الحرب المستمرة منذ خمس سنوات في سوريا مازالت تلقي بظلالها الثقيلة على المدنيين، وتداعياتها السلبية حاضرة في تفاصيل حياتهم اليومية، فالقصف والتهجير وفقدان الأعزاء خلف تبعات جسدية ونفسية قد لا تزول آثارها حتى بعد أن تضع الحرب أوزارها.
الأطفال كان لهم النصيب الأكبر، في كل أشكال المعاناة من القتل والإصابة والنزوح، ولئن امتلأت ذاكرة البعض منهم بمشاهد الدمار إلا أن الألم كان حاضرا على أجساد الكثيرين شاهدا على مأساة ماثلة أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي.
طائرات تابعة لقوات النظام كانت كفيلة بتغييب أكبر أبناء “حسن عبود” التسعة وإخماد صوت خمسة منهم أيضا، لينتهي بهم المطاف أخيرا لاجئين في مدينة إزمير التركية.
لجأ عبود البالغ من العمر 44 عامًا مع أسرته إلى تركيا قبل 8 أشهر، عقب قصف طال منزلهم في حلب، وأسفر عن مقتل ولده الأكبر، وإصابة آخر، وتسبب في فقدان خمسة آخرين للنطق أحدهم في الثالثة من عمره.
وقال عبود للأناضول “كنت أعمل في مجال تجارة الأحذية في حلب، طائرات الأسد لم تأت فقط على أحلامنا في المستقبل بل سلبت منا الحاضرأيضا، كاد يشيب شعر أطفالي حينها من الرعب”.
وأضاف “قصفت طائرة منزلي، واستشهد ولدي البكر، وأصيب الآخرون بجروح تعافوا منها لاحقا إلا أن الخمسة مازالوا يعانون من صعوبة في النطق حتى اليوم”.
“لم أجد أمامي سوى مغادرة حلب واللجوء إلى تركيا، وتطلب الأمر أن نسير ثلاثة ايام على أقدامنا، الحمد الله أني خرجت بعائلتي بسلام وأدعوا الله أن يمن عليهم بالشفاء في اقرب وقت”، يقول عبود.
شمس عبود (زوجة حسن) قالت إن “أحد الأولاد بقي في العناية المشددة خمسة أيام، ما تزال تلك الصورة أمام ناظري.. ابني البكر كان شابًا فتيًا..استشهد أمامي.. كانت لدينا أحلام وأمنيات لكنها ماتت في حينها”.
أحمد (19 عامًا) أحد أبناء عائلة عبود، وصف لحظات القصف بالقول “كنا نعمل مع والدي في الدكان، فجأة سقط صاروخ في الحي، ثم خرجنا لنرى منزلنا قد تهدّم، في تلك اللحظة سقطت قذيفة أخرى، وأصبت بشظايا في ظهري طرحتني في المشفى 5 أيام، لأستيقظ على نبأ استشاد أخي الأكبر”.
أما مروى (13 عامًا) فقالت إن لحظات الخوف التي عايشتها قبل خروجها من حلب مازالة حاضرة أمامها “ولا زلت أشعر بالذعر لدى سماعي صوت طائرة أو اي صوت يشبه دوي الانفجار”.
الأناضول