في سوريا يكفي أن تكون ابن مدينة انتفض شعبها ضد نظام الأسد، لكي تتعرض لأبشع الاهانات والانعكاسات السلبية على مجمل جوانب حياتك العلمية والاجتماعية، وهكذا أصبح حال طلاب درعا بعد الاتهامات المتتالية لهم بأنهم إرهابيون ينتمون لمدينة ثائرة بوجه نظام الأسد.
11 أبريل 2011، أول يوم تدخل فيه الاحتجاجات إلى حرم الجامعات السورية عندما اعتصم مئات الطلاب في جامعة دمشق وهتفوا لحرية سورية، وقال ناشط كردي في المدينة الجامعية لـلعربية. نت:” إن طلاباً أغلبهم من درعا والقامشلي وبانياس يخططون لاعتصام شامل منذ أيام، إلا أن التواجد الأمني المكثف يحيل دون ذلك، لكنهم يعتزمون تنفيذه اليوم”.
بعد ذلك أصبح النظام يضيق الخناق على طلاب درعا الجامعيين، ويوجه أصابع الاتهام لهم في أي أمر يحدث داخل الجامعة أو حتى في مناطق سكنهم الجامعي، “محمود” من درعا طالب في جامعة تشرين يقول:” تعرضت بسيارتي لحادث سير في أحد شوارع اللاذقية، اقتادوني على أثره الشبيحة ( اللجان الشعبية ) إلى فرع أمن الدولة ومارسوا بحقي التعذيب بتهمة أني أريد تفجير السيارة، فقط كوني من درعا”.
داخل السكن الجامعي أو في المنازل التي يستأجرونها في أحياء المدينة، يبقى طلاب درعا الشباب عرضة للتحقيقات الأمنية بشكل دائم لضرورات أمنية تحمي المنطقة، عماد من درعا بتشرين يقول:” اعتدنا الذهاب مراراً وتكراراً إلى الأفرع الأمنية لنخضع للمسح السياسي، هذا غير ضرب أسمائنا ( فيشة ) بعد أن يطرق أبواب منازلنا أشخاصً على أنهم من البلدية أو أيا كان ليثقوا أننا غير متورطين بشيء سياسي”.
كثير من شباب درعا الجامعيين إلى حين مغادرتهم الأراضي السورية، تفاجؤوا بوجود أسمائهم على الحدود السورية ليراجعوا الأفرع الأمنية مجدداً، لذلك اضطر معظمهم خلال فترة تواجدهم في اللاذقية إلى التمثل بعدة سمات تتصف بها الطائفة العلوية لإبعاد الشبهات عنهم، مثل التحدث بلهجتهم وتمجيد بشار الأسد، والتقمص بطريقة لباسهم وحركاتهم، ورغم ذلك تم فصل عشرات الطلبة من جامعة تشرين.
أما بعد تحرير غالبية المناطق بدرعا وريفها من قبل الكتائب الثورية، صب النظام جام حقده على كل ما يصادفه من درعا كردة فعل انتقامية لخسارته موقعه هناك، مما اضطر الكثير منهم لترك مقاعد الدراسة والعودة إلى مناطقهم أو الهجرة خارج سوريا، جراء اعتقالهم وقتل العديد منهم واختطافهم على الطرقات في ظل انتشار حواجز أمنية للنظام بشكل دائم.
هكذا تتلاشى آمال الطلاب الجامعيين وتكبر همومهم مع ازدياد وتيرة الحرب السورية، بعد أن لجؤوا للتقليل من حدة الضغوطات الظاهرية عليهم، ليعيش معظمهم بقية حياتهم يعانون من التدهور النفسي ويدفعون مقابل استمرارية حياتهم التخلي عن مستقبلهم الموعود.
المركز الصحفي السوري – محار الحسن