل لكل من ألقى سلاحه من قوات الأسد ولزم بيته ما لم تتلطخ يده بالدماء، محذرًا من البقاء في صفوف قوات الأسد، لأن مصيرهم كمصير أصحابهم ممن كانوا يدافعون على معسكرَيْ وادي الضيف والحامدية.
مقابل مشاعر السخط والغضب المنتشرة في الأوساط الشعبية في مناطق النظام عن كيفية تمكن المسلحين من السيطرة على مدينة إدلب وانسحاب القوات النظامية منها، اعترت السعادة نفوس سكان مدينة إدلب إلى جانب كل حر شريف يغار على أرضه وشعبه وصدحت مآذن المساجد بالتكبيرات وسط أجواء الترحيب بالمقاتلين من صفوف الثوار الذين كثير منهم لم يروا مدينتهم منذ أكثر من 3 سنين، زغاريد علت في السماء ودموع غطت العيون، فرحة أنست البشر أسراب الطائرات المتواجدة فوقهم، وأصوات وقع صواريخها وبراميلها تصدر من كل صوب في حالة جنونية لسلاح الجو المستهدف التجمعات والأبنية السكنية والمرافق الحيوية العامة، بهدف تفتيت محبة الحاضنة الشعبية لجيش الفتح على أنهم المتسبب الرئيسي في قصف المدينة.
ً سنة مضت على خروج محافظة إدلب من حكم النظام السوري، وهاهم سكانها يحتفلون بذكرى تحريرها، فقد غمرت الفرحة قلوبهم وكانا حدثا مهما لطالما انتظره كل مواطن حر عاش فيها، إلا أن فوبيا استعادة جيش النظام لإدلب تكتنف قلوب الكثيرين حيث لا يزال البعض لديه خوف كبير وأحاسيس مبعثرة عن رجوع النظام بعدته وعتاده والاستيلاء على مدينة إدلب من جديد والانتقام منها بطريقة حاقدة على البشر والحجر، وتدميرها بشكل كامل، وهذا أمر طبيعي بما أن النظام الأسدي خلال 5 سنوات الثورة لم يظهر الرحمة لكل من انتفض بوجهه وطالب بحقوقه ونيل حريته، بينما آخرون ثوار من أبناء محافظات أخرى مشاركين بالتحرير كانوا أو مدنيين عاكست آمالهم مخاوف سابقيهم بل وتعدت التفاؤل لمجرد أن تحريرها أعطاهم فسحة نور للتقدم على كل مناطق سيطرة النظام وتطهيرها.
أبو عبد الكريم مقاتل من حماة انضم لجيش الفتح قال لقناة الجزيرة عقب دخولهم مدينة إدلب:” دخلت المدينة مع المقاتلين وغمرتني الفرحة عند وصولي ساحة المدينة، فالمهم أن ننتصر على النظام أينما وجد في حماة أو حمص أو إدلب أو دمشق، المهم أن نقاتل. ومع ذلك تمنيت أن يكون الاحتفال القادم في مدينة حماة”.
لعل تلك الفوبيا الموجودة عند البعض بفعل انتشار الإشاعات من مؤيدي النظام سواء كانت أقاويل منقولة أم أخبار على وسائل إعلامهم خاصة حالياً في ذكرى تحرير مدينة إدلب جاءت خصيصاً لإضعاف إرادة سكان المناطق المحررة ووضعهم ضمن دائرة القلق من المستقبل المجهول المعالم وإبقائهم في حرب نفسية مع ذاتهم ومحيطهم وحاكمهم وبالتالي نشر الخلافات بين الجميع وتفشي التشتت، لكن على مد العهود أبرز الشعب السوري صموده ومقاومته لكل معتدي يريد تدنيس أرض سوريا وإذلال شعبها.
المركز الصحفي السوري – محار الحسن