تتواصل العاصفة الثلجية التي ضربت الجزائر منذ يومين، مخلفة عزلة كبيرة وحوادث متعددة، حيث لم تخرج العائلات في 600 قرية كاملة منذ يومين، خصوصاً بالمناطق الجبلية الوسطى منها والشرقية، والتي يفوق ارتفاعها 500 متر على سطح البحر.
وتشير مصلحة الأرصاد الجوية بالجزائر إلى تواصل الاضطرابات الجوية المحملة بالثلوج الكثيفة إلى غاية الأربعاء 18 يناير/كانون الثاني 2017، وقد يصل الثلج حتى إلى بعض الولايات الساحلية، بما فيها العاصمة.
ويقول رابح ميسوم، مسؤول بالمركز الوطني للأرصاد الجوية، لـ”هافينغتون بوست عربي”، إن العاصمة وولاية تيبازة وبومرداس، قد تشهد تساقطاً للثلوج في الساعات القليلة المقبلة؛ لأن العاصفة الثلجية ستمس المناطق التي تقع على ارتفاع 400 متر.
600 قرية تعزلها الثلوج
محمد بوشرفة، مسؤول بالمركز الوطني للإحصائيات في الجزائر، يؤكد لـ”هافينغتون بوست عربي”، أن أغلب القرى المعزولة تقع بالمناطق الجبلية والهضاب العليا الوسطى والشرقية، وبنسبة أقل غرب البلاد.
ويضيف أن “الولايات الأكثر تضرراً؛ هي: المدية وتيزي وزو والبويرة وبجاية وبرج بوعريريج وسطيف وباتنة ، “وهناك قرى لم تصلها بعد آلات وكاسحات الثلوج بسبب وضعية الطرقات”.
جمال خلوف، أحد سكان قرية بويمان، أقصى شمال غربي ولاية سطيف (300 كم عن العاصمة)، يؤكد هو الآخر لـ”هافينغتون بوست عربي”، أن “أهالي القرية لم يخرجوا منذ يومين؛ بسبب وضعية الطرقات المغلقة بالثلوج”.
فيما يقول يوسف بوهون، رئيس دائرة بوعنداس التي تنتمي إليها قرية بويمان، لـ”هافينغتون بوست عربي” إن المشكل ليس في توفير الآليات؛ بل في المنعرجات والمنعطفات الوعرة.
ويضيف: “الآليات التي سخرناها لإزاحة الثلوج ضخمة، وهناك مواقع لا يمكن وصولها؛ بسبب المنعرجات الصعبة، وتواصل تساقط الثلوج بها، مع الضباب شبه الدائم هناك، ومن ثم فنحن نعتمد على زرع الملح، وتخصيص آليات أقل حجماً؛ علها تحتوي تلك المناطق”.
الجيش
من جهتهم، يشتغل جنود من الجيش الجزائري منذ 13 يناير في فتح الطرقات المغلقة.
وأكد تقرير للتلفزيون العمومي الجزائري قيام قيادة الجيش بتوجيه تعليمات لكل وحداته بمختلف المناطق التي تعرف تساقطاً للثلوج؛ قصد التدخل لفتح الطرقات وفك العزلة عن المواطنين.
قتلى وجرحى
نسيم برناوي، المكلف الإعلام لدى المديرية العامة للحماية المدنية بالجزائر، يشير إلى تسجيل 7 وفيات وإنقاذ حياة 50 آخرين في اليومين الأخيرين على المستوى الوطني.
ويقول برناوي لـ”هافينغتون بوست عربي”، إن 5 منهم ماتوا اختناقاً بالغاز، فيما توفي شخصان في حوادث الطرقات.
وأكد تشكيل فرق متنقلة وراجلة؛ من أجل إجلاء الحالات المستعصية بسبب كثافة الثلوج، وانسداد الطرقات، تستهدف بالدرجة الأولى المرضى وكبار السن والنساء الحوامل.
الحمار للإجلاء
وفي منطقة بني موحلي التي تبعد عن عاصمة ولاية سطيف بـ80 كم، تترامى القرى والمداشر، وتزداد عزلة مع التساقط الكثيف للثلوج، إلى درجة أن سكانها باتوا يعتمدون على الحمير لإجلاء مرضاهم!
ليلة الأحد 15 يناير/ كانون الثاني 2017، قامت عائلة حمادو بنقل امرأة حامل على ظهر حمار، حتى الطريق الولائي، ليتم نقلها فيما بعد باستعمال سيارة الحماية المدنية لدائرة بني ورثيلان.
ويقول حسين حمادو رب العائلة، إن القرية التي يقطنون بها بعيدة عن الطريق الولائي المعبَّد، ومن ثم “فنحن نعتمد كثيراً على الحمار في مثل هذه الظروف”.
ويضيف حسين لـ”هافينغتون بوست عربي” أن هذا الأمر كثيراً ما يتكرر بالمنطقة في الشتاء؛ “بل هناك نساء يلدن بطريقة تقليدية، وهناك اللاتي يلدن وهن في الطريق”.
كشاط توفيق قائد وحدة الحماية المدنية لدائرة بني ورثيلان، يؤكد إجلاء حالتين بالصورة نفسها، الأولى من بني موحلي والثانية من بني ورثيلان، “وتم نقل الحاملين إلى مصلحة التوليد وهما بصحة جيدة”.
ويقول كشاط لـ”هافينغتون بوست عربي” إن الطرقات ضيقة، ومع العاصفة الثلجية “نجد أنفسنا أمام مشكل تنقلنا بسيارة الإسعاف وحتى الشاحنة، لذا يجب التأقلم مع بعض الحلول الجانبية التي يجدها المواطنون”.
عودة للحطب
أمام درجات الحرارة المتدنية، وانعدام شبكة الغاز الطبيعي بعدد من المناطق، تعتمد العائلات على الاحتطاب كحل لتوفير التدفئة.
فدليلة زوجة سليمان عزازفة بمنطقة عين مدح ببوقاعة شرق العاصمة الجزائر، تؤكد لـ”هافينغتون بوست عربي” اعتمادهم على الحطب في التدفئة وحتى الطهي، مشيرة إلى أن قريتهم غير موصولة بشبكة غاز المدينة.
وتضيف: “هناك عشرات العائلات بحالنا هنا، تقوم بجمع الحطب من الغابات المحاذية؛ من أجل توفير التدفئة، ونحن على هذه الحالة منذ أكثر من 13 سنة كاملة”.
المصدر:هافينغتون بوست عربي